نشأته وحياته المبكرة
ولد كلاس رايمر في عام 1770 في مجتمع مينونايتي مزدهر في روسيا. لم تتوفر معلومات مفصلة عن طفولته المبكرة، ولكن من المعروف أنه نشأ في بيئة دينية محافظة. كان المينوناتيون في روسيا يتمتعون بحرية دينية واقتصادية نسبية، مما ساهم في ازدهار مجتمعاتهم. ومع ذلك، بدأت تظهر بعض المخاوف بشأن التراخي الروحي والانحراف عن التعاليم التقليدية بين بعض المينوناتيين.
في شبابه، انخرط رايمر في الحياة الزراعية، وهي المهنة الرئيسية لمعظم المينوناتيين في ذلك الوقت. من المحتمل أنه تلقى تعليماً دينياً أساسياً في الكنيسة المحلية، حيث كان يتم التركيز على قراءة الكتاب المقدس وحفظه. مع تقدمه في السن، بدأ رايمر يشعر بقلق متزايد بشأن الحالة الروحية للمجتمع المينوناتي، ورأى أن هناك حاجة إلى إصلاح جدي.
بداية الإصلاح
في أوائل القرن التاسع عشر، بدأ كلاس رايمر في التعبير عن مخاوفه بشأن التراخي الروحي والانضباط المتساهل في المجتمع المينوناتي. كان يعتقد أن العديد من المينوناتيين قد تخلوا عن تعاليم الكتاب المقدس الصارمة وانغمسوا في الملذات الدنيوية. بدأ رايمر في الدعوة إلى التوبة الحقيقية، والالتزام الصارم بالانضباط الكنسي، والعودة إلى جذور الإيمان المينوناتي.
جذب رايمر بسرعة مجموعة من الأتباع الذين شاركوه قلقه بشأن الحالة الروحية للمجتمع. بدأوا في الاجتماع بانتظام للصلاة ودراسة الكتاب المقدس ومناقشة كيفية إصلاح الكنيسة. سرعان ما أصبح رايمر قائداً لهذه المجموعة، وبدأوا في التمييز أنفسهم عن بقية المجتمع المينوناتي.
ركزت تعاليم رايمر على أهمية التوبة الحقيقية والإيمان العامل. كان يعتقد أن مجرد الادعاء بالإيمان لا يكفي، بل يجب أن يظهر الإيمان في حياة الفرد من خلال الطاعة للوصايا الإلهية والابتعاد عن الخطيئة. شدد رايمر أيضاً على أهمية الانضباط الكنسي في الحفاظ على نقاء الكنيسة وحمايتها من التأثيرات الضارة.
تأسيس جماعة كلاينه غماينده
في عام 1812، اتخذ كلاس رايمر وأتباعه قرارًا رسميًا بالانفصال عن الكنيسة المينوناتية الرئيسية وتشكيل جماعة مستقلة. أطلقوا على جماعتهم اسم “كلاينه غماينده”، والتي تعني باللغة الألمانية الدنيا “الجماعة الصغيرة”. كان هذا الاسم يعكس اعتقادهم بأنهم يمثلون بقية المؤمنين الحقيقيين وسط مجتمع مينوناتي أكبر وأكثر انحرافًا.
اعتمدت جماعة كلاينه غماينده دستورًا صارمًا للانضباط الكنسي، يهدف إلى الحفاظ على نقاء الكنيسة وحمايتها من التأثيرات الدنيوية. تضمن الدستور قواعد مفصلة بشأن السلوك الشخصي، واللباس، والترفيه، والعلاقات الاجتماعية. تم تطبيق هذه القواعد بصرامة على جميع أعضاء الجماعة، وأي شخص يخرقها كان يخضع للتوبيخ أو التعليق أو حتى الطرد من الكنيسة.
تميزت جماعة كلاينه غماينده أيضاً بتركيزها القوي على التواضع والبساطة في الحياة. تجنب أعضاء الجماعة التباهي بالثروة أو المكانة الاجتماعية، وسعوا جاهدين للعيش حياة بسيطة ومتواضعة. كما شددوا على أهمية العمل الجاد والاكتفاء الذاتي والاعتماد على الله في كل شيء.
هجرة جماعة كلاينه غماينده إلى أمريكا الشمالية
في سبعينيات القرن التاسع عشر، واجهت جماعة كلاينه غماينده تحديات جديدة في روسيا. بدأت الحكومة الروسية في تطبيق سياسات تجنيد إجباري، وهو ما يتعارض مع معتقدات المينوناتيين السلمية. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الحكومة في فرض قيود على الحريات الدينية والاقتصادية للمينوناتيين.
نتيجة لهذه التحديات، قررت جماعة كلاينه غماينده الهجرة إلى أمريكا الشمالية بحثًا عن الحرية الدينية والاقتصادية. في عام 1874، بدأت مجموعة كبيرة من أعضاء الجماعة في الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة. استقروا في البداية في مانيتوبا (كندا) وكانساس ونبراسكا (الولايات المتحدة).
واجه المهاجرون الأوائل العديد من الصعوبات في أمريكا الشمالية، بما في ذلك تعلم لغة جديدة، والتكيف مع ثقافة مختلفة، وإقامة حياة جديدة من الصفر. ومع ذلك، تمكنوا من التغلب على هذه الصعوبات بفضل إيمانهم القوي، وعملهم الجاد، وتعاونهم الوثيق.
حافظت جماعة كلاينه غماينده في أمريكا الشمالية على العديد من الممارسات والمعتقدات التي ورثوها عن كلاس رايمر وأسلافهم في روسيا. استمروا في التأكيد على أهمية الانضباط الكنسي، والتوبة الحقيقية، والالتزام الصارم بتعاليم الكتاب المقدس. كما حافظوا على تركيزهم على التواضع والبساطة في الحياة، والعمل الجاد، والاكتفاء الذاتي.
تأثير كلاس رايمر وإرثه
ترك كلاس رايمر إرثًا دائمًا على المينوناتية المحافظة. ألهمت أفكاره وتعاليمه العديد من المينوناتيين الآخرين للسعي نحو حياة أكثر تقوى والتزامًا بتعاليم الكتاب المقدس. تعتبر جماعة كلاينه غماينده التي أسسها مثالًا حيًا على الإيمان المينوناتي التقليدي والانضباط الكنسي الصارم.
على الرغم من أن جماعة كلاينه غماينده لا تزال صغيرة نسبيًا، إلا أنها حافظت على هويتها المميزة وقيمها الأساسية على مر القرون. لا تزال الجماعة موجودة اليوم في أمريكا اللاتينية، حيث هاجر إليها بعض أعضائها في القرن العشرين. تواصل جماعة كلاينه غماينده التأكيد على أهمية الانضباط الكنسي، والتوبة الحقيقية، والالتزام الصارم بتعاليم الكتاب المقدس.
يعتبر كلاس رايمر شخصية مهمة في تاريخ المينوناتية، حيث قاد حركة إصلاحية داخل المجتمع المينوناتي الروسي في أوائل القرن التاسع عشر. أثرت أفكاره بشكل كبير على تطور المينوناتية المحافظة، ولا تزال جماعة كلاينه غماينده تحافظ على العديد من الممارسات والمعتقدات التي وضعها رايمر.
بالإضافة إلى تأثيره على جماعة كلاينه غماينده، ألهمت تعاليم كلاس رايمر العديد من المينوناتيين الآخرين للسعي نحو حياة أكثر تقوى والتزامًا بتعاليم الكتاب المقدس. يعتبر إرثه بمثابة تذكير بأهمية التوبة الحقيقية، والانضباط الكنسي، والالتزام الصارم بتعاليم الكتاب المقدس.
خاتمة
كان كلاس رايمر شخصية مؤثرة في تاريخ المينوناتية، حيث أسس جماعة كلاينه غماينده، التي دعت إلى الانضباط الكنسي، والتوبة الحقيقية، والالتزام الصارم بتعاليم الكتاب المقدس. قاد رايمر حركة إصلاحية داخل المجتمع المينوناتي الروسي في أوائل القرن التاسع عشر، ولا تزال جماعة كلاينه غماينده تحافظ على العديد من الممارسات والمعتقدات التي وضعها. يعتبر إرثه بمثابة تذكير بأهمية السعي نحو حياة أكثر تقوى والتزامًا بتعاليم الكتاب المقدس.