نشأته وبداياته
ولد إبرهارد ريس في بلدة تسمى كوفنبرغ، في ألمانيا. تلقى تعليمه في المدارس الألمانية، وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم والهندسة. درس الهندسة الميكانيكية في جامعة شتوتغارت، وتخرج بدرجة البكالوريوس في عام 1934. خلال دراسته، بدأ ريس في الانخراط في الأبحاث المتعلقة بالصواريخ، وهي تقنية كانت في مراحلها الأولى من التطور في ذلك الوقت. انضم إلى جمعية الطيران الألمانية، حيث أتيحت له الفرصة للمشاركة في التجارب والتصاميم المتعلقة بالصواريخ.
بعد تخرجه، انضم ريس إلى برنامج الصواريخ الألماني الذي كان يتطور بشكل متسارع. عمل في معهد بحوث الجيش في كummersdorf، حيث شارك في تطوير محركات الصواريخ. في عام 1939، انتقل إلى مركز بحوث الصواريخ في بينامونده، وهو الموقع الذي أصبح محورًا رئيسيًا لأبحاث وتطوير الصواريخ الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. هناك، عمل تحت إشراف فيرنر فون براون، وهو شخصية رئيسية أخرى في علم الصواريخ. كان ريس جزءًا من الفريق الذي عمل على تطوير صواريخ V-2، وهي صواريخ باليستية بعيدة المدى أطلقتها ألمانيا على الحلفاء خلال الحرب.
الحرب العالمية الثانية وعمله في بينامونده
خلال الحرب العالمية الثانية، كان ريس جزءًا حيويًا من فريق بينامونده. كان مسؤولًا عن تصميم واختبار محركات صواريخ V-2. كان عمله يتضمن تطوير تقنيات حيوية مثل مضخات الوقود عالية الأداء وأنظمة الاحتراق. كان أداء صواريخ V-2 مهمًا بالنسبة للألمان، حيث استخدمت هذه الصواريخ لقصف أهداف في بريطانيا ومدن أخرى. على الرغم من الدمار الذي سببته هذه الصواريخ، ساهمت التجارب والخبرات المكتسبة خلال هذه الفترة في تطوير تقنيات الصواريخ المستقبلية.
كانت الظروف في بينامونده صعبة، حيث عمل المهندسون والعلماء تحت ضغط كبير، وتعرضوا لغارات جوية متكررة من قبل الحلفاء. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك نقص في الموارد والمواد. ومع ذلك، استمر ريس وزملائه في العمل بجد لتحقيق أهدافهم. كان ريس يتمتع بمهارات هندسية عالية وقدرة على حل المشكلات، مما جعله مساهمًا قيمًا في البرنامج.
الانتقال إلى الولايات المتحدة
في نهاية الحرب العالمية الثانية، تم نقل عدد كبير من العلماء والمهندسين الألمان، بمن فيهم فيرنر فون براون وإبرهارد ريس، إلى الولايات المتحدة في إطار عملية “Paperclip”. كان الهدف من هذه العملية هو الاستفادة من الخبرة الألمانية في مجال الصواريخ لتعزيز برنامج الفضاء الأمريكي. وصل ريس إلى الولايات المتحدة في عام 1945.
بدأ ريس عمله في الولايات المتحدة في قاعدة الجيش في وايت ساندز، نيو مكسيكو. هناك، عمل مع فريق فون براون على اختبار صواريخ V-2 التي تم الاستيلاء عليها من ألمانيا. ساهم في تعديل وتحسين الصواريخ لاستخدامها في الأبحاث العلمية. أثبتت هذه الاختبارات أنها ذات قيمة كبيرة في فهم سلوك الصواريخ في الفضاء وتطوير تقنيات جديدة.
العمل في برنامج الفضاء الأمريكي
في عام 1950، انتقل ريس وفريق فون براون إلى هانتسفيل، ألاباما، حيث أسسوا مركز أبحاث الصواريخ التابع للجيش. هناك، لعب ريس دورًا رئيسيًا في تطوير صواريخ “Redstone” و”Jupiter”، والتي كانت ضرورية لإطلاق الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية. عمل ريس على تصميم وتطوير محركات الصواريخ لهذه المشاريع.
كان ريس عضوًا أساسيًا في فريق فون براون الذي طور صاروخ “ساترن الخامس” (Saturn V)، والذي كان يستخدم في رحلات أبولو إلى القمر. كان مسؤولًا عن تصميم وتطوير محركات المرحلة الأولى من الصاروخ، والتي كانت من بين أقوى المحركات التي تم بناؤها على الإطلاق. ساهم عمله في ضمان نجاح مهمات أبولو، والتي مثلت لحظة تاريخية في استكشاف الفضاء.
بالإضافة إلى عمله في الصواريخ، شارك ريس في تطوير تقنيات أخرى تتعلق بالفضاء، مثل تصميم واختبار المواد المستخدمة في المركبات الفضائية. كان لديه فهم عميق للميكانيكا الحرارية والديناميكا الهوائية، مما جعله خبيرًا قيمًا في هذه المجالات.
المساهمات والإرث
كان لإبرهارد ريس تأثير كبير على تطوير تكنولوجيا الصواريخ واستكشاف الفضاء. ساهم في تطوير العديد من الصواريخ التي استخدمت في برامج الفضاء الأمريكية، بما في ذلك “Redstone” و”Jupiter” و”Saturn V”. كان عمله ضروريًا لتحقيق الإنجازات التاريخية في استكشاف الفضاء، مثل الهبوط على سطح القمر.
اشتهر ريس بمهاراته الهندسية المتميزة وقدرته على حل المشكلات المعقدة. كان يتمتع بسمعة طيبة كعالم عملي ومجتهد. كان يعمل بجد لتحقيق أهدافه، وكان ملتزمًا بتطوير تقنيات أفضل. كان ريس أيضًا قائدًا ملهمًا، حيث كان يشارك معرفته وخبرته مع زملائه.
حصل ريس على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في مجال الفضاء. حصل على الجنسية الأمريكية في عام 1954، مما يعكس اندماجه في المجتمع الأمريكي. تقاعد من العمل في عام 1973، ولكنه ظل مهتمًا بالتكنولوجيا والفضاء حتى وفاته في عام 1998.
حياته الشخصية
تزوج إبرهارد ريس من أورسيلا في عام 1936. أنجب الزوجان ثلاثة أطفال. كان ريس يتمتع بحياة عائلية مستقرة، وكان يحب قضاء الوقت مع عائلته. كان مهتمًا بالرياضة والموسيقى، وكان يستمتع بالقراءة والكتابة.
على الرغم من عمله المكثف في مجال العلوم والتكنولوجيا، ظل ريس متواضعًا ومتواضعًا. كان يتمتع بشخصية ودودة ومحبوبة. كان يحظى باحترام كبير من قبل زملائه ومرؤوسيه.
خاتمة
كان إبرهارد ريس عالم صواريخ ألمانيًا-أمريكيًا بارزًا، لعب دورًا محوريًا في تطوير تكنولوجيا الصواريخ وبرامج الفضاء في كل من ألمانيا والولايات المتحدة. ساهم عمله في تطوير صواريخ حاسمة مثل V-2 و Saturn V. كان ريس مهندسًا موهوبًا وقائدًا ملهمًا، وترك إرثًا دائمًا في تاريخ استكشاف الفضاء.
المراجع
“`