تصميم وبناء
تم تصميم طرادات مشروع 1144 “أورلان” كأساحات قتالية نووية تعمل بالطاقة النووية، بهدف تدمير السفن الحربية المعادية، وتقديم الدعم الناري للقوات البرية، وتأمين السواحل. كان تصميم الأدميرال لازاريف مشابهًا لتصميم السفينة الرائدة في هذه الفئة، “الأدميرال أوشاكوف”. بلغ طول السفينة 252 مترًا، وعرضها 28.5 مترًا، وغاطسها 10.3 أمتار. وكان إزاحتها القصوى تبلغ حوالي 24,300 طن. تضمن تصميمها نظام دفع نووي يوفر سرعة قصوى تزيد عن 30 عقدة.
تم بناء الأدميرال لازاريف في حوض بناء السفن في سانت بطرسبرغ (الذي كان يُعرف آنذاك باسم حوض بناء السفن رقم 189 “بالتيسكي زافود”). بدأ بناء السفينة في عام 1978، وتم إطلاقها في عام 1981، ودخلت الخدمة في الأسطول السوفيتي في عام 1984. تطلب بناء هذه السفينة الضخمة تضافر جهود آلاف العمال والمهندسين، واستغرق ذلك سنوات عديدة.
التسليح والقدرات
كانت الأدميرال لازاريف مسلحة بشكل كبير، حيث كانت تحمل مجموعة متنوعة من الأسلحة لتنفيذ مهامها المختلفة. تضمن تسليحها:
- صواريخ كروز مضادة للسفن: كانت تحمل صواريخ P-700 Granit، وهي صواريخ بعيدة المدى مضادة للسفن مصممة لضرب السفن الحربية الكبيرة.
- صواريخ الدفاع الجوي: كانت السفينة مجهزة بصواريخ الدفاع الجوي S-300F وOSA-MA، والتي توفر الحماية ضد الطائرات والصواريخ المعادية.
- مدفعية: تضمنت مدفعية عيار 130 ملم مزدوجة الغرض للدفاع عن السفينة ضد الأهداف الجوية والسطحية.
- أسلحة مضادة للغواصات: كانت تحمل قاذفات صواريخ RBU-12000 Udav-1، والتي تستخدم لإطلاق قذائف مضادة للغواصات.
- المروحيات: كانت قادرة على حمل ما يصل إلى ثلاث مروحيات Ka-27/Ka-25، والتي تستخدم في مهام الاستطلاع والبحث والإنقاذ ومكافحة الغواصات.
بالإضافة إلى ذلك، كانت السفينة مجهزة بأنظمة استشعار متطورة، بما في ذلك الرادارات والسونارات، لتوفير الوعي الظرفي في ساحة المعركة.
الخدمة في البحرية السوفيتية والروسية
بعد دخولها الخدمة في عام 1984 باسم “فرونزه”، تم تكليف السفينة في البداية إلى أسطول المحيط الهادئ السوفيتي. شاركت في عدد من المناورات والتدريبات العسكرية في المحيط الهادئ، وعرضت العلم السوفيتي في مناطق مختلفة من العالم. في عام 1992، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أعيد تسمية السفينة باسم “الأدميرال لازاريف”.
شهدت فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي انخفاضًا في التمويل والصيانة اللازمة للبحرية الروسية. ونتيجة لذلك، أصبحت الأدميرال لازاريف تعاني من مشاكل في الصيانة. تم إخراج السفينة من الخدمة في عام 1997، وتم رسوها في خليج فوك في الشرق الأقصى الروسي.
الحالة الحالية والتقاعد
بعد إخراجها من الخدمة، بقيت الأدميرال لازاريف في حالة سيئة. أدت مشاكل الصيانة، ونقص التمويل، إلى تدهور السفينة بمرور الوقت. على الرغم من بعض المحاولات لإعادة تنشيطها، إلا أن هذه الجهود لم تنجح بسبب التكاليف الباهظة اللازمة للإصلاح والتحديث. في عام 2022، قررت الحكومة الروسية التخلص من السفينة، وبدأ تفكيكها في نفس العام.
إن نهاية الأدميرال لازاريف تمثل خسارة لسفينة قتالية قوية، وتعكس التحديات التي واجهتها البحرية الروسية في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي. كما أنها بمثابة تذكير بأهمية الحفاظ على القدرات العسكرية في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.
تأثير الأدميرال لازاريف
على الرغم من أن الأدميرال لازاريف لم تشارك في أي عمليات قتالية كبرى، إلا أنها تركت بصمة كبيرة في تاريخ البحرية. كانت السفينة بمثابة رمز للقوة البحرية السوفيتية خلال الحرب الباردة، وساهمت في الردع النووي. كما أنها ساعدت في تطوير التكنولوجيا البحرية، حيث قدمت منصة لاختبار الأسلحة والأنظمة الجديدة. علاوة على ذلك، أثرت على التصميمات المستقبلية للسفن الحربية الروسية.
كانت الأدميرال لازاريف سفينة كبيرة ومثيرة للإعجاب، ووجودها كان يبعث برسالة واضحة عن قدرة الاتحاد السوفيتي على حماية مصالحه في جميع أنحاء العالم. على الرغم من أنها خرجت من الخدمة الآن، إلا أن إرثها كجزء من تاريخ البحرية الروسية سيظل حيًا.
المقارنة مع السفن الأخرى
عند مقارنة الأدميرال لازاريف بالسفن الحربية الأخرى، يتبين أنها كانت سفينة فريدة من نوعها. على سبيل المثال، كانت أكبر من المدمرات وأكثر تسليحًا من معظمها، لكنها كانت أصغر من حاملات الطائرات. كان تصميمها يجمع بين قدرات السفن السطحية والغواصات، مما جعلها قوة مهيمنة في ساحة المعركة. على الرغم من أنها تشترك في بعض أوجه التشابه مع طرادات “كيروف” الأخرى من مشروع 1144، إلا أن كل سفينة كان لها ميزات فريدة خاصة بها، مما يعكس التطور المستمر في التكنولوجيا البحرية.
بالنظر إلى مقارنة الأدميرال لازاريف مع السفن الغربية، يمكن ملاحظة اختلاف في الفلسفة التصميمية. ركزت السفن الغربية، مثل الطرادات الأمريكية من فئة “تيكونديوجا”، على الدفاع الجوي والقدرات الهجومية، بينما ركزت الأدميرال لازاريف على قدرات مضادة للسفن والضربات السطحية. يعكس هذا الاختلاف في الفلسفة الاختلافات في الاستراتيجيات العسكرية خلال الحرب الباردة.
الأهمية التاريخية
تمثل الأدميرال لازاريف فترة مهمة في تاريخ البحرية. تم بناؤها خلال ذروة الحرب الباردة، عندما كانت التوترات بين الشرق والغرب في أعلى مستوياتها. أظهرت السفينة قدرة الاتحاد السوفيتي على بناء سفن حربية متطورة قادرة على مواجهة التهديدات من أي مكان في العالم. إن وجودها في المحيط الهادئ كان بمثابة عامل ردع مهم، وحافظ على توازن القوى في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الأدميرال لازاريف بمثابة منصة لاختبار التكنولوجيا الجديدة، مما ساهم في تقدم الأسلحة وأنظمة الاستشعار. قدمت السفينة أيضًا خبرة قيمة لطاقمها، الذين اكتسبوا مهارات ومعرفة قيمة في مجال العمليات البحرية. وبالتالي، تركت الأدميرال لازاريف بصمة لا تمحى في تاريخ البحرية، وظلت رمزًا للقوة والابتكار السوفيتي.
التحديات التي واجهتها الأدميرال لازاريف
على الرغم من قدراتها الهائلة، واجهت الأدميرال لازاريف عددًا من التحديات خلال فترة خدمتها. كان أحد هذه التحديات هو التكلفة العالية للصيانة والتشغيل، وهو ما أصبح مشكلة متزايدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. أدى نقص التمويل إلى تأخير عمليات الصيانة، مما أدى إلى تدهور السفينة بمرور الوقت.
تحد آخر كان مرتبطًا بالتغييرات الجيوسياسية. بعد انتهاء الحرب الباردة، انخفضت التهديدات التي واجهتها البحرية الروسية، مما أدى إلى تقليل الحاجة إلى سفن مثل الأدميرال لازاريف. علاوة على ذلك، أدى التغير في العقيدة العسكرية الروسية إلى تغيير أولويات القوات المسلحة، مما أدى إلى تقليل الاستثمار في الأسلحة البحرية التقليدية.
أخيرًا، واجهت الأدميرال لازاريف مشاكل تقنية. على الرغم من أنها كانت مجهزة بأحدث التقنيات، إلا أن هذه التقنيات أصبحت قديمة بمرور الوقت، مما جعل من الصعب الحفاظ على السفينة في حالة تشغيل جيدة. علاوة على ذلك، أصبح الحصول على قطع الغيار والإمدادات أمرًا صعبًا، مما أثر على قدرة السفينة على القيام بمهامها.
خاتمة
كانت الأدميرال لازاريف طرادًا حربيًا قويًا ومثيرًا للإعجاب، يمثل ذروة القوة البحرية السوفيتية. على الرغم من خدمتها القصيرة نسبيًا، إلا أنها تركت بصمة كبيرة في تاريخ البحرية. يمثل مصيرها، الذي انتهى بالتفكيك، حكاية عن التحديات التي تواجهها الجيوش بعد انتهاء الحرب الباردة. إنها بمثابة تذكير بأهمية الصيانة والتحديث المستمر للسفن الحربية، وتأثير العوامل الاقتصادية والسياسية على القدرات العسكرية. إرث الأدميرال لازاريف سيبقى حيًا في ذاكرة تاريخ البحرية، كرمز للقوة والابتكار، وتضحيات العاملين في مجال الصناعات العسكرية.