بهايرف (Bhairav)

أصل وتاريخ بهايرف

يعود أصل بهايرف إلى التقاليد الموسيقية القديمة في الهند. يرتبط اسمه بالإله الهندوسي شيفا، الذي يعرف أيضًا باسم بهايرف. يعتقد الكثيرون أن هذا الرجا يعكس صفات شيفا، بما في ذلك القوة، والوقار، والتأمل العميق. على مر القرون، تطورت بهايرف وتفرعت إلى أشكال مختلفة، ولكل منها سمات مميزة خاصة بها. تم توارث هذا الرجا عبر الأجيال من خلال تقليد “غوروشيشيا بارامبرا” (نظام المعلم والتلميذ)، حيث يتم تمرير المعرفة الموسيقية مباشرة من المعلم إلى التلميذ.

خصائص بهايرف الموسيقية

يتميز بهايرف بمقامه الموسيقي الثابت، حيث تكون النغمات الأساسية مثل ريشاب (Re) و ديفاتا (Dha) مسطحة. هذا يعطي الرجا طابعًا جادًا ورصينًا. في سلم الرجا، يتم استخدام جميع النغمات السبعة (سا، ري، غا، ما، با، دا، ني) في كل من الصعود (آروه) والهبوط (أفروه). هذا يجعله “سامبورنا راجا”.

بعض الميزات الرئيسية لبهايرف:

  • التاحات (Thaat): ينتمي بهايرف إلى ثات بهايرف، وهو أحد الثاتات العشرة الرئيسية في الموسيقى الهندوستانية.
  • الساما (Samay – الوقت): يرتبط بهايرف تقليديًا بفترة الصباح الباكر، مما يعكس جو الهدوء والتأمل في هذه الفترة.
  • البراكر (Prakar): يشتمل بهايرف على العديد من “البراكر” (أشكال أو اختلافات) المختلفة، مثل بهايرفي، بهايرفي بهايرف، بهايرفي كانادا، وغيرها.
  • الرس (Ras – المشاعر): يثير بهايرف مشاعر متنوعة، بما في ذلك الوقار، والتأمل، والهدوء، والجدية.

تكوين بهايرف

يتكون بهايرف من سبعة نغمات أساسية. يعتمد هيكل الرجا على التسلسل اللحني المحدد لهذه النغمات. يتميز بهايرف باستخدام خاص للنغمات المسطحة في ريشاب وديفاتا. هذا الاستخدام يعطي بهايرف هويته المميزة. الصعود والهبوط في بهايرف:

  • آروه (صعود): Sa Re Ga Ma Pa Dha Ni Sa
  • أفروه (هبوط): Sa Ni Dha Pa Ma Ga Re Sa

حيث:

  • Sa: Shadaj (دو)
  • Re: Komal Rishabh (ري مسطحة)
  • Ga: Komal Gandhar (غا مسطحة)
  • Ma: Teevra Madhyam (مي مرتفعة)
  • Pa: Pancham (فا)
  • Dha: Komal Dhaivat (دي مسطحة)
  • Ni: Komal Nishad (ني مسطحة)

أهمية بهايرف الثقافية

يتمتع بهايرف بأهمية ثقافية كبيرة في الهند. يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالطقوس الدينية، وخاصة تلك المتعلقة بعبادة الإله شيفا. غالبًا ما يتم عزفها في المعابد وفي المناسبات الاحتفالية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر بهايرف جزءًا لا يتجزأ من التعليم الموسيقي الكلاسيكي الهندوستاني، حيث يتم تدريسه كأحد الرجات الأساسية للموسيقيين الناشئين.

تأثير بهايرف على المستمعين:

يعتبر بهايرف راجا قويًا ومؤثرًا. يمكن أن يساعد على إحداث حالة من الهدوء والتركيز. غالبًا ما يستخدم في التأمل واليوغا. بفضل طابعه الجاد والمهيب، يمكن لبهايرف أن يلهم التأمل الذاتي والتواصل مع الروحانيات.

أشكال بهايرف

مع مرور الوقت، تطور بهايرف إلى العديد من الأشكال المختلفة. هذه الأشكال، أو البراكرات، تختلف في بعض التفاصيل اللحنية، مما يمنح كل منها طابعًا فريدًا. بعض الأشكال الأكثر شيوعًا تشمل:

  • بهايرفي: يعتبر هذا الشكل الأكثر شيوعًا، وغالبًا ما يتم عزفه في الصباح. يتميز بجماله وإحساسه العميق.
  • بهايرفي كانادا: يجمع هذا الشكل بين عناصر بهايرف وراغ كانادا، مما يخلق مزيجًا مثيرًا للاهتمام.
  • بهايرفي بهايرف: يمثل هذا الشكل تطورًا آخر لبهايرف، ويتميز ببعض التغييرات في السلم والنغمات المستخدمة.

كيفية أداء بهايرف

يتطلب أداء بهايرف مهارة عالية في الموسيقى الكلاسيكية الهندوستانية. يجب على المؤدي أن يكون على دراية كاملة بالسلم، والبهاكرات، والأسلوب العام لهذا الرجا. تتضمن عملية الأداء عادةً:

  • الآلاب (Alap): وهو الجزء الافتتاحي البطيء والتأملي الذي يقدم الرجا.
  • الجوود (Jod): وهو الجزء الذي يضيف إيقاعًا تدريجيًا.
  • الغاث (Gat): وهو الجزء الرئيسي الذي يتم فيه استخدام الإيقاع بشكل كامل، وعادةً ما يتم عزفه على آلات مثل السيتار أو السارود.
  • التيارات (Taan): وهي أنماط مرتجلة سريعة من النغمات تظهر مهارة المؤدي.

أدوات تستخدم في العزف

عادةً ما يتم عزف بهايرف على مجموعة متنوعة من الآلات الموسيقية. الآلات الأكثر شيوعًا تشمل:

  • السيتار: آلة وترية شائعة جدًا في الموسيقى الهندوستانية.
  • السارود: آلة وترية أخرى ذات صوت عميق ودافئ.
  • الباسوري (الناي): آلة نفخ خشبية.
  • الطبلا: آلات قرع تستخدم لإضافة الإيقاع.
  • البيانو: يمكن استخدامه أيضًا في عزف بهايرف.

بهايرف في العصر الحديث

لا يزال بهايرف يحظى بشعبية كبيرة في العصر الحديث. يستمر الموسيقيون في جميع أنحاء العالم في عزفه وتفسيره بطرق جديدة ومبتكرة. يمكن سماع بهايرف في الحفلات الموسيقية، والتسجيلات، والأفلام. يواصل بهايرف إلهام الموسيقيين والمستمعين على حد سواء، مما يضمن استمرار إرثه الموسيقي الغني.

بهايرف في الثقافة الشعبية:

على الرغم من طبيعته الكلاسيكية، ظهر بهايرف في بعض الأحيان في الموسيقى الشعبية والأفلام، مما أتاح له الوصول إلى جمهور أوسع. هذا يساهم في الحفاظ على شعبيته وتأثيره الثقافي.

نصائح للمستمعين

لاستكشاف بهايرف بشكل كامل، يمكن للمستمعين:

  • الاستماع في الصباح الباكر: لتجربة الجو الأمثل للرجا.
  • البحث عن تسجيلات لفنانين مشهورين: مثل باندايت بهيمسن جوشي، أمان علي خان، وآخرين.
  • قراءة عن تاريخ وثقافة الرجا: لفهم أعمق للمعنى الروحي.
  • الاستماع بتركيز: للسماح للموسيقى بالتأثير على المشاعر والأحاسيس.

خاتمة

بهايرف هو راجا كلاسيكي هندوستاني يتمتع بتاريخ طويل وأهمية ثقافية كبيرة. يتميز بطابعه الجاد والرصين، وارتباطه بالصباح الباكر، والتأمل. من خلال فهم خصائصه الموسيقية، وأشكاله المختلفة، وأهميته الثقافية، يمكن للمستمعين تقدير الجمال والعمق الذي يقدمه بهايرف. يواصل هذا الرجا إلهام الموسيقيين والمستمعين، مما يضمن استمراره كجزء حيوي من التراث الموسيقي الهندي.

المراجع

“`