الفصيلة الميتروستروجيليدية (Metastrongylidae)

علم الأحياء والتصنيف

تُصنف الديدان الميتروستروجيليدية ضمن طائفة السيكورنيات (Secernentea)، وهي مجموعة كبيرة من الديدان الأسطوانية. تتميز هذه الديدان بوجود جهاز إخراجي يحتوي على قناة جانبية (lateral canal). تاريخيًا، تم تصنيف هذه الفصيلة بناءً على المورفولوجيا، وخاصةً شكل أجزاء الفم، وشكل البيض، وموقع الأعضاء التناسلية. ومع ذلك، فقد أدت التطورات في علم الوراثة الجزيئية إلى مراجعة التصنيف، مما سمح بتحديد العلاقات التطورية بشكل أكثر دقة بين أنواع الديدان المختلفة.

تتكون الفصيلة الميتروستروجيليدية من عدد من الأجناس، وأكثرها شهرة:

جنس الأيلوستروجيلس (Aelurostrongylus): يضم هذا الجنس أنواعًا تصيب القطط والحيوانات المفترسة الأخرى، وتسبب مرضًا رئويًا يعرف باسم داء الأيلوستروجيلس.
جنس الميتروستروجيلس (Metastrongylus): يضم هذا الجنس أنواعًا تصيب الخنازير والخنازير البرية، وتسبب مرضًا رئويًا هامًا اقتصاديًا يعرف باسم داء الميتروستروجيلس، والذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب رئوي وتدهور في صحة الحيوان.

تتضمن الأجناس الأخرى في الفصيلة: Angiostrongylus و Perostrongylus و Chabaudistrongylus.

دورة الحياة

تتميز دورة حياة الديدان الميتروستروجيليدية بأنها معقدة، وتعتمد على مضيف رئيسي (مثل الحيوانات الثديية) ومضيف وسيط (عادةً الرخويات أو القواقع). تختلف التفاصيل الدقيقة لدورة الحياة اعتمادًا على نوع الدودة، ولكن بشكل عام، تتبع هذه الخطوات:

الإصابة: تبدأ الدورة عندما تبتلع الحيوانات (المضيف الرئيسي) بيض الديدان أو يرقاتها، والتي قد تكون موجودة في التربة أو النباتات الملوثة أو عن طريق تناول المضيف الوسيط المصاب.
الهجرة: بعد ابتلاعها، تنتقل اليرقات إلى الرئتين عبر الجهاز الليمفاوي أو الدموي.
النمو والتطور: في الرئتين، تتطور اليرقات إلى أشكال بالغة، وتتزاوج، وتبدأ في إنتاج البيض.
البيض: يوضع البيض في الرئتين، ويتم بعد ذلك نقله إلى القصبات الهوائية، ثم إلى البلعوم، حيث يتم بلعه وتمريره عبر الجهاز الهضمي.
الإخراج: يتم إخراج البيض مع البراز.
المضيف الوسيط: بمجرد إخراج البيض، يمكن أن تبتلعه الرخويات أو القواقع. داخل المضيف الوسيط، تفقس البيض وتتطور اليرقات إلى المرحلة المعدية (الطور الثالث).
العودة إلى المضيف الرئيسي: يمكن أن يصاب المضيف الرئيسي بالعدوى عن طريق تناول المضيف الوسيط المصاب، أو عن طريق ابتلاع اليرقات مباشرة من البيئة الملوثة.

تختلف مدة دورة الحياة اعتمادًا على نوع الدودة والظروف البيئية، ولكنها غالبًا ما تستغرق عدة أسابيع أو أشهر.

الأمراض والأعراض

تسبب الديدان الميتروستروجيليدية مجموعة متنوعة من الأمراض في الحيوانات المصابة. تعتمد شدة المرض على نوع الدودة وعدد الإصابات وعمر الحيوان وحالته الصحية العامة. تشمل الأعراض الشائعة:

السعال: غالبًا ما يكون السعال هو العلامة الأولى للإصابة، ويمكن أن يكون خفيفًا أو شديدًا.
ضيق التنفس: قد تواجه الحيوانات المصابة صعوبة في التنفس.
الإفرازات الأنفية: قد تكون هناك إفرازات أنفية، والتي قد تكون شفافة أو مدممة.
فقدان الوزن: يمكن أن يؤدي المرض إلى فقدان الشهية وفقدان الوزن.
الالتهاب الرئوي: في الحالات الشديدة، يمكن أن يتطور الالتهاب الرئوي.
الموت: في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الإصابة الشديدة إلى الموت.

داء الأيلوستروجيلس (Aelurostrongylosis)، الذي تسببه أنواع جنس الأيلوستروجيلس، يؤثر بشكل أساسي على القطط. تشمل الأعراض السعال، وضيق التنفس، وفقدان الوزن، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى الموت. يمكن أن تشمل التشخيصات الأشعة السينية للصدر، وتحليل عينات البراز للكشف عن اليرقات، وإجراء اختبارات الدم.

داء الميتروستروجيلس (Metastrongylosis)، الذي تسببه أنواع جنس الميتروستروجيلس، يصيب الخنازير. تشمل الأعراض السعال، وضيق التنفس، وتوقف النمو، والتهاب رئوي. يمكن أن يؤدي هذا المرض إلى خسائر اقتصادية كبيرة في مزارع الخنازير. يعتمد التشخيص على الأعراض، وفحص البراز بحثًا عن البيض، والفحوصات بعد الوفاة.

التشخيص والعلاج

يعتمد تشخيص الإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية على مجموعة متنوعة من العوامل. يتضمن التشخيص عادةً:

التاريخ المرضي والفحص البدني: يمكن أن تساعد الأعراض التي تظهر على الحيوان، مثل السعال وضيق التنفس، في توجيه التشخيص.
فحص البراز: يمكن تحليل عينات البراز للكشف عن البيض أو اليرقات.
الأشعة السينية: يمكن استخدام الأشعة السينية للصدر لتقييم الرئتين وتحديد علامات الإصابة.
تنظير القصبات الهوائية: في بعض الحالات، يمكن استخدام تنظير القصبات الهوائية للحصول على عينات من الرئتين.
اختبارات الدم: يمكن أن تكشف اختبارات الدم عن وجود استجابة مناعية للديدان.

يعتمد علاج الإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية على نوع الدودة وشدة الإصابة وحالة الحيوان. تشمل العلاجات الشائعة:

مضادات الديدان: تُستخدم الأدوية المضادة للديدان، مثل الإيفرمكتين (Ivermectin) والفينبندازول (Fenbendazole)، لقتل الديدان.
العلاج الداعم: يمكن توفير العلاج الداعم للمساعدة في تخفيف الأعراض، مثل الأكسجين والسوائل.
المضادات الحيوية: إذا كان هناك التهاب رئوي ثانوي، يمكن وصف المضادات الحيوية لعلاجه.

من الضروري استشارة الطبيب البيطري لتشخيص وعلاج الإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية بشكل صحيح.

الوقاية والسيطرة

تعتبر الوقاية من الإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية أمرًا بالغ الأهمية. تشمل تدابير الوقاية والسيطرة:

النظافة: الحفاظ على بيئة نظيفة للحيوانات، بما في ذلك تنظيف وتطهير المساحات التي تعيش فيها الحيوانات.
الحد من الاتصال بالمضيفين الوسيطين: تقليل تعرض الحيوانات للقواقع أو الرخويات، والتي يمكن أن تحمل اليرقات.
المكافحة البيولوجية: في بعض الحالات، يمكن استخدام تقنيات المكافحة البيولوجية، مثل إدخال المفترسات الطبيعية للقواقع.
مراقبة البراز: إجراء فحوصات منتظمة لعقد البراز للكشف عن البيض أو اليرقات.
الاستخدام المنتظم لمضادات الديدان: يمكن استخدام مضادات الديدان بشكل منتظم، خاصة في المناطق التي تكون فيها الإصابة شائعة.
الحجر الصحي: عزل الحيوانات الجديدة قبل إدخالها إلى مجموعة أخرى من الحيوانات، وفحصها للتأكد من عدم إصابتها.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم تثقيف أصحاب الحيوانات حول مخاطر الإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية وأهمية الوقاية والسيطرة عليها.

التأثير الاقتصادي والصحة العامة

لإصابة بالديدان الميتروستروجيليدية تأثير اقتصادي كبير، خاصة في صناعة تربية الخنازير. يمكن أن تؤدي الإصابة إلى انخفاض إنتاج اللحوم، وزيادة تكاليف العلاج، وزيادة معدلات الوفيات. في القطط، يمكن أن يؤدي داء الأيلوستروجيلس إلى خسائر في الأرواح، بالإضافة إلى تكاليف العلاج. على الرغم من أن الديدان الميتروستروجيليدية لا تعتبر عادةً ضارة بصحة الإنسان، إلا أن بعض أنواع الديدان يمكن أن تصيب البشر في حالات نادرة. لذلك، من المهم اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من العدوى والسيطرة عليها.

خاتمة

الفصيلة الميتروستروجيليدية هي مجموعة مهمة من الديدان الأسطوانية التي تصيب الرئة في مجموعة متنوعة من الحيوانات. تعتبر هذه الديدان ذات أهمية اقتصادية وصحية عامة كبيرة. تتطلب السيطرة الفعالة على هذه الديدان مزيجًا من التدابير الوقائية والعلاجية، بما في ذلك الحفاظ على النظافة، والحد من الاتصال بالمضيفين الوسيطين، واستخدام الأدوية المضادة للديدان. يمكن أن يؤدي التشخيص والعلاج المبكر إلى تحسين النتائج وتقليل الخسائر الاقتصادية والصحية.

المراجع

“`