نشأته وبداياته
ولد كوستا خيتاغوروف في قرية نار (بالأوسيتية: Нар)، في مقاطعة ألاغير في أوسيتيا الشمالية (الآن جزء من روسيا) في 15 أكتوبر 1859. نشأ في بيئة ريفية، وورث حبًا عميقًا لطبيعة وطنه وثقافته من عائلته. تلقى تعليمه المبكر في المدرسة الإقليمية في ألاغير، ثم التحق بمدرسة جوردون في تبليسي (جورجيا). أظهر خيتاغوروف موهبة فنية في سن مبكرة، وبدأ في تطوير اهتمامه بالأدب والرسم في وقت واحد.
في عام 1881، التحق بأكاديمية الفنون الإمبراطورية في سانت بطرسبرغ، حيث درس الرسم. خلال فترة دراسته، تأثر خيتاغوروف بالفنانين التقدميين والمفكرين الذين كانوا يدعون إلى الإصلاح الاجتماعي والتعبير عن التجارب الإنسانية من خلال الفن. في هذه الفترة، بدأ أيضًا في كتابة الشعر باللغتين الأوسيتية والروسية، معبرًا عن قلقه بشأن الظلم الاجتماعي والفقر الذي يعاني منه شعبه.
أعماله الشعرية والأدبية
كانت أشعار خيتاغوروف مليئة بالعمق العاطفي والقوة الروحية، وعكست تطلعات الشعب الأوسيتي، ونددت بالظلم الاجتماعي والوطني. من بين أشهر أعماله:
- “أوسيتيا” (Ирон фæндыр): قصيدة ملحمية تعبر عن حب خيتاغوروف لوطنه، وتصف تاريخ وثقافة الشعب الأوسيتي، وتعبر عن حنينه إلى العودة إلى موطنه الأم.
- “المرأة” (Уæларвмæ): قصيدة تدافع عن حقوق المرأة وتعبر عن إعجابه بجمالها وقوتها الداخلية.
- “الربيع” (Уалдзæг): قصيدة تصف جمال الطبيعة وتفاؤل الشاعر بمستقبل أفضل.
- “إلى الأوسيتيين” (Ирæттæм): قصيدة تحث شعبه على الوحدة والعمل من أجل مستقبل أفضل.
لم تكن كتابات خيتاغوروف مجرد تعبير عن الذات، بل كانت بمثابة منبر للدفاع عن حقوق شعبه. كان يستخدم شعره لإثارة الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي تؤثر على الأوسيتيين، مثل الفقر والظلم والتمييز.
نشاطه الاجتماعي والسياسي
بالإضافة إلى كتاباته الشعرية، كان خيتاغوروف ناشطًا اجتماعيًا ملتزمًا بقضايا شعبه. شارك في العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين أوضاع الأوسيتيين، مثل:
- المشاركة في تأسيس مجلة “إيرون فاندير” (Iрон фӕндыр): وهي مجلة أدبية وثقافية ساهمت في نشر الأدب والثقافة الأوسيتية وتعزيز الهوية الوطنية.
- الدفاع عن حقوق الفلاحين: عارض خيتاغوروف بشدة الإقطاع والظلم الذي يتعرض له الفلاحون الأوسيتيون.
- المساهمة في تعليم الشباب: دعم خيتاغوروف تعليم الشباب الأوسيتيين، ورأى في التعليم وسيلة للنهوض بالمجتمع.
أدى نشاطه الاجتماعي والسياسي إلى تعرضه للمضايقات من قبل السلطات القيصرية، التي اعتبرته تهديدًا للنظام. تم نفيه من أوسيتيا عدة مرات بسبب آرائه التقدمية ومواقفه المناهضة للظلم.
أعماله الفنية
بالإضافة إلى إسهاماته الأدبية، كان خيتاغوروف فنانًا موهوبًا. أنتج عددًا كبيرًا من اللوحات والرسومات التي تعكس مشاهد من الحياة الأوسيتية، وصورًا شخصية للأفراد، ومناظر طبيعية خلابة. تتميز أعماله الفنية بأسلوب واقعي يعكس حساسيته تجاه الجمال والإنسانية. من بين أعماله الفنية البارزة:
- “المرأة الأوسيتية”: صورة تصور امرأة أوسيتية ترتدي الزي التقليدي، وتعبر عن جمال المرأة الأوسيتية وقوتها.
- “الرقص الأوسيتي”: لوحة تصور مشهدًا من الرقص الأوسيتي التقليدي، وتعكس حيوية وثقافة الشعب الأوسيتي.
- “منظر طبيعي جبلي”: سلسلة من اللوحات التي تصور مناظر طبيعية جبلية خلابة في أوسيتيا.
لم تكن أعماله الفنية مجرد تعبير عن موهبته، بل كانت أيضًا وسيلة للتعبير عن هويته الوطنية والثقافية. كان يستخدم الفن لإحياء الثقافة الأوسيتية ونشر الوعي بها.
إرثه وتأثيره
ترك كوستا خيتاغوروف إرثًا دائمًا في الأدب والثقافة الأوسيتية. تعتبر أشعاره ورسوماته جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي الأوسيتي. يحتفل به الأوسيتيون كبطل قومي، وتكريما له، أُطلق اسمه على العديد من المعالم والمؤسسات في أوسيتيا، مثل:
- جامعة شمال أوسيتيا الحكومية: تحمل الجامعة اسمه، وهي مؤسسة تعليمية مرموقة في المنطقة.
- مسرح الدولة الأوسيتي: يكرّم هذا المسرح التراث الثقافي لخيتاغوروف ويقدم عروضًا مسرحية مستوحاة من أعماله.
- العديد من النصب التذكارية والتماثيل: تنتشر في أوسيتيا نصب تذكارية وتماثيل لكوستا خيتاغوروف، تخليدًا لذكراه.
ألهمت كتابات خيتاغوروف أجيالًا من الكتاب والفنانين الأوسيتيين، ولا تزال أعماله تُدرس في المدارس والجامعات في أوسيتيا، وتُقرأ على نطاق واسع من قبل الأوسيتيين في جميع أنحاء العالم. يعتبر مثالًا على الشاعر والفنان الذي كرّس حياته للدفاع عن حقوق شعبه وتعزيز ثقافته.
وفاته
توفي كوستا خيتاغوروف في 19 مارس 1906، في قرية غولي في أوسيتيا الشمالية. على الرغم من وفاته المبكرة، إلا أن إرثه استمر في النمو والازدهار. يعتبر خيتاغوروف رمزًا للوحدة الوطنية والنهضة الثقافية للشعب الأوسيتي. جسّد روحه الوطنية في أشعاره ولوحاته، تاركًا وراءه إرثًا خالدًا من الإلهام.
خاتمة
كان كوستا خيتاغوروف شاعرًا وفنانًا ومدافعًا عن حقوق الشعب الأوسيتي. ترك إرثًا دائمًا في الأدب والثقافة الأوسيتية من خلال أشعاره ولوحاته. يعتبر رمزًا للوحدة الوطنية والنهضة الثقافية، ولا تزال أعماله تلهم الأجيال القادمة.
المراجع
- Kosta Khetagurov – Britannica
- Коста Хетагуров – Осетия
- Хетагуров Коста Леванович – Министерство Культуры Российской Федерации
- Коста Хетагуров: поэт и художник, борец за свободу – Кавказский Узел
“`