أصل المفهوم وأهميته الكتابية
يرجع أصل مفهوم البقية إلى الكتاب المقدس نفسه، حيث يظهر في كل من العهد القديم والعهد الجديد. في العهد القديم، يشير مصطلح “البقية” إلى مجموعة صغيرة من المؤمنين الذين نجوا من الكوارث والاضطهادات، وظلوا أمناء لله في أوقات الارتداد العام. على سبيل المثال، بعد أن أُهلك العالم بالطوفان، بقيت عائلة نوح، وكانت بمثابة بقية للبشرية. وفي زمن إيليا، عندما بدا أن إسرائيل بأسرها قد ارتدت عن الله، وعد الله إيليا بأنه ترك لنفسه سبعة آلاف رجل لم يسجدوا لبعل (ملوك الأول 19: 18). هؤلاء كانوا البقية الأمينة.
في العهد الجديد، يؤكد بولس الرسول على أن الله لا يرفض شعبه، ولكنه يحتفظ ببقية مختارة بنعمة (رومية 11: 5). هذه البقية هي أولئك الذين يقبلون يسوع المسيح كمخلص لهم. هذا المفهوم يؤكد على أن الله دائماً ما يحتفظ بشعب أمين له، حتى في أحلك الأوقات.
خصائص البقية
تتميز البقية بعدة خصائص رئيسية، تجعلها متميزة عن بقية العالم:
- الطاعة لوصايا الله: تُعرّف البقية بأنها “الذين يحفظون وصايا الله” (رؤيا 12: 17). وهذا يشمل الوصايا العشر، بما في ذلك وصية حفظ السبت.
- الإيمان بيسوع المسيح: تؤمن البقية بيسوع المسيح كمخلصهم وربهم. إنهم يقبلون ذبيحته الكفارية من أجل خطاياهم، ويسعون إلى عيش حياة تليق بإيمانهم.
- الشهادة لإنجيل الأبدية: تشارك البقية في مهمة إعلان إنجيل الأبدية للعالم بأسره (رؤيا 14: 6). إنهم يدعون الآخرين إلى التوبة والإيمان بيسوع المسيح.
- الصبر والإيمان: تمر البقية بفترات من الاضطهاد والضيق، ولكنها تظل صابرة ومؤمنة، واثقة من أن الله سيعتني بها.
- الإقامة في المسيح: يعيش أفراد البقية في علاقة وثيقة مع المسيح، ويعتمدون عليه في كل جوانب حياتهم.
- التمسك بالحق: تتمسك البقية بالحق الكتابي في وجه كل أنواع الضلال والبدع.
دور البقية في الأحداث الأخيرة
تلعب البقية دورًا حاسمًا في الأحداث الأخيرة. فهي:
- تعلن رسالة الأيام الأخيرة: تقوم البقية بإعلان رسالة الأيام الأخيرة للعالم، بما في ذلك رسالة الملائكة الثلاثة في سفر الرؤيا (رؤيا 14: 6-12). تدعو هذه الرسالة إلى الخوف من الله، وإعطائه المجد، والعبادة الحقيقية، والابتعاد عن الباطل.
- تشهد ليسوع: تشهد البقية ليسوع المسيح، وتدعو الآخرين إلى قبوله كرب ومخلص.
- تُظهر صفات المسيح: تظهر البقية صفات المسيح في حياتها، من خلال المحبة، والرحمة، والخدمة، والبر.
- تُشارك في عمل الدينونة: يُشارك أعضاء البقية في عمل الدينونة قبل مجيء المسيح الثاني، وذلك من خلال عيش حياة مقدسة، والتوبة عن الخطايا.
- تُشارك في عمل الترميم: تقوم البقية بدور في تجديد وتأسيس كل الأشياء في الملكوت الأبدي.
علامات البقية
هناك بعض العلامات التي تشير إلى وجود البقية في كنيسة معينة. هذه العلامات تشمل:
- التمسك بالكتاب المقدس كأساس للإيمان: تتبنى البقية الكتاب المقدس كسلطة عليا، وتفسّر كل شيء في ضوء كلمته.
- إعلان رسالة الأيام الأخيرة: تعلن البقية رسالة الأيام الأخيرة، بما في ذلك رسالة الملائكة الثلاثة، وتنشرها في العالم.
- الالتزام بوصايا الله: تلتزم البقية بوصايا الله، بما في ذلك حفظ السبت.
- التركيز على المسيح: تضع البقية المسيح في مركز حياتها، وتدعو الآخرين إلى علاقة شخصية معه.
- الروح النبوية: تظهر البقية احترامًا للروح النبوية، والإيمان بالنبوءات الكتابية.
- المحبة والأخوة: تظهر البقية محبة صادقة وأخوة حقيقية لبعضها البعض.
البقية والكنيسة الأدفنتستية اليوم السابع
يعتقد الأدفنتستيون اليوم السابع أن كنيستهم هي البقية المذكورة في سفر الرؤيا. فهم يؤمنون بأنهم يلبون الشروط التي حددها الكتاب المقدس للبقية، من خلال التزامهم بالكتاب المقدس، والإيمان بيسوع المسيح، وحفظ وصايا الله، وإعلان رسالة الأيام الأخيرة. يؤمنون أيضًا بأنهم يمرون بفترة من الاضطهاد، ويواجهون تحديات روحية، مما يؤكد أنهم هم البقية الموعودة.
التحديات التي تواجهها البقية
تواجه البقية العديد من التحديات في الأيام الأخيرة، منها:
- الاضطهاد: تتعرض البقية للاضطهاد من قبل قوى الشر، التي تسعى إلى القضاء عليها.
- الضلال: تواجه البقية ضلالًا روحية، وأفكارًا كاذبة، والتي قد تؤدي إلى إبعادهم عن الحق.
- الإغراء: تُغرى البقية بالملذات الدنيوية، والمال، والسلطة، مما قد يقودهم إلى التهاون في إيمانهم.
- الوحدة: قد تشعر البقية بالوحدة والعزلة، خاصة في المناطق التي لا يوجد فيها عدد كبير من المؤمنين.
من المهم أن تظل البقية يقظة وصلبة في إيمانها، وأن تعتمد على الله ليقودها ويحميها.
الاستعداد للمستقبل
الاستعداد للمستقبل يتطلب من أعضاء البقية:
- تقوية العلاقة مع الله: من خلال الصلاة، ودراسة الكتاب المقدس، والعبادة.
- عيش حياة مقدسة: من خلال الابتعاد عن الخطية، والسعي إلى البر.
- مشاركة الإنجيل مع الآخرين: من خلال الشهادة ليسوع المسيح، ودعوة الآخرين إلى الإيمان.
- الاستعداد للمجيء الثاني: من خلال الانتظار بثقة ويقين في مجيء المسيح.
أهمية البقية في العصر الحالي
في العصر الحالي، حيث يزداد الظلام الأخلاقي والروحي، تزداد أهمية البقية. البقية هي المنارة التي تضيء الطريق، وتعطي الأمل للعالم. إنها صوت الله الذي يدعو الناس إلى التوبة والإيمان. من خلال شهادتها وإيمانها، تظهر البقية قوة الإنجيل، وتُظهر للعالم أن الله لا يزال موجودًا ويعمل في حياة الناس. البقية هي الأمل الأخير للبشرية.
العلاقة بين البقية والكنيسة
البقية ليست كنيسة منفصلة أو مجموعة منشقة، بل هي الجزء الأمين من الكنيسة الجامعة. فهي تمثل أولئك الذين يظلون أوفياء لله في كل كنيسة، بغض النظر عن الطائفة التي ينتمون إليها. في هذا السياق، تلعب الكنيسة دورًا مهمًا في دعم وتأهيل البقية. فمن خلال التعليم والتدريب الروحي، توفر الكنيسة بيئة مناسبة لنمو الإيمان وتقوية العلاقات مع الله. بالإضافة إلى ذلك، من خلال ممارسة المحبة والأخوة، تشكل الكنيسة مجتمعًا داعمًا يشجع أعضائه على الثبات في الإيمان في وجه التحديات.
خاتمة
مفهوم البقية هو مفهوم أساسي في اللاهوت الأدفنتستي. يشير إلى مجموعة من المؤمنين الذين يظلون أوفياء لله في الأيام الأخيرة. تتميز البقية بالإيمان بالمسيح، والطاعة لوصايا الله، وإعلان رسالة الأيام الأخيرة. تلعب البقية دورًا حاسمًا في الأحداث الأخيرة، وهي أمل البشرية في عالم يزداد فيه الظلام. إن الانتماء إلى البقية ليس مجرد إعلان إيماني، بل هو نمط حياة يتطلب الالتزام والجهاد الروحي. يجب على كل مؤمن أن يسعى إلى أن يكون جزءًا من هذه البقية، من خلال العيش في طاعة لله، والشهادة ليسوع المسيح، والاستعداد لمجيئه الثاني.
المراجع
- Adventist.org – The Remnant and Its Mission
- Amazing Facts – The Remnant
- Ellen G. White Estate – The Great Controversy
- Bible Gateway – Online Bible
“`