آرلين كروتش (Arlene Croce)

نشأتها وبداياتها

ولدت آرلين كروتش في مدينة بروفيدنس، رود آيلاند. لم يُعرف الكثير عن طفولتها المبكرة، ولكن يُعتقد أنها بدأت في استكشاف عالم الرقص في سن مبكرة، ربما من خلال الدروس أو العروض. التحقت بجامعة براون، حيث درست الأدب الإنجليزي، وهو ما يفسر أسلوبها الأدبي المميز في كتابة النقد. بعد تخرجها، انتقلت إلى مدينة نيويورك، حيث بدأت مسيرتها المهنية في عالم الفن والثقافة.

مسيرتها المهنية

بدأت كروتش مسيرتها المهنية كصحفية وناقدة فنية في أوائل الستينيات. في عام 1965، أسست مجلة “Ballet Review”، وهي مجلة متخصصة في نقد الرقص الباليه. شغلت منصب رئيسة التحرير في المجلة لسنوات عديدة، وأسهمت بشكل كبير في رفع مستوى الكتابة عن الرقص. في عام 1973، انضمت إلى مجلة “The New Yorker” كناقدة رقص، وهو المنصب الذي شغلته لأكثر من عقدين. خلال هذه الفترة، كتبت مقالات وتقارير نقدية عن مجموعة واسعة من عروض الرقص، بما في ذلك الباليه الكلاسيكي والمعاصر، والرقص الحديث.

أسلوبها النقدي

اشتهرت كروتش بأسلوبها النقدي المتميز، الذي تميز بالعمق والتحليل الدقيق. كانت قادرة على تحليل الحركات والتعبيرات الجسدية للراقصين، وربطها بالموسيقى والتصميم المسرحي، وتفسيرها في سياق أوسع من الثقافة والمجتمع. لم تكتفِ كروتش بوصف ما تراه على المسرح، بل سعت إلى فهم المعنى الكامن وراء الحركات، وكيف يتفاعل الرقص مع الجمهور. تميزت كتاباتها بالوضوح والجمال الأدبي، مما جعلها مقروءة على نطاق واسع، حتى من قبل الأشخاص الذين لم يكن لديهم خلفية في الرقص. كانت تعتمد على الملاحظة الدقيقة والتحليل العميق، مع إعطاء الأولوية للجماليات والتعبير الفني.

مساهماتها في عالم الرقص

ساهمت كروتش بشكل كبير في تطوير مجال نقد الرقص. من خلال كتاباتها، ساعدت على رفع مستوى الوعي بأهمية الرقص كشكل فني. شجعت القراء على التفكير النقدي في العروض التي يشاهدونها، وتوفير رؤى قيمة حول أداء الراقصين والمصممين. علاوة على ذلك، ساعدت على تعريف الجمهور على روائع الرقص الكلاسيكي والمعاصر، من خلال تحليلها المتعمق. أسست مجلة “Ballet Review”، التي أصبحت منبرًا مهمًا للنقاد والباحثين في مجال الرقص. كتاباتها ألهمت أجيالًا من النقاد والراقصين، وأثرت في الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الرقص.

بعض أعمالها البارزة

نشرت كروتش العديد من الكتب والمقالات التي أثرت في مجال نقد الرقص. من بين أبرز أعمالها:

“The Fred Astaire & Ginger Rogers Book” (1972): كتاب يدرس الثنائي الأسطوري في الرقص والسينما.
“Afterimages” (1977): مجموعة من المقالات التي تصف الرقص والأداء.
“Sight Lines” (1987): مجموعة أخرى من المقالات التي تبرز مواهبها كناقدة.
مقالاتها الدورية في مجلة “The New Yorker”: والتي غطت مجموعة واسعة من عروض الرقص والرقص الحديث والباليه.

كانت كتاباتها حول أداءات مختلفة، بما في ذلك أعمال جورج بالانشين، ومارك موريس، وميرس كانينغهام، وغيرهم من المصممين والراقصين البارزين.

جدال “الرقص والنازية”

أثارت كروتش جدلاً كبيرًا في عام 1994 بمقالتها في مجلة “The New Yorker” بعنوان “الرقص والنازية”. في هذه المقالة، انتقدت عمل “Dancing to Hitler” للمخرج إيريكا فيشر-ليشتي. ركزت المقالة على ما وصفته بأنه فشل في التمييز بين الرقص الإبداعي والرقص المستخدم للدعاية السياسية. أثارت المقالة انتقادات واسعة النطاق، واتهمت كروتش بعدم الحساسية تجاه ضحايا الهولوكوست. دافعت كروتش عن وجهة نظرها، مشيرة إلى أن انتقادها كان موجهًا إلى الأداء وليس إلى الراقصين أنفسهم أو إلى تاريخهم. بالرغم من الجدل، استمرت كروتش في مسيرتها المهنية، لكن هذا الحدث ألقى بظلاله على بعض جوانب عملها اللاحق.

تأثيرها وإرثها

بصفتها ناقدة رقص، تركت آرلين كروتش إرثًا دائمًا في عالم الفن. من خلال كتاباتها، ساهمت في رفع مستوى الوعي بأهمية الرقص كشكل فني، وتوفير رؤى قيمة حول أداء الراقصين والمصممين. أسلوبها النقدي المتميز، الذي تميز بالعمق والتحليل الدقيق، ألهم أجيالًا من النقاد والراقصين. أسست مجلة “Ballet Review”، التي أصبحت منبرًا مهمًا للنقاد والباحثين في مجال الرقص. على الرغم من بعض الجدل الذي أثير حولها، إلا أن مساهماتها في عالم الرقص لا يمكن إنكارها. تعتبر كروتش واحدة من أبرز نقاد الرقص في القرن العشرين، ولا تزال كتاباتها تحظى بتقدير كبير حتى اليوم.

مواقفها وآراؤها الأخرى

بالإضافة إلى عملها النقدي، كانت كروتش معروفة بآرائها الصريحة حول مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالفن والثقافة. كانت غالبًا ما تتخذ مواقف جريئة، مما أثار جدلاً في بعض الأحيان. كانت لديها آراء قوية حول أهمية الحفاظ على التقاليد في الرقص، وفي الوقت نفسه، كانت منفتحة على الأشكال الجديدة والمبتكرة. كانت تؤمن بأهمية الجماليات والتعبير الفني، وكانت تسعى دائمًا إلى فهم المعنى الكامن وراء الحركات. لقد كان لديها رؤية واضحة لما تعتبره رقصًا جيدًا، وكانت غير خائفة من التعبير عن آرائها. يمكن القول أنها كانت ملتزمة بالحفاظ على معايير عالية في مجال الرقص، وسعت إلى تعزيز الفن كقوة ثقافية مؤثرة.

الحياة الشخصية

حافظت آرلين كروتش على خصوصية حياتها الشخصية إلى حد كبير. تزوجت من الكاتب والناقد والكاتب المسرحي مارتن كولينز، وظلا معًا حتى وفاته. لم يكن لديها أطفال. على الرغم من أنها كانت شخصية عامة، إلا أنها كانت تفضل الحفاظ على حياتها الشخصية بعيدًا عن الأضواء. لقد ركزت بشكل أساسي على عملها كناقدة رقص، وعلى المساهمة في عالم الفن والثقافة.

التقييم والتكريم

حصلت آرلين كروتش على العديد من الجوائز والتكريمات على مسيرتها المهنية، بما في ذلك جائزة جورج جانسون في عام 1980، وجائزة ديزي للصحافة في عام 1981. كما حصلت على زمالة غوغنهايم في عام 1982. تعكس هذه الجوائز تقديرًا لعملها النقدي المتميز، ولمساهمتها في مجال الرقص. لقد تم الاعتراف بها كواحدة من أبرز الشخصيات في عالم النقد الفني، ولا تزال كتاباتها تحظى بتقدير كبير حتى اليوم.

التحديات والجدالات

على الرغم من نجاحها وتأثيرها، واجهت كروتش بعض التحديات والجدالات خلال مسيرتها المهنية. كان الجدل حول مقالتها “الرقص والنازية” هو الأكثر إثارة للجدل، ولكنه لم يكن الوحيد. كانت آراؤها الصريحة حول مجموعة متنوعة من القضايا الثقافية والفنية تثير جدلاً في بعض الأحيان. ومع ذلك، استمرت كروتش في التعبير عن آرائها بحرية، وفي الدفاع عن قيمها. كانت تعتبر نفسها ناقدة ملتزمة، وكانت تسعى دائمًا إلى تقديم رؤى قيمة حول الرقص. لقد حافظت على موقفها النقدي، وظلت مخلصة لمعاييرها.

نظرة مستقبلية

على الرغم من تقاعدها من الكتابة النشطة، لا يزال إرث آرلين كروتش يتردد صداه في عالم الرقص. تستمر كتاباتها في إلهام النقاد والراقصين على حد سواء. يتم تدريس مقالاتها في الجامعات وفي برامج الدراسات العليا في الرقص. تستمر مجلة “Ballet Review” في النشر، وتوفر منبرًا للمفكرين في مجال الرقص. إسهاماتها في تطوير مجال نقد الرقص تظل ذات أهمية كبيرة، وهي تذكرنا بأهمية التفكير النقدي في الفن والثقافة.

خاتمة

آرلين كروتش كانت ناقدة رقص أمريكية بارزة، تركت بصمة لا تمحى في عالم الفن. من خلال كتاباتها العميقة والمدروسة، ساهمت في تشكيل فهم الجمهور وتقييمه للرقص.أسلوبها النقدي المتميز، الذي تميز بالعمق والتحليل الدقيق، ألهم أجيالًا من النقاد والراقصين. على الرغم من بعض الجدل الذي أثير حولها، إلا أن مساهماتها في عالم الرقص لا يمكن إنكارها. يعتبر إرثها شهادة على قوة الفكر النقدي، وأهمية الفن والثقافة في مجتمعنا.

المراجع

“`