نشأتها وبداية مسيرتها المهنية
ولدت هيلين ماكمورتشي في مدينة أومم، أونتاريو، كندا. تلقت تعليمها في جامعة تورنتو، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في عام 1883. ثم واصلت دراستها في الطب في نفس الجامعة، وتخرجت بدرجة دكتوراه في الطب عام 1890. كانت من بين النساء الأوائل اللواتي تخرجن من كلية الطب في كندا، مما يبرز شجاعتها وتصميمها في مواجهة التحديات التي واجهتها النساء في ذلك الوقت.
بعد تخرجها، بدأت ماكمورتشي ممارسة الطب في تورنتو، وعملت في مجالات مختلفة بما في ذلك طب الأطفال وصحة المرأة. اكتسبت سمعة طيبة كطبيبة ماهرة ومتعاطفة، وكانت تحظى باحترام كبير من قبل مرضاها وزملائها. سرعان ما أدركت أهمية الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة العامة، مما دفعها إلى التركيز على هذا الجانب من الطب.
مساهماتها في مجال الصحة العامة
تعتبر هيلين ماكمورتشي رائدة في مجال الصحة العامة في كندا. شغلت منصب “مفتشة الأمومة والطفولة” في وزارة الصحة الكندية من عام 1910 إلى عام 1934. في هذا الدور، قامت بإجراء تحقيقات شاملة حول صحة الأطفال والأمهات في جميع أنحاء البلاد. جمعت بيانات مفصلة عن معدلات وفيات الرضع والأطفال، وظروف المعيشة، والوصول إلى الرعاية الصحية. استخدمت هذه البيانات لتسليط الضوء على المشاكل الصحية الخطيرة التي تواجهها الأمهات والأطفال، وتقديم توصيات لتحسين الأوضاع.
أحد أهم إسهاماتها كان تركيزها على تثقيف الجمهور حول أهمية النظافة والوقاية من الأمراض. نشرت ماكمورتشي العديد من الكتيبات والمقالات التي قدمت نصائح عملية للأمهات حول كيفية العناية بأطفالهن، وكيفية الوقاية من الأمراض الشائعة. كما ألقت محاضرات عامة وشاركت في البرامج الإذاعية لزيادة الوعي بأهمية الصحة العامة.
ساهمت ماكمورتشي في سن العديد من التشريعات والسياسات التي تهدف إلى تحسين صحة الأطفال والأمهات. عملت مع السياسيين والمسؤولين الحكوميين للدفاع عن حقوق الأطفال، وضمان حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة. كانت من المؤيدين المتحمسين لإنشاء عيادات صحية للأطفال، وتوفير خدمات رعاية الأمومة، وتنظيم سياسات العمل لحماية صحة النساء العاملات.
الدور في رعاية المعاقين
بالإضافة إلى عملها في مجال صحة الأم والطفل، كانت هيلين ماكمورتشي مهتمة بشكل خاص برعاية المعاقين. أجرت دراسات مكثفة حول أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في كندا، وسلطت الضوء على التحديات التي يواجهونها، مثل نقص الوصول إلى التعليم والتدريب والتوظيف. دعت إلى تحسين الخدمات المقدمة للمعاقين، وإلى توفير الدعم المالي والاجتماعي لهم.
أحد أبرز إنجازاتها في هذا المجال هو عملها على تطوير نظام التعليم الخاص للأطفال ذوي الإعاقة. دافعت عن توفير المدارس المتخصصة والبرامج التعليمية التي تلبي احتياجاتهم الخاصة. كما عملت على تغيير المواقف المجتمعية تجاه الإعاقة، وتعزيز التسامح والشمولية.
المنشورات والمؤلفات
ألفت هيلين ماكمورتشي العديد من الكتب والمقالات التي ساهمت في نشر الوعي الصحي. من بين أشهر مؤلفاتها:
- “صحة الأطفال في كندا” (The Canadian Mother and Child)
- “الرعاية الصحية للأطفال” (Care of the Baby)
- “صحة الطفل في الريف” (The Rural Child)
- “معالجة الرضع” (Baby’s First Year)
كانت كتاباتها واضحة ومفهومة، وتهدف إلى تزويد القراء بالمعلومات العملية التي تمكنهم من اتخاذ قرارات صحية أفضل. ساهمت مؤلفاتها في تحسين مستوى الرعاية الصحية في كندا، وساعدت على نشر الوعي بأهمية الوقاية من الأمراض.
التقدير والجوائز
حصلت هيلين ماكمورتشي على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لعملها الدؤوب وإسهاماتها في مجال الصحة العامة. في عام 1935، حصلت على وسام الإمبراطورية البريطانية (CBE) تقديرًا لخدماتها المتميزة. كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة كوينز في عام 1921. يُذكر اسمها في العديد من السجلات التاريخية كواحدة من أهم الشخصيات في تاريخ الصحة العامة في كندا.
كانت ماكمورتشي ملهمة للعديد من الأطباء والمهنيين الصحيين، واستمرت أعمالها في التأثير على السياسات والممارسات الصحية حتى يومنا هذا. ألهمت جيلًا جديدًا من المهتمين بالصحة العامة ورعاية الأطفال.
إرثها
تركت هيلين ماكمورتشي إرثًا دائمًا في مجال الصحة العامة في كندا. عملها كرائدة في مجال الصحة العامة أحدث تغييرات كبيرة في حياة الآلاف من الأطفال والأمهات. ساهمت في تحسين الظروف الصحية، والحد من معدلات وفيات الرضع والأطفال، وتعزيز الصحة العامة. تعتبر نموذجًا يحتذى به للنساء في مجال الطب، وقد تركت بصمة لا تمحى في تاريخ كندا.
استمرت أفكارها وجهودها في التأثير على السياسات الصحية، وظلت أعمالها مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بمجال الصحة العامة. إن إرثها كمدافعة عن صحة الطفل، ورائدة في مجال الصحة العامة، لا يزال حيًا حتى اليوم.
خاتمة
كانت هيلين ماكمورتشي شخصية استثنائية تركت أثرًا كبيرًا على تاريخ الصحة العامة في كندا. بصفتها طبيبة وكاتبة ورائدة، عملت بلا كلل لتحسين صحة الأطفال والأمهات، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة. ساهمت في سن تشريعات وسياسات هامة، ورفعت الوعي بأهمية الوقاية من الأمراض. يُذكر إرثها كمصدر إلهام للأجيال القادمة، وكتذكير بأهمية العمل الدؤوب والتفاني في سبيل خدمة المجتمع.