نشأته وبداياته
ولد إلياهو إساس في عام 1946 في الاتحاد السوفيتي. نشأ في بيئة علمانية، ولم يكن لديه أي اتصال بالدين اليهودي في شبابه. درس الهندسة وتخرج منها، وعمل كمهندس في مجال التكنولوجيا. ومع ذلك، بدأ يشعر بفراغ روحي، وبدأ في البحث عن إجابات لأسئلة وجودية.
في هذه الفترة، بدأ إساس في التعرف على اليهودية من خلال مصادر سرية وقيود شديدة. كان الحصول على الكتب الدينية وتعلم اللغة العبرية أمرًا صعبًا، لكنه كان مصممًا على استكشاف تراثه الديني. انخرط في مجموعات سرية للدراسة اليهودية، وتعلم من الحاخامات الذين كانوا يعملون في الخفاء لتجنب اضطهاد النظام الشيوعي.
التحول الديني
شهدت حياة إساس تحولًا دينيًا جذريًا في شبابه. بدأ يلتزم بممارسات اليهودية، بما في ذلك الحفاظ على السبت والالتزام بقواعد الطعام اليهودي (الكشروت). كان هذا التحول قرارًا شخصيًا شجاعًا، نظرًا للخطر الذي يمثله الالتزام الديني في ظل النظام الشيوعي. تعرض إساس وآخرون ممن اعتنقوا اليهودية إلى مضايقات من قبل السلطات السوفيتية، بما في ذلك المراقبة والتحقيق.
رغم هذه الصعوبات، أصبح إساس أكثر التزامًا بدينه. أدرك أهمية إحياء الحياة اليهودية في الاتحاد السوفيتي. كان يرى أن الحفاظ على الهوية اليهودية أمرًا بالغ الأهمية، على الرغم من محاولات النظام الشيوعي للقضاء على الدين.
النشاط اليهودي في الاتحاد السوفيتي
أصبح إلياهو إساس شخصية بارزة في حركة إحياء الحياة اليهودية في الاتحاد السوفيتي. عمل مع قادة يهود آخرين، مثل يوليوس إيدليس وناثان شارانسكي، لنشر الوعي بالدين اليهودي، وتوفير التعليم اليهودي، ومساعدة اليهود على ممارسة دينهم بحرية. لعب دورًا أساسيًا في تنظيم دروس دينية سرية، وتوزيع الكتب اليهودية، ودعم طلبات اليهود للحصول على تأشيرات هجرة إلى إسرائيل.
كان إساس ناشطًا في حركة “رفيوزنيك” (الرافضون)، وهم اليهود السوفييت الذين مُنِعوا من الهجرة إلى إسرائيل. شارك في الاحتجاجات والمظاهرات، ودافع عن حقوق اليهود في الهجرة وممارسة دينهم. تعرض إساس وآخرون للمضايقات والسجن بسبب نشاطهم. كان يعتبر رمزا للمقاومة اليهودية ضد القمع السوفيتي.
من خلال جهوده، ساهم إساس في إلهام آلاف اليهود السوفييت للعودة إلى جذورهم الدينية. ساعد في إنشاء شبكات من المدارس اليهودية والمراكز المجتمعية، التي وفرت التعليم اليهودي والثقافة اليهودية. كما ساهم في إحياء اللغة العبرية، التي كانت ممنوعة إلى حد كبير في الاتحاد السوفيتي.
تأسيس حركة بعل تسوفا
كان إلياهو إساس أحد مؤسسي حركة “بعل تسوفا” (العودة إلى الله). تعني كلمة “بعل تسوفا” حرفيًا “صاحب التوبة” أو “العائد”. وهي حركة تهدف إلى مساعدة اليهود غير المتدينين على استكشاف اليهودية والعودة إليها. لعب إساس دورًا أساسيًا في تأسيس العديد من المراكز والمدارس اليهودية في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي، والتي وفرت التعليم اليهودي والبرامج الثقافية لليهود الذين يبحثون عن المعرفة والروحانية.
أتاحت حركة بعل تسوفا الفرصة للعديد من اليهود السوفييت لاستكشاف تراثهم الديني، والتعرف على التقاليد اليهودية، وتعزيز هويتهم اليهودية. قدمت الحركة الدعم الروحي والاجتماعي، وساعدت اليهود على التغلب على الصعوبات التي واجهوها في ظل النظام الشيوعي. ساهمت الحركة في إحياء الحياة اليهودية في الاتحاد السوفيتي، وتوفير مجتمع داعم لليهود الذين كانوا يسعون للعودة إلى دينهم.
هجرته إلى إسرائيل
في أواخر الثمانينيات، مع تخفيف القيود على الهجرة في الاتحاد السوفيتي، تمكن إلياهو إساس من الهجرة إلى إسرائيل. واصل نشاطه في إسرائيل، وعمل على مساعدة اليهود السوفييت الآخرين على الاندماج في المجتمع الإسرائيلي. شارك في تأسيس جمعيات و منظمات لدعم المهاجرين الجدد، وتقديم المساعدة في مجالات مثل التعليم والإسكان والتوظيف.
في إسرائيل، واصل إساس عمله في مجال التعليم اليهودي، والقيادة المجتمعية. استمر في إلهام الآخرين من خلال قصته، وأصبح رمزًا للصمود والعودة إلى الدين. كان له تأثير كبير على المجتمع اليهودي في إسرائيل، خاصة على المهاجرين من الاتحاد السوفيتي.
إرثه
ترك إلياهو إساس إرثًا دائمًا. كان دوره في إحياء الحياة اليهودية في الاتحاد السوفيتي أمرًا بالغ الأهمية. ألهم آلاف اليهود للعودة إلى دينهم، وساهم في الحفاظ على الهوية اليهودية في مواجهة الاضطهاد الشيوعي. أصبح رمزا للمقاومة اليهودية، وقدم مساهمات كبيرة في تعزيز الحياة اليهودية في إسرائيل.
أثبتت قصة حياة إساس قوة الروح الإنسانية، وأهمية الإيمان، وقدرة الفرد على إحداث تغيير إيجابي. أظهرت التزامه بالدين اليهودي، وشجاعته في مواجهة القمع، وتفانيه في خدمة مجتمعه. استمر إرثه في إلهام الآخرين للتمسك بقيمهم ومعتقداتهم، والسعي لتحقيق التغيير الإيجابي في العالم.
التحديات التي واجهها
واجه إلياهو إساس العديد من التحديات طوال حياته. خلال فترة نشاطه في الاتحاد السوفيتي، كان عليه أن يتعامل مع القمع الحكومي، والمراقبة، والاعتقال المحتمل. كان عليه أن يعمل في الخفاء لتعليم اليهودية والحفاظ على الهوية اليهودية. بعد هجرته إلى إسرائيل، واجه صعوبات في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، والتغلب على العقبات الثقافية واللغوية. على الرغم من هذه التحديات، لم يفقد إساس الأمل أو يتخلى عن التزامه.
مساهماته في المجتمع اليهودي
ساهم إلياهو إساس في العديد من المجالات داخل المجتمع اليهودي. بالإضافة إلى دوره القيادي في حركة بعل تسوفا، عمل في مجالات التعليم والقيادة المجتمعية والدعم الاجتماعي. ساهم في إنشاء المدارس اليهودية، وتوفير البرامج الثقافية، ودعم المهاجرين الجدد. كان له تأثير كبير على المجتمع اليهودي في إسرائيل، خاصة على المهاجرين من الاتحاد السوفيتي.
العلاقة باليهودية الأرثوذكسية
ينتمي إلياهو إساس إلى التيار اليهودي الأرثوذكسي. يعتقد اليهود الأرثوذكس أن الشريعة اليهودية (الهالاخاه) هي القانون الإلهي الذي يجب على اليهود الالتزام به. يركز اليهود الأرثوذكس على الحفاظ على التقاليد اليهودية، والالتزام بالشريعة اليهودية، والتمسك بالقيم اليهودية. لعب إساس دورًا مهمًا في نشر الفكر الأرثوذكسي في الاتحاد السوفيتي، وساعد في إلهام الآخرين للعودة إلى اليهودية الأرثوذكسية.
الرؤية والمبادئ
كانت رؤية إلياهو إساس تقوم على إحياء الحياة اليهودية، وتعزيز الهوية اليهودية، ومساعدة اليهود على العودة إلى جذورهم الدينية. آمن بأهمية التعليم اليهودي، والتواصل المجتمعي، والدعم الاجتماعي. كان ملتزمًا بقيم العدالة والرحمة والمحبة، وعمل على تطبيق هذه القيم في حياته وفي المجتمع.
خاتمة
يُعتبر الحاخام إلياهو إساس شخصية بارزة في تاريخ اليهودية الحديثة. لقد كان قائدًا شجاعًا ومؤثرًا، ولعب دورًا حاسمًا في إحياء الحياة اليهودية في الاتحاد السوفيتي. من خلال جهوده، ألهم آلاف اليهود للعودة إلى دينهم والحفاظ على هويتهم اليهودية. ترك إساس إرثًا دائمًا، واستمر في إلهام الآخرين من خلال التزامه بالدين، وشجاعته في مواجهة القمع، وتفانيه في خدمة مجتمعه. قصته هي شهادة على قوة الإيمان وأهمية الالتزام بالقيم اليهودية.
المراجع
- Baal Teshuva – My Jewish Learning
- Who Are the Refuseniks? – Chabad.org
- Soviet Jewish Refuseniks Find Warm Welcome in Israel – JTA
“`