نشأته وبداياته
ولد لطفي لحام في داريا، وهي بلدة تقع بالقرب من دمشق، سوريا. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس المحلية، ثم انتقل إلى دير المخلص في لبنان لمتابعة دراساته اللاهوتية والفلسفية. في عام 1959، سيم كاهنًا، وبدأ مسيرته الدينية الحافلة.
مسيرته الكهنوتية والأسقفية
بعد رسامته كاهنًا، شغل الأب لطفي لحام عدة مناصب كنسية، بما في ذلك التدريس في المدارس وخدمة الرعية. في عام 1977، تم اختياره أسقفًا لأبرشية القدس للروم الملكيين الكاثوليك. خلال فترة أسقفيته، قام بتوسيع نطاق الخدمات الكنسية والاجتماعية في الأراضي المقدسة، ودافع عن حقوق الفلسطينيين المسيحيين. كما قام بتأسيس العديد من المؤسسات التعليمية والإنسانية.
بطريرك أنطاكية
في عام 2000، انتخب الأب لطفي لحام بطريركًا لأنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، واتخذ اسم غريغوريوس الثالث. تولى هذا المنصب في فترة صعبة، حيث كانت المنطقة تشهد صراعات سياسية واجتماعية كبيرة. سعى البطريرك غريغوريوس الثالث إلى تعزيز الحوار بين الأديان، والدفاع عن حقوق المسيحيين في الشرق الأوسط. كما عمل على توحيد الكنيسة الملكية الكاثوليكية وتعزيز دورها في العالم.
جهوده في الحوار بين الأديان
من أبرز إنجازات البطريرك غريغوريوس الثالث جهوده في الحوار بين الأديان. آمن بأهمية بناء جسور التواصل والتفاهم بين المسيحيين والمسلمين واليهود، وعمل على تنظيم العديد من المؤتمرات والاجتماعات لتعزيز هذا الحوار. كان يعتبر أن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. التقى بالعديد من القادة الدينيين والسياسيين من مختلف الأديان، وعمل معهم على إيجاد حلول سلمية للنزاعات.
مواقفه السياسية والإنسانية
اتخذ البطريرك غريغوريوس الثالث مواقف واضحة تجاه القضايا السياسية والإنسانية في المنطقة. دافع عن حقوق الإنسان، وعارض العنف والظلم. كان مؤيدًا قويًا للقضية الفلسطينية، ودعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما انتقد التدخلات العسكرية في المنطقة، ودعا إلى حلول سلمية للصراعات. لعب دورًا هامًا في مساعدة اللاجئين والنازحين، وقدم الدعم الإنساني للمحتاجين.
إنجازاته في المجال الكنسي
خلال فترة بطريركيته، قام البطريرك غريغوريوس الثالث بالعديد من الإنجازات في المجال الكنسي. قام بتحديث القوانين الكنسية، وعمل على تعزيز دور الكنيسة الملكية الكاثوليكية في العالم. قام بتأسيس العديد من المؤسسات التعليمية والثقافية، وساهم في تطوير اللاهوت الملكي. كما عمل على الحفاظ على التراث الروحي والثقافي للكنيسة الملكية الكاثوليكية.
أعماله الأدبية والكتابية
بالإضافة إلى مهامه الدينية، كان البطريرك غريغوريوس الثالث كاتبًا غزير الإنتاج. ألف العديد من الكتب والمقالات حول اللاهوت، والحوار بين الأديان، والقضايا الاجتماعية والسياسية. تعتبر كتاباته مصدرًا هامًا للفكر المسيحي الملكي، وتساهم في فهم أفضل للقضايا التي تواجه المسيحيين في الشرق الأوسط والعالم.
استقالته وتقاعده
في عام 2013، قدم البطريرك غريغوريوس الثالث استقالته من منصب البطريرك، بسبب تقدمه في السن. تقاعد وعاد إلى سوريا، حيث واصل نشاطه في خدمة الكنيسة والمجتمع. على الرغم من تقاعده، ظل صوته مسموعًا، وواصل الدعوة إلى السلام والعدالة والمحبة.
إرثه
ترك البطريرك غريغوريوس الثالث إرثًا عظيمًا. يُذكر كقائد ديني متميز، ومدافع عن حقوق الإنسان، ومؤمن بالحوار والسلام. يعتبر رمزا للوحدة والتسامح في الشرق الأوسط. تظل إسهاماته في تعزيز الحوار بين الأديان، ودعم القضية الفلسطينية، وتطوير الكنيسة الملكية الكاثوليكية، علامات فارقة في تاريخ الكنيسة والعالم.
الأوسمة والتقديرات
حصل البطريرك غريغوريوس الثالث على العديد من الأوسمة والتقديرات خلال حياته. تقديرًا لخدماته الجليلة في تعزيز الحوار بين الأديان، والدفاع عن حقوق الإنسان، ونشر السلام. حاز على العديد من الجوائز والميداليات من مختلف المؤسسات الدينية والسياسية والثقافية.
حياته الشخصية
كان البطريرك غريغوريوس الثالث معروفًا بتواضعه وبساطته. كان يتمتع بشخصية محبوبة ومؤثرة، وقدرة فريدة على التواصل مع الناس من مختلف الخلفيات. كان يحب القراءة والكتابة، ويمارس الرياضة بانتظام للحفاظ على صحته. كان قدوة للكثيرين في الإيمان والعمل الصالح.
نشاطاته في مجال الإعلام
استخدم البطريرك غريغوريوس الثالث وسائل الإعلام المختلفة لنشر رسالته. أجرى العديد من المقابلات الصحفية، وشارك في برامج تلفزيونية وإذاعية. كما استخدم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع المؤمنين والجمهور بشكل عام. ساهمت جهوده الإعلامية في نشر الوعي حول قضايا العدالة والسلام، وتعزيز الحوار بين الأديان.
نظرة عامة على الكنيسة الملكية الكاثوليكية
الكنيسة الملكية الكاثوليكية هي كنيسة كاثوليكية شرقية، تتبع تقليدًا ليتورجيًا شرقيًا. وهي في شركة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكية في روما، وتعترف برئاسة البابا. يتبع أعضاء الكنيسة الملكية الكاثوليكية الطقوس البيزنطية. تتميز الكنيسة الملكية الكاثوليكية بتاريخ طويل وعريق، وتلعب دورًا هامًا في حياة المسيحيين في الشرق الأوسط والعالم.
التحديات التي واجهها
واجه البطريرك غريغوريوس الثالث العديد من التحديات خلال فترة بطريركيته. بما في ذلك الصراعات السياسية والاجتماعية في المنطقة، والظروف الصعبة التي يعيش فيها المسيحيون. ومع ذلك، تمكن من التغلب على هذه التحديات من خلال القيادة الحكيمة والإيمان القوي. بذل جهودًا كبيرة لحماية حقوق المسيحيين، وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
مستقبله
بعد تقاعده، يواصل البطريرك غريغوريوس الثالث العيش حياة هادئة. يخصص وقته للصلاة والتأمل والكتابة. يشارك في المناسبات الكنسية والاجتماعية، ويقدم المشورة والدعم للمؤمنين. يعتبر مثالًا حيًا على التفاني والالتزام بخدمة الله والإنسانية.
خاتمة
يعتبر غريغوريوس الثالث لحام شخصية بارزة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الشرقية. ترك إرثًا دينيًا وإنسانيًا كبيرًا، من خلال جهوده في الحوار بين الأديان، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعزيز السلام. كانت قيادته حكيمة، ومواقفه شجاعة، وإسهاماته في تعزيز الوحدة والتسامح لا تقدر بثمن. يظل اسمه محفورًا في ذاكرة الكنيسة والعالم كرمز للسلام والمحبة.