<![CDATA[
مقدمة
جوزيف لودو (بالإنجليزية: Joseph E. LeDoux) (ولد في 7 ديسمبر 1949) هو عالم أعصاب أمريكي تركز أبحاثه بشكل أساسي على دوائر البقاء. تشمل اهتماماته البحثية الذاكرة والعاطفة، وخاصة الخوف والقلق. وهو أستاذ علم الأعصاب في جامعة نيويورك، ومدير مختبر علم الأعصاب العاطفي، ورئيس شركة علوم البدائل العاطفية. اشتهر لودو بعمله الرائد في فهم الآليات العصبية للخوف، حيث أظهر كيف يمكن للدماغ معالجة المعلومات الحسية بسرعة وبشكل غير واعٍ لإنتاج استجابات دفاعية. لقد كان لعمله تأثير كبير على فهمنا للقلق والاضطرابات المرتبطة بالصدمات، وأدى إلى تطوير علاجات جديدة لهذه الحالات.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد جوزيف لودو في يوجين، لويزيانا، ونشأ في مجتمع كاجون في فيل بلات، لويزيانا. حصل على درجة البكالوريوس في العلوم في إدارة الأعمال من جامعة ولاية لويزيانا في عام 1972، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك في عام 1977. أكمل زمالة ما بعد الدكتوراه في طب الأعصاب في جامعة كورنيل.
المسيرة الأكاديمية والبحثية
بعد الانتهاء من زمالة ما بعد الدكتوراه، انضم لودو إلى كلية جامعة كورنيل. في عام 1991، انتقل إلى جامعة نيويورك، حيث يعمل حاليًا كأستاذ علم الأعصاب. أسس مختبر علم الأعصاب العاطفي في جامعة نيويورك، والذي يركز على الدوائر العصبية التي تكمن وراء العواطف، وخاصة الخوف والقلق. على مدار حياته المهنية، نشر لودو العديد من المقالات العلمية المؤثرة، وكتب العديد من الكتب المشهورة حول علم الأعصاب والعاطفة.
أبحاث الخوف والقلق
يركز عمل لودو في المقام الأول على فهم الدوائر العصبية التي تكمن وراء الخوف والقلق. لقد أجرى أبحاثًا مكثفة حول دور اللوزة الدماغية، وهي منطقة دماغية صغيرة على شكل لوزة، في معالجة الخوف. أظهر لودو أن اللوزة الدماغية تتلقى معلومات حسية من المهاد والقشرة الحسية، وتقوم بمعالجة هذه المعلومات لإنتاج استجابات دفاعية، مثل زيادة معدل ضربات القلب، والتنفس السريع، وإفراز هرمونات التوتر. اكتشف لودو أيضًا أن هناك مسارين عصبيين متميزين للخوف: مسار “سريع” يمر مباشرة من المهاد إلى اللوزة الدماغية، ومسار “بطيء” يمر من المهاد إلى القشرة الحسية ثم إلى اللوزة الدماغية. يسمح المسار السريع بالاستجابات السريعة وغير الواعية للمخاطر، بينما يسمح المسار البطيء بمعالجة أكثر تفصيلاً وواعية للمعلومات الحسية.
توسع لودو لاحقًا في عمله ليشمل دوائر عصبية أخرى تشارك في القلق، بما في ذلك الحُصين والقشرة الأمامية الجبهية. لقد أظهر أن الحُصين يلعب دورًا في معالجة الذكريات السياقية للخوف، بينما تشارك القشرة الأمامية الجبهية في تنظيم استجابات الخوف. اقترح لودو نموذجًا للخوف والقلق يشدد على التفاعل بين هذه الدوائر العصبية المختلفة. وفقًا لهذا النموذج، يتم تشغيل الخوف من خلال تهديد فوري، بينما ينشأ القلق من تصور تهديد مستقبلي محتمل. يعتقد لودو أن القلق هو في الأساس شكل من أشكال الذاكرة، حيث نتذكر التجارب السلبية السابقة ونتوقع أنها ستحدث مرة أخرى.
الوعي والعاطفة
في السنوات الأخيرة، ركز لودو بشكل متزايد على العلاقة بين الوعي والعاطفة. يجادل لودو بأن العواطف ليست شيئًا يحدث لنا، بل هي أشياء نخلقها بوعي. وفقًا للودو، فإن اللوزة الدماغية ليست مركزًا للخوف، بل هي منطقة دماغية تشارك في الكشف عن التهديدات والاستجابة لها. يقول لودو أن تجربة الخوف هي بناء معرفي ينشأ من تفسيرنا لاستجاباتنا الجسدية للمخاطر. وبالمثل، يجادل لودو بأن العواطف الأخرى، مثل السعادة والحزن، ليست حقائق فطرية، بل هي بناءات معرفية تنشأ من تفسيراتنا لتجاربنا.
يقترح لودو أن فهم العلاقة بين الوعي والعاطفة يمكن أن يكون له آثار مهمة على علاج الأمراض العقلية. يعتقد لودو أنه من خلال تغيير الطريقة التي نفسر بها تجاربنا العاطفية، يمكننا تقليل تأثير المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق. لقد طور لودو علاجًا جديدًا للقلق يسمى “إعادة التقييم العاطفي”، والذي يتضمن تعليم الناس كيفية تحدي الأفكار والمعتقدات السلبية التي تساهم في قلقهم. وقد ثبت أن هذا العلاج فعال في الحد من أعراض القلق لدى البالغين والأطفال.
علوم البدائل العاطفية
جوزيف لودو هو رئيس شركة علوم البدائل العاطفية (بالإنجليزية: Emotional Brain Institute)، وهي شركة تركز على تطوير علاجات جديدة للأمراض العقلية. تعمل الشركة حاليًا على تطوير دواء جديد للقلق يستهدف اللوزة الدماغية. تعمل الشركة أيضًا على تطوير مجموعة من الأدوات الرقمية التي يمكن استخدامها لمساعدة الأشخاص على إدارة عواطفهم.
الجوائز والتكريمات
- جائزة جمعية علم النفس الأمريكية للإسهامات العلمية المتميزة في علم النفس (2016)
- جائزة وليام جيمس زميل جمعية العلوم النفسية (2014)
- عضو في الأكاديمية الوطنية للعلوم
مؤلفاته
- الدماغ العاطفي: الأسرار الغامضة للجذور العاطفية (The Emotional Brain: The Mysterious Underpinnings of Emotional Life) (1996)
- الخوف: في عالم داخلي (Anxious: Using the Brain to Understand and Treat Fear and Anxiety) (2015)
- الحياة العميقة للدماغ: كيف صنعت أدمغنا الذات (The Deep History of Ourselves: The Four-Billion-Year Story of How We Got Conscious Brains) (2019)
تأثيره
كان لعمل جوزيف لودو تأثير كبير على فهمنا للخوف والقلق والعاطفة. لقد ساهمت أبحاثه في تطوير علاجات جديدة لهذه الحالات، كما أنها أثرت على الطريقة التي نفكر بها في العلاقة بين الدماغ والعقل. يعتبر لودو أحد أكثر علماء الأعصاب نفوذاً في العالم، ويستمر عمله في تشكيل مجال علم الأعصاب العاطفي.
انتقادات
على الرغم من تأثيره الكبير، واجه عمل لودو بعض الانتقادات. يجادل بعض النقاد بأن تركيز لودو على اللوزة الدماغية قد أدى إلى تبسيط مفرط للدوائر العصبية التي تكمن وراء العاطفة. يجادل آخرون بأن تركيز لودو على الخوف والقلق قد أهمل جوانب مهمة أخرى من الحياة العاطفية، مثل السعادة والحب. ومع ذلك، يعترف معظم العلماء بأهمية عمل لودو في تطوير فهمنا للدماغ والعاطفة.
خاتمة
يُعد جوزيف لودو شخصية بارزة في مجال علم الأعصاب العاطفي، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهمنا للآليات العصبية للخوف والقلق والعواطف الأخرى. من خلال أبحاثه الرائدة ونظرياته المؤثرة، ساعد لودو في تشكيل مجال علم الأعصاب العاطفي وأثر على الطريقة التي نفكر بها في العلاقة بين الدماغ والعقل. على الرغم من بعض الانتقادات، يظل عمل لودو ذا أهمية كبيرة ويستمر في إلهام علماء الأعصاب والباحثين في جميع أنحاء العالم.