خلفية تاريخية
نشأت فكرة اختيار الشمامسة في وقت مبكر من تاريخ الكنيسة، وتحديدًا في الفترة التي تلت صعود المسيح مباشرة. مع تزايد أعداد المؤمنين، واجهت الكنيسة تحديات في تلبية احتياجاتهم اليومية. كان هناك تمييز بين المؤمنين الناطقين باليونانية والعبرية في توزيع المعونة، مما أدى إلى تذمر. استجاب الرسل لهذا الوضع من خلال اقتراح اختيار رجال ذوي سمعة طيبة ممتلئين بالروح القدس والحكمة، لتولي هذه المهمة. يظهر هذا في سفر أعمال الرسل، الفصل السادس.
الانتخاب والتعيين
اقترح الرسل على المؤمنين اختيار سبعة رجال ليخدموا في هذه المهمة. كان هؤلاء الرجال يجب أن يتمتعوا بصفات معينة، مثل السمعة الحسنة، والملء بالروح القدس، والحكمة. اختار المؤمنون سبعة رجال، ثم قام الرسل بوضع الأيدي عليهم والصلاة من أجلهم. هذه العملية تظهر الأهمية التي كانت توليها الكنيسة المبكرة للروحانية والقيادة الروحية في كل جوانب الحياة الكنسية. تم اختيار هؤلاء الرجال من بين المؤمنين، مما يدل على أن الكنيسة كانت مجتمعًا يشارك فيه الجميع في المسؤولية.
أسماء الشمامسة السبعة
وردت أسماء الشمامسة السبعة في سفر أعمال الرسل 6: 5. وهم:
- اسطفانوس: كان رجلاً ممتلئًا بالإيمان والروح القدس، وأظهر قوة كبيرة في القيام بالآيات والعجائب بين الشعب.
- فيليبس: كان مبشرًا نشطًا، وقد بشر بالإنجيل في السامرة، وقاد الخصي الإثيوبي إلى الإيمان.
- فوروخورس: أحد الشمامسة المذكورين.
- نيكانور: أحد الشمامسة المذكورين.
- تيمون: أحد الشمامسة المذكورين.
- برومينوس: أحد الشمامسة المذكورين.
- نيقولاوس: دخيل من إنطاكية، وهو أول من انضم إلى الكنيسة من الوثنيين.
كان لكل من هؤلاء الرجال دور مهم في نشر الإنجيل وخدمة المجتمع المسيحي. أثبتوا أنفسهم كقادة روحيين وعمليين، مما ساهم في نمو الكنيسة وتوسعها.
أعمال الشمامسة السبعة
كانت مهام الشمامسة السبعة متعددة الجوانب، وتضمنت:
- خدمة المحتاجين: كان الشمامسة مسؤولين عن توزيع الطعام والمال على الأرامل والفقراء والمحتاجين في المجتمع المسيحي.
- توزيع الصدقات: قاموا بتوزيع الصدقات والعطايا على المحتاجين، مما ساهم في تخفيف المعاناة وتقديم الدعم المادي للمؤمنين.
- الاهتمام بالشؤون المادية للكنيسة: تولوا إدارة الأمور المالية للكنيسة، وضمان استخدام الموارد بشكل فعال وعادل.
- التبشير والتعليم: بالإضافة إلى مهامهم الإدارية، قام بعض الشمامسة بالتبشير وتعليم الإنجيل. كان هذا مهمًا في نشر رسالة المسيح وتوسيع نطاق الكنيسة.
من خلال أداء هذه المهام، ساهم الشمامسة في بناء مجتمع مسيحي قوي ومتماسك، يهتم بأفراده ويقدم لهم الدعم الروحي والمادي.
أهمية اسطفانوس
يُعتبر اسطفانوس من أبرز الشمامسة السبعة، ليس فقط بسبب إيمانه القوي وملئه بالروح القدس، بل أيضًا لأنه كان أول شهيد في الكنيسة المسيحية. قام اسطفانوس بالدفاع عن إيمانه أمام السنهدريم، وتعرض للمحاكمة بسبب تعليمه. في خطابه، أشار إلى تاريخ إسرائيل وكيف رفضوا الأنبياء، وانتهى بتأكيد رؤيته ليسوع جالسًا عن يمين الله. نتيجة لذلك، رجم اسطفانوس حتى الموت، وهو يطلب من الله أن يغفر لقاتليه. استشهاد اسطفانوس كان له تأثير كبير على المؤمنين، وألهمهم بالتمسك بإيمانهم حتى الموت. كما أثار اضطهادًا ضد المسيحيين، مما أدى إلى انتشار الإنجيل خارج أورشليم.
دور فيليبس
كان فيليبس أيضًا من الشمامسة السبعة الذين لعبوا دورًا حيويًا في انتشار الإنجيل. بعد استشهاد اسطفانوس، تعرض المسيحيون للاضطهاد، وتفرقوا في جميع أنحاء اليهودية والسامرة. فيليبس ذهب إلى السامرة وبشر بالإنجيل، وصنع آيات وعجائب. آمن الكثيرون بالرب، واعتمدوا. ثم أمره ملاك الرب بالذهاب إلى طريق مؤدٍ إلى غزة، وهناك التقى بالخصي الإثيوبي، وهو مسؤول رفيع المستوى كان يقرأ في سفر إشعياء. شرح فيليبس للخصي معنى النبوءة، وبعد ذلك اعتمد الخصي، وعاد إلى بلاده فرحًا. يظهر هذا الحدث كيف استخدم الله فيليبس لتبشير غير اليهود ونشر الإنجيل إلى أبعد من حدود اليهودية.
تأثير الشمامسة السبعة على الكنيسة
كان لخدمة الشمامسة السبعة تأثير عميق على الكنيسة المسيحية المبكرة. لقد:
- ساهموا في نمو الكنيسة: من خلال خدمتهم للمجتمع، وتمكين الرسل من التركيز على التبشير والتعليم، ساعد الشمامسة على نمو عدد المؤمنين وانتشار الإنجيل.
- أرسوا أسس التنظيم الكنسي: أظهر اختيار الشمامسة الحاجة إلى هيكل تنظيمي في الكنيسة، مما سمح لها بالعمل بكفاءة أكبر وتلبية احتياجات المؤمنين بشكل أفضل.
- أظهروا أهمية الخدمة: أظهر الشمامسة أن الخدمة والاهتمام بالمحتاجين كانا جزءًا أساسيًا من الإيمان المسيحي.
- مثلوا مثالًا للقيادة: قدم الشمامسة مثالًا للقيادة القائمة على الروحانية والخدمة، مما ألهم المؤمنين الآخرين للمشاركة في حياة الكنيسة.
بشكل عام، كان للشمامسة السبعة دور حاسم في بناء الكنيسة المسيحية المبكرة، ووضع الأساس لنموها وتوسعها في العالم.
الشمامسة السبعة اليوم
على الرغم من أن دور الشمامسة السبعة في الكنيسة المبكرة كان محددًا، إلا أن مبادئ خدمتهم لا تزال ذات صلة بالكنيسة اليوم. يمثلون مثالًا للخدمة والتفاني والاهتمام بالآخرين. في العديد من الطوائف المسيحية، لا يزال هناك شماسة يقومون بمهام مماثلة، مثل مساعدة الفقراء، وتوزيع المعونة، والاهتمام بالشؤون المادية للكنيسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن روح الخدمة التي تجسدها الشمامسة السبعة لا تزال جزءًا أساسيًا من الإيمان المسيحي. يشجع المسيحيون على خدمة الآخرين، وتقديم الدعم للمحتاجين، والعمل على بناء مجتمع أكثر عدالة ورحمة.
خاتمة
كان الشمامسة السبعة شخصيات محورية في الكنيسة المسيحية المبكرة، حيث أحدثوا تغييرًا كبيرًا في كيفية إدارة الكنيسة وتلبية احتياجات مجتمعها. من خلال خدمتهم وتفانيهم، ساهموا في نمو الكنيسة وتوسعها، وأرسوا أسس التنظيم الكنسي، وأظهروا أهمية الخدمة المسيحية. يمثلون مثالًا للقيادة الروحية والعملية، وتأثيرهم لا يزال محسوسًا في الكنيسة حتى يومنا هذا. إن قصتهم تذكرنا بأهمية الاهتمام بالآخرين، والعمل على بناء مجتمع أكثر عدالة ورحمة، وهي قيم أساسية للإيمان المسيحي.
المراجع
- سفر أعمال الرسل 6 (ترجمة الكتاب المقدس)
- اسطفانوس (موسوعة بريتانيكا)
- من هم الشمامسة السبعة؟ (Got Questions)
- الشمامسة السبعة وبداية قيادة الكنيسة (Christianity Today)
“`