أصل العشور الثاني في الكتاب المقدس
يُذكر العشور الثاني لأول مرة في سفر التثنية، الفصل الرابع عشر، الآيات 22-29. يوضح هذا المقطع الأمر بإعطاء العشور السنوي من الحبوب والخمر والزيت وجميع محاصيل الأرض. يتم أخذ هذا العشور إلى المكان الذي يختاره الله (القدس)، حيث يأكله صاحب الأرض مع عائلته والفقراء واللاويين. هذا العمل، وفقًا للكتاب المقدس، يجلب البركة والازدهار.
هناك أيضًا إشارة إلى العشور الثاني في سفر اللاويين، حيث يوضح هذا السفر بالتفصيل العديد من القوانين والفرائض الدينية. يُنظر إلى العشور الثاني على أنه وسيلة لتقديس جزء من إنتاج الأرض لله، والاعتراف بفضله. في سفر العدد، يشار إلى العشور الأول الذي يُعطى للاويين، في حين يخصص العشور الثاني للاستهلاك في القدس.
أحكام العشور الثاني
تخضع أحكام العشور الثاني لعدة ضوابط وتفاصيل دقيقة. أولاً، يحدد الكتاب المقدس أنواع المحاصيل التي تخضع للعشور الثاني. تشمل هذه المحاصيل الحبوب، الخمر، الزيت، والفواكه والخضروات. ثانيًا، يتم حساب العشور الثاني بعد إعطاء العشور الأول للاويين. ثالثًا، يتم تخصيص العشور الثاني للسنوات التي يقتضي فيها، بينما في السنوات السابعة (سنة السبت)، يخصص العشور للفقراء.
- حساب العشور: بعد حساب العشور الأول للاويين، يتم حساب العشور الثاني بنسبة 10% من الباقي.
- مكان الاستهلاك: يجب أن يؤكل العشور الثاني في القدس، مما يتطلب من المزارعين نقله إلى هناك.
- الحماية: يجب حماية العشور الثاني من التلوث أو الاستخدام غير المصرح به.
عندما لا يتمكن المزارع من حمل العشور إلى القدس، يُسمح له بتحويله إلى نقود. تُستخدم هذه النقود لشراء الطعام والشراب في القدس للاستهلاك الشخصي. هذا الحل العملي يسمح لليهود من جميع أنحاء إسرائيل بالمشاركة في هذه الفريضة.
الاستثناءات والتغييرات
على مر التاريخ، شهد تطبيق العشور الثاني بعض التغييرات والاستثناءات. خلال فترة الهيكل الثاني، كان تطبيق العشور الثاني أكثر شيوعًا، حيث كانت القدس مركزًا دينيًا. بعد تدمير الهيكل، تغيرت بعض الأحكام. أولاً، أصبح من الصعب للغاية تطبيق العشور الثاني كما هو موضح في الكتاب المقدس. ثانيًا، ظهرت بعض البدائل. ثالثًا، في الوقت الحاضر، يتبع اليهود الأرثوذكسييون قواعد معينة لتطبيق العشور الثاني.
- تدمير الهيكل: بعد تدمير الهيكل، لم يعد بالإمكان تطبيق العشور الثاني بشكل كامل، حيث لم يعد هناك مكان مركزي للاستهلاك.
- البدائل: لتسهيل الأمر، تم تطوير بدائل مثل شراء الطعام والشراب في القدس باستخدام أموال العشور.
- التطبيق الحالي: اليوم، يعتمد تطبيق العشور الثاني على تفسيرات الحاخامات والقوانين الدينية.
العشور الثاني في الفكر اليهودي
يمثل العشور الثاني أكثر من مجرد فريضة زراعية. فهو يمثل التقوى والإخلاص لله. يؤكد هذا النظام على أهمية الاعتراف بفضل الله في كل جوانب الحياة، بما في ذلك الإنتاج الزراعي. يعتبر إحضار العشور إلى القدس فرصة للتواصل مع الله، والاحتفال بالوحدانية، وإظهار الامتنان.
بالإضافة إلى ذلك، يربط العشور الثاني الشعب اليهودي ببعضه البعض. يشارك الجميع في هذا الفعل، سواء كانوا مزارعين أو مستهلكين. هذا يعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية المشتركة. يذكر العشور الثاني اليهود بواجبهم تجاه الآخرين، وخاصة الفقراء والمحتاجين.
العشور الثاني والمسؤولية الاجتماعية
بالإضافة إلى الجانب الديني، يشتمل العشور الثاني على أبعاد اجتماعية مهمة. من خلال توفير الطعام والشراب في القدس، يدعم العشور الثاني اقتصاد المنطقة. هذا النظام يشجع على التجارة والتبادل. يسمح العشور الثاني للفقراء بالمشاركة في الاحتفالات الدينية. كما يساهم في إثراء الحياة الروحية للمجتمع.
يبرز العشور الثاني أهمية العدالة الاجتماعية في اليهودية. يضمن هذا النظام حصول الجميع على فرصة للاستمتاع بالخيرات الأرضية، بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية والاقتصادية. من خلال إعطاء العشور، يشارك اليهود في بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا.
العلاقة بين العشور الثاني والآخرين
يرتبط العشور الثاني ارتباطًا وثيقًا بفريضة العشور الأول، التي تُعطى للاويين. كلاهما يمثلان التزامًا بدعم المؤسسات الدينية والحفاظ على الحياة الدينية. كما يرتبط العشور الثاني بفرائض أخرى، مثل سنة السبت (شميتة) وسنة اليوبيل (يوبيل). كل هذه الفرائض تشترك في هدف واحد: تعزيز العدالة الاجتماعية والروحانية.
العشور الثاني يتناغم مع القيم اليهودية الأخرى مثل البركة والعطاء. من خلال المشاركة في العشور الثاني، يشارك اليهود في فعل بركة، ويظهرون الامتنان لله. من خلال العطاء، يشاركون في عملية النمو الروحي.
تحديات تطبيق العشور الثاني في العصر الحديث
في العصر الحديث، يواجه تطبيق العشور الثاني بعض التحديات. أولاً، تتطلب الزراعة الحديثة تقنيات جديدة قد تؤثر على طريقة حساب العشور. ثانيًا، قد يكون من الصعب تحديد المنتجات التي تخضع للعشور. ثالثًا، يواجه اليهود الذين يعيشون خارج إسرائيل صعوبة في الوفاء بهذا الواجب.
- الزراعة الحديثة: تتطلب الزراعة الحديثة حسابًا دقيقًا للمنتجات والإنتاج.
- تحديد المنتجات: قد يكون من الصعب تحديد المنتجات التي تخضع للعشور.
- اليهود في الخارج: يواجه اليهود الذين يعيشون خارج إسرائيل تحديات خاصة في تطبيق العشور الثاني.
بالرغم من هذه التحديات، يواصل اليهود الأرثوذكسيون في جميع أنحاء العالم السعي لتطبيق العشور الثاني وفقًا للتفسيرات والقوانين الدينية. يمثل العشور الثاني جزءًا مهمًا من هويتهم الدينية والروحية.
أهمية العشور الثاني في اليهودية
يعتبر العشور الثاني جزءًا لا يتجزأ من الممارسات الدينية اليهودية. يمثل العشور الثاني تعبيرًا عن الإيمان والامتنان لله. من خلال الوفاء بهذا الواجب، يؤكد اليهود على التزامهم بالقيم الدينية والأخلاقية. كما يربط العشور الثاني اليهود بتاريخهم وتقاليدهم.
العشور الثاني يعزز التراحم والمشاركة المجتمعية. من خلال توزيع الطعام في القدس، يشارك اليهود في دعم الفقراء والمحتاجين. هذا الفعل يعكس روح التعاون والمسؤولية الاجتماعية. من خلال العشور الثاني، يشارك اليهود في بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا.
خاتمة
باختصار، العشور الثاني هو فريضة دينية زراعية هامة في اليهودية، مذكورة في الكتاب المقدس. يهدف هذا النظام إلى تقديس جزء من إنتاج الأرض لله، ودعم الكهنة واللاويين، وتوفير الطعام والشراب في القدس. يمثل العشور الثاني رمزًا للإيمان والامتنان، ويعزز العدالة الاجتماعية والمشاركة المجتمعية. على الرغم من التحديات التي تواجه تطبيقه في العصر الحديث، يظل العشور الثاني جزءًا حيويًا من الممارسات الدينية اليهودية، ويحافظ على أهميته الروحية والاجتماعية.