نشأته وتعليمه
ولد تشارلز بلوسر في مدينة ويلكس بار، بنسلفانيا. حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة ديوك عام 1970، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاغو في عامي 1972 و1973 على التوالي. خلال دراسته في جامعة شيكاغو، تأثر بلوسر بشكل كبير بالباحثين البارزين في المدرسة النقدية، بما في ذلك ميلتون فريدمان.
مسيرته المهنية المبكرة
بدأ بلوسر مسيرته المهنية كأستاذ مساعد في الاقتصاد في جامعة روتجرز في عام 1973. ثم انتقل إلى جامعة روتشستر في عام 1982، حيث شغل منصب أستاذ الاقتصاد والمالية. خلال فترة عمله في روتشستر، أصبح بلوسر باحثًا مرموقًا في مجال الاقتصاد النقدي، مع التركيز على نظرية الدورة الاقتصادية الواقعية (RBC) وأهمية السياسة النقدية. نشر العديد من الأوراق البحثية المؤثرة في مجلات اقتصادية مرموقة.
رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا
في عام 2006، تم تعيين بلوسر رئيسًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا. خلال فترة ولايته، اشتهر بلوسر بصوته المؤثر في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC)، وهي الهيئة المسؤولة عن تحديد السياسة النقدية للولايات المتحدة. كان يُعرف بآرائه المتشددة فيما يتعلق بالتضخم والسياسة النقدية، ودعا في كثير من الأحيان إلى تشديد السياسة النقدية للسيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار. كان بلوسر من بين القادة الذين عارضوا بشدة التيسير الكمي (QE) الذي تبناه الاحتياطي الفيدرالي في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وقد أعرب عن قلقه بشأن المخاطر التي ينطوي عليها التيسير الكمي على التضخم وعلى استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.
تميزت فترة رئاسة بلوسر لبنك فيلادلفيا بالتركيز على الشفافية والمساءلة. فقد شجع على زيادة التواصل مع الجمهور حول قرارات السياسة النقدية وعمليات البنك. كما لعب دورًا نشطًا في تعزيز البحث الاقتصادي ونشر الأوراق البحثية المتعلقة بالقضايا الاقتصادية والنقدية.
آراؤه حول السياسة النقدية
كان لبلوسر آراء واضحة ومحددة حول السياسة النقدية. كان يعتقد بضرورة التزام البنوك المركزية بمسؤولياتها المتعلقة باستقرار الأسعار. كان يؤمن بأن التضخم المرتفع يضر بالاقتصاد، وأنه يجب على البنوك المركزية أن تتخذ إجراءات استباقية لمنع التضخم من الخروج عن السيطرة. علاوة على ذلك، كان بلوسر من أنصار قاعدة تايلور، وهي قاعدة للسياسة النقدية تقترح أن يقوم البنك المركزي بتعديل أسعار الفائدة استجابةً للتغيرات في التضخم والناتج المحلي الإجمالي. كان يؤمن بأن قاعدة تايلور يمكن أن تساعد في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، كان بلوسر يؤمن بأهمية استقلالية البنوك المركزية. كان يعتقد أن البنوك المركزية يجب أن تكون قادرة على اتخاذ قرارات السياسة النقدية دون تدخل سياسي. كان يعتقد أن استقلالية البنك المركزي ضرورية للحفاظ على مصداقية البنك المركزي والحد من خطر التضخم.
وجهات نظره حول الاقتصاد الكلي
كانت وجهات نظر بلوسر الاقتصادية الكلية متأثرة بشدة بالمدرسة النقدية وبشكل خاص بمنهج الاقتصاد الكلي. كان يعتقد بأن العرض النقدي يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستوى الأسعار والناتج الاقتصادي. كان يؤمن بأن النمو المفرط في المعروض النقدي يؤدي إلى التضخم، في حين أن النمو البطيء أو السلبي للمعروض النقدي يمكن أن يؤدي إلى الركود. كان بلوسر من المؤيدين البارزين لنظرية الدورة الاقتصادية الواقعية، التي تؤكد على أهمية الصدمات التكنولوجية في دفع الدورات الاقتصادية.
في سياق الأزمة المالية العالمية في عام 2008، أعرب بلوسر عن قلقه بشأن تدخل الحكومة في الأسواق المالية. كان يعتقد أن تدخل الحكومة يمكن أن يشوه الأسواق ويؤدي إلى عواقب غير مقصودة. كان يدعم نهجًا أكثر ليبرالية في تنظيم الأسواق المالية.
مساهماته في البحث الاقتصادي
قدم بلوسر مساهمات كبيرة في البحث الاقتصادي، لا سيما في مجالات الاقتصاد النقدي، ونظرية الدورة الاقتصادية الواقعية، والسياسة النقدية. عمله البحثي ساهم في فهمنا لدور السياسة النقدية في الاقتصاد وتأثيرها على التضخم والنمو الاقتصادي. قام بنشر العديد من الأوراق البحثية في مجلات علمية مرموقة.
أحد أهم إسهاماته البحثية هو تطويره لنماذج الاقتصاد الكلي التي تدمج نظرية الدورة الاقتصادية الواقعية. وقد ساعدت هذه النماذج في فهم الدور الذي تلعبه الصدمات التكنولوجية في دفع الدورات الاقتصادية. كما قام بلوسر بتحليل العلاقة بين السياسة النقدية وأسعار الأصول.
الانتقادات
على الرغم من احترامه الكبير في الأوساط الاقتصادية، واجه بلوسر بعض الانتقادات. كان يُنتقد أحيانًا بسبب موقفه المتشدد بشأن السياسة النقدية، والذي اعتبره البعض مفرطًا في التركيز على السيطرة على التضخم على حساب النمو الاقتصادي. كما تعرض لانتقادات بسبب معارضته للتيسير الكمي، والتي اعتبرها البعض ضرورية لإنعاش الاقتصاد خلال الأزمة المالية العالمية. اعتبر بعض النقاد أن آراءه حول التدخل الحكومي في الأسواق المالية متطرفة.
تقاعده
تقاعد تشارلز بلوسر من منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا في عام 2015. بعد تقاعده، استمر في المشاركة في المناقشات حول السياسة الاقتصادية والنقدية. يشغل حاليًا منصبًا في معهد كاتو، وهو مؤسسة فكرية ليبرالية، حيث يواصل نشر أبحاثه وكتاباته حول الاقتصاد والسياسة.
إرثه
ترك تشارلز بلوسر إرثًا مهمًا في مجال الاقتصاد والسياسة النقدية. لقد ساهمت أفكاره وأبحاثه في تشكيل فهمنا للعلاقة بين السياسة النقدية والتضخم والنمو الاقتصادي. كما كان له دور فعال في تشكيل قرارات السياسة النقدية للولايات المتحدة. بصفته رئيسًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، لعب دورًا مهمًا في توجيه الاقتصاد الأمريكي خلال فترة صعبة. استمرت مساهماته في النقاش حول السياسة الاقتصادية بعد تقاعده.
خاتمة
يعتبر تشارلز بلوسر شخصية بارزة في عالم الاقتصاد، خاصة في مجال الاقتصاد النقدي والسياسة النقدية. شغل منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، وأثرت آراؤه بشكل كبير في صياغة السياسات النقدية في الولايات المتحدة. اشتهر بتشدده في مكافحة التضخم ودعمه لاستقلالية البنوك المركزية. قدم مساهمات بحثية قيمة في فهمنا للدور الذي تلعبه السياسة النقدية في الاقتصاد. على الرغم من بعض الانتقادات، إلا أن إرثه كمفكر اقتصادي مؤثر سيظل دائمًا.
المراجع
- موقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا
- بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو
- معهد كاتو
- احتياطي فيدرالي
“`