مقدمة
كانت الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (فرع هارغروف) منظمة انبثقت عن الجمعية الثيوصوفية في أمريكا. تأسست الجمعية الثيوصوفية الأصلية في عام 1875 في مدينة نيويورك على يد هيلينا بتروفنا بلافاتسكي وهنري ستيل أولكوت وآخرين. كان الهدف المعلن للجمعية هو دراسة الظواهر غير المبررة للطبيعة وقوى الإنسان الروحية والنفسية. بعد وفاة بلافاتسكي في عام 1891، شهدت الجمعية انقسامات داخلية وخلافات حول القيادة والأيديولوجية، مما أدى إلى تشكيل مجموعات مختلفة. إحدى هذه المجموعات كانت فرع هارغروف، الذي قاده إرنست هارغروف.
تاريخ الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف)
بعد وفاة هيلينا بلافاتسكي، ظهرت خلافات حول من يجب أن يخلفها كزعيم للجمعية الثيوصوفية. آني بيسانت، وهي ناشطة بريطانية بارزة ومناصرة لحقوق المرأة، أصبحت شخصية مؤثرة داخل الجمعية. ومع ذلك، لم يكن الجميع متفقين على قيادتها. إرنست هارغروف، وهو ثيوصوفي أمريكي، كان من بين أولئك الذين اختلفوا مع توجهات بيسانت. اعتقد هارغروف أن بيسانت كانت تبتعد عن المبادئ الأصلية للثيوصوفيا التي وضعتها بلافاتسكي.
في عام 1895، أعلن هارغروف ومؤيدوه استقلالهم عن الجمعية الثيوصوفية التي كانت آني بيسانت تترأسها، وشكلوا جمعيتهم الخاصة، والتي عُرفت باسم الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف). سعى هارغروف إلى الحفاظ على التعاليم الأصلية لبلافاتسكي وتجنب ما اعتبره انحرافات حديثة. كان يؤكد على أهمية الدراسة المتعمقة لكتابات بلافاتسكي، مثل “العقيدة السرية” و “كشف إيزيس”، بالإضافة إلى التركيز على الممارسة الأخلاقية والروحية.
ركزت الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف) على نشر التعاليم الثيوصوفية من خلال المحاضرات والكتابات والمنشورات. كان لديهم أيضًا برنامج تعليمي يهدف إلى تثقيف الأعضاء والجمهور حول المبادئ الثيوصوفية. على عكس بعض الفروع الأخرى للجمعية الثيوصوفية، حافظ فرع هارغروف على موقف أكثر تحفظًا تجاه الحركات الروحية والفلسفية الأخرى، مع التركيز على نقاء التعاليم الثيوصوفية الأصلية.
مبادئ وتعاليم الجمعية
على الرغم من أن فرع هارغروف كان جزءًا من الحركة الثيوصوفية الأوسع، إلا أنه كان له تركيزاته المميزة. تشمل بعض المبادئ والتعاليم الأساسية التي أكد عليها فرع هارغروف ما يلي:
- التمسك الصارم بتعاليم بلافاتسكي: اعتقد هارغروف وأتباعه أن تعاليم بلافاتسكي، كما وردت في كتاباتها، تمثل التعبير الأكثر أصالة عن الثيوصوفيا. لقد كانوا حذرين من أي تفسيرات أو تعديلات انحرفت عما اعتبروه جوهر تعاليمها.
- أهمية التطور الأخلاقي والروحي: أكد فرع هارغروف على أن الثيوصوفيا ليست مجرد نظام فكري، بل هي طريق للتطور الأخلاقي والروحي. شجعوا الأعضاء على تنمية الفضائل مثل الصدق والرحمة والتفاني في خدمة الآخرين.
- وحدة الإنسانية: مثل جميع الثيوصوفيين، اعتقد أتباع هارغروف بوحدة الإنسانية وأهمية العمل من أجل تحقيق السلام والتفاهم بين جميع الناس. لقد رأوا أن جميع البشر مرتبطون بشكل أساسي وأن التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أمر غير أخلاقي.
- دراسة الطبيعة وقوانينها: شجع فرع هارغروف على دراسة الطبيعة وقوانينها، على أمل اكتساب فهم أعمق للعالم وعملية التطور. لقد اعتقدوا أن العلم والدين ليسا متناقضين، بل هما طريقتان مكملتان لفهم الحقيقة.
- الاهتمام بالتراث الأمريكي: تميز هذا الفرع باهتمامه بالتراث الأمريكي، حيث سعى إلى دمج المبادئ الثيوصوفية مع القيم والمثل العليا الأمريكية.
دور إرنست هارغروف
لعب إرنست هارغروف دورًا حاسمًا في تشكيل وتوجيه الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف). بصفته مؤسسًا وقائدًا للفرع، كان مسؤولاً عن تحديد اتجاهه الأيديولوجي والتنظيمي. كان هارغروف باحثًا ثيوصوفيًا غزير الإنتاج وكاتبًا ومحاضرًا. لقد كرس حياته لنشر التعاليم الثيوصوفية وتعزيز المبادئ التي آمن بها. كان هارغروف أيضًا شخصية مثيرة للجدل، حيث اتهمه منتقدوه بالتعصب والجمود. ومع ذلك، كان يحظى باحترام كبير من قبل أتباعه، الذين رأوا فيه مدافعًا عنيدًا عن الثيوصوفيا الأصلية.
توفي إرنست هارغروف في عام 1909. بعد وفاته، استمرت الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف) في الوجود لبعض الوقت، ولكنها فقدت في النهاية زخمها وتضاءلت أهميتها. ومع ذلك، لا يزال إرث هارغروف وأفكاره يتردد صداها بين بعض الثيوصوفيين والباحثين المهتمين بتاريخ الحركة الثيوصوفية.
أثر الجمعية وإرثها
على الرغم من أنها لم تكن بنفس حجم الفروع الأخرى للجمعية الثيوصوفية، إلا أن الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف) كان لها تأثير ملحوظ على الحركة الثيوصوفية في الولايات المتحدة. لعبت دورًا في الحفاظ على التعاليم الأصلية لبلافاتسكي وتعزيزها، وساهمت في النقاش المستمر حول طبيعة وأهداف الثيوصوفيا. كما قدمت الجمعية منتدى للأفراد المهتمين بالدراسة والتأمل في المبادئ الثيوصوفية. لا يزال إرث هارغروف وأتباعه ذا صلة بالثيوصوفيين والباحثين الذين يسعون إلى فهم تاريخ الحركة الثيوصوفية وتعاليمها. يمثل فرع هارغروف مثالًا على التنوع والتعقيد داخل الحركة الثيوصوفية، ويسلط الضوء على الطرق المختلفة التي فسر بها الأفراد والمجموعات التعاليم الثيوصوفية وطبقوها.
نقد للجمعية
تلقت الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف)، مثلها مثل أي منظمة دينية أو فلسفية أخرى، نصيبها من الانتقادات. انتقد بعض المراقبين تركيز هارغروف على التعاليم الأصلية لبلافاتسكي باعتباره جامدًا ومتعصبًا، بحجة أن الثيوصوفيا يجب أن تكون ديناميكية ومتطورة. كما اتهم البعض هارغروف بمحاولة السيطرة على الحركة الثيوصوفية وفرض رؤيته الخاصة على الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، واجهت الجمعية انتقادات بسبب عدم انفتاحها على وجهات النظر الأخرى وعزلتها النسبية عن الحركات الروحية والفكرية الأخرى.
خاتمة
كانت الجمعية الثيوصوفية في أمريكا (هارغروف) فرعًا منشقًا عن الجمعية الثيوصوفية الأصلية، أسسها إرنست هارغروف في عام 1895. سعت إلى الحفاظ على التعاليم الأصلية لهيلينا بلافاتسكي وتجنب ما اعتبره انحرافات حديثة. على الرغم من أنها لم تكن بنفس حجم الفروع الأخرى للجمعية الثيوصوفية، إلا أنها كان لها تأثير ملحوظ على الحركة الثيوصوفية في الولايات المتحدة. لعبت دورًا في الحفاظ على التعاليم الأصلية لبلافاتسكي وتعزيزها، وساهمت في النقاش المستمر حول طبيعة وأهداف الثيوصوفيا.