<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد أرماند فيجنباوم في مدينة نيويورك عام 1920. حصل على درجة البكالوريوس من كلية الاتحاد في عام 1942، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في عام 1946، والدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1951. خلال الحرب العالمية الثانية، خدم فيجنباوم في قسم المعدات في مختبرات الاتصالات التابعة لجيش الولايات المتحدة.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم فيجنباوم إلى شركة جنرال إلكتريك (General Electric)، حيث عمل لمدة 10 سنوات كمدير لعمليات التصنيع ومراقبة الجودة. خلال فترة عمله في جنرال إلكتريك، طور مفهوم “الرقابة الشاملة على الجودة”، والذي نشره في كتابه “الرقابة الشاملة على الجودة: الهندسة والإدارة” (Total Quality Control: Engineering and Management) عام 1961. هذا الكتاب، الذي تُرجم إلى العديد من اللغات، أحدث ثورة في مجال إدارة الجودة وأرسى الأساس للممارسات الحديثة.
في عام 1968، أسس فيجنباوم شركة جنرال سيستمز (General Systems Company) مع شقيقه دونالد. ركزت الشركة على تقديم الاستشارات والتدريب في مجال إدارة الجودة للشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم. بقي فيجنباوم رئيسًا للشركة حتى تقاعده في أواخر التسعينيات.
مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة (TQC)
جوهر مفهوم فيجنباوم للرقابة الشاملة على الجودة (TQC) يكمن في رؤيته للجودة كمسؤولية مشتركة تشمل جميع الإدارات والأفراد في المؤسسة، بدءًا من الإدارة العليا وصولًا إلى العاملين في خطوط الإنتاج. لم تقتصر رؤيته على مجرد فحص المنتجات النهائية بحثًا عن العيوب، بل شملت تصميم المنتج، وعمليات التصنيع، والتسويق، والخدمات اللوجستية، وحتى خدمة العملاء.
المبادئ الأساسية للرقابة الشاملة على الجودة كما وضعها فيجنباوم:
- الجودة كاستراتيجية عمل: يجب أن تكون الجودة جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية العمل الشاملة للمؤسسة، وليست مجرد وظيفة منفصلة.
- مشاركة الجميع: يجب أن يشارك جميع الموظفين في جهود تحسين الجودة، ويجب أن يكونوا مدربين ومؤهلين للقيام بذلك.
- التركيز على الوقاية: يجب التركيز على منع حدوث المشكلات بدلاً من مجرد اكتشافها وتصحيحها.
- التحسين المستمر: يجب أن تسعى المؤسسة باستمرار إلى تحسين عملياتها ومنتجاتها وخدماتها.
- القياس والتحليل: يجب قياس أداء الجودة وتحليله لتحديد مجالات التحسين.
- التركيز على العملاء: يجب أن تركز جهود الجودة على تلبية احتياجات وتوقعات العملاء.
أكد فيجنباوم على أن تحقيق الجودة يتطلب ثقافة تنظيمية تدعم التحسين المستمر، والتعاون بين الإدارات، وتمكين الموظفين. كما شدد على أهمية استخدام الأدوات والتقنيات الإحصائية لتحليل البيانات وتحديد المشكلات واتخاذ القرارات المستنيرة.
إرث أرماند فيجنباوم وتأثيره
ترك أرماند فيجنباوم إرثًا دائمًا في مجال إدارة الجودة. لقد أثرت أفكاره وممارساته في العديد من الشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم، وساهمت في تحسين جودة المنتجات والخدمات وتقليل التكاليف وزيادة رضا العملاء. يعتبر كتابه “الرقابة الشاملة على الجودة” مرجعًا أساسيًا في مجال إدارة الجودة، ولا يزال يدرس في الجامعات والكليات في جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى ذلك، كان فيجنباوم شخصية قيادية في العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك الجمعية الأمريكية لمراقبة الجودة (American Society for Quality Control – ASQC)، حيث شغل منصب الرئيس في عام 1961. حصل على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماته في مجال إدارة الجودة.
إن مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة الذي طوره فيجنباوم يمثل تحولًا جذريًا في طريقة التفكير في الجودة وإدارتها. لقد ساهم في تحويل الجودة من مجرد وظيفة فحص إلى استراتيجية عمل شاملة تهدف إلى تحقيق التميز في جميع جوانب المؤسسة. ونتيجة لذلك، فقد ساهم في تحسين القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات وزيادة قيمتها للمساهمين.
الجوائز والتكريمات
- وسام شوهارت من الجمعية الأمريكية للجودة
- جائزة إدواردز
- وسام القائد من وسام الاستحقاق من جمهورية إيطاليا
مؤلفاته
- الرقابة الشاملة على الجودة: الهندسة والإدارة (Total Quality Control: Engineering and Management)
- الرقابة الشاملة على الجودة: الاستراتيجيات والتنفيذ (Total Quality Control: Strategies and Implementation)
انتقادات لمفهوم الرقابة الشاملة على الجودة
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة، إلا أنه لم يكن بمنأى عن الانتقادات. يرى بعض النقاد أن التركيز الشديد على الجودة قد يؤدي إلى إهمال جوانب أخرى مهمة في العمل، مثل الابتكار والتسويق. كما يرى البعض الآخر أن تطبيق مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة قد يكون صعبًا في بعض المؤسسات، خاصة تلك التي تفتقر إلى ثقافة تنظيمية قوية أو دعم من الإدارة العليا.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار الأثر الإيجابي الذي أحدثه مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة في مجال إدارة الجودة. لقد ساهم في تحسين جودة المنتجات والخدمات في جميع أنحاء العالم، وزيادة رضا العملاء، وتقليل التكاليف، وتحسين القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات. ولا يزال مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة يمثل إطارًا مرجعيًا مهمًا للشركات والمؤسسات التي تسعى إلى تحقيق التميز في الجودة.
تطور مفهوم الجودة بعد فيجنباوم
بعد مساهمات فيجنباوم الرائدة، شهد مفهوم الجودة تطورات كبيرة. ظهرت مفاهيم جديدة مثل إدارة الجودة الشاملة (Total Quality Management – TQM) والستة سيجما (Six Sigma)، والتي اعتمدت على مبادئ الرقابة الشاملة على الجودة وطورتها. تركز إدارة الجودة الشاملة على إشراك جميع الموظفين في جهود تحسين الجودة، بينما تركز الستة سيجما على تقليل التباين في العمليات لتحقيق مستويات عالية من الجودة.
كما شهدت الأدوات والتقنيات المستخدمة في إدارة الجودة تطورات كبيرة. ظهرت أدوات جديدة مثل مخططات باريتو (Pareto charts) ومخططات إيشيكاوا (Ishikawa diagrams) وتحليل نمط وآثار الإخفاق (Failure Mode and Effects Analysis – FMEA)، والتي تساعد الشركات والمؤسسات على تحديد المشكلات وتحليلها واتخاذ القرارات المستنيرة.
خاتمة
أرماند ف. فيجنباوم كان رائدًا حقيقيًا في مجال إدارة الجودة. لقد أحدثت أفكاره وممارساته ثورة في طريقة التفكير في الجودة وإدارتها، وساهمت في تحسين جودة المنتجات والخدمات في جميع أنحاء العالم. لا يزال مفهوم الرقابة الشاملة على الجودة الذي طوره يمثل إطارًا مرجعيًا مهمًا للشركات والمؤسسات التي تسعى إلى تحقيق التميز في الجودة.