خلفية تاريخية وتكوين المجموعة
تأسست مجموعة الاستئناف في سياق الاضطرابات السياسية والاجتماعية في بريطانيا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. شهدت هذه الفترة صعودًا في الحركات العمالية والنقابية، بالإضافة إلى تزايد الاهتمام بالأفكار الماركسية واليسارية. كان الحزب الشيوعي لبريطانيا العظمى (CPGB) هو الحزب الشيوعي الرئيسي في البلاد، ولكنه واجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية. ظهرت خلافات أيديولوجية حول قضايا مثل الاتحاد السوفيتي، والستالينية، والاشتراكية الديمقراطية، وكذلك حول قضايا استراتيجية وتكتيكية. هذه الخلافات أدت إلى انقسامات داخل الحزب.
كانت مجموعة الاستئناف تتألف بشكل أساسي من أعضاء سابقين في الحزب الشيوعي البريطاني الذين لم يكونوا راضين عن مسار الحزب. اعتقدوا أن الحزب كان ينحرف عن المبادئ الماركسية اللينينية، وأنه فشل في توفير قيادة فعالة للحركة العمالية. كان من بين الشخصيات البارزة في المجموعة:
- إدغار روث: أحد أبرز مؤسسي المجموعة، وكان له دور كبير في تشكيل رؤيتها الأيديولوجية.
- آلان وودز: لعب دورًا هامًا في نشر أفكار المجموعة وتوسيع نطاق تأثيرها.
- تيد غرانت: شخصية أخرى مؤثرة، وكان له دور في توجيه السياسات.
تركزت المجموعة على إعادة إحياء الماركسية اللينينية، مع التركيز على أهمية الطبقة العاملة ودورها الثوري. آمنوا بضرورة الإطاحة بالرأسمالية وبناء مجتمع اشتراكي. كما انتقدوا بشدة ما اعتبروه تحريفات ستالينية للينينية.
الأيديولوجية والبرنامج السياسي
تبنت مجموعة الاستئناف أيديولوجية ماركسية لينينية، مع التأكيد على بعض الجوانب المحددة التي ميزتها عن الأحزاب الشيوعية الأخرى. كان تركيزهم الأساسي على:
- النظرية الثورية: آمنوا بضرورة الثورة العمالية للإطاحة بالرأسمالية وبناء مجتمع اشتراكي. رفضوا الإصلاحية والتعاون الطبقي، ورأوا أن الطريق الوحيد للتغيير هو من خلال الصراع الطبقي.
- دور الطبقة العاملة: اعتبروا الطبقة العاملة القوة الثورية الرئيسية في المجتمع. أكدوا على أهمية تنظيم العمال وتعبئتهم من أجل الثورة.
- التحليل الطبقي: طبقوا تحليلاً طبقياً صارماً على المجتمع، ورأوا أن الصراع الطبقي هو المحرك الرئيسي للتاريخ.
- الديمقراطية العمالية: دافعوا عن الديمقراطية العمالية كشكل من أشكال الحكم في مجتمع اشتراكي. دعموا مجالس العمال والمنظمات الديمقراطية الأخرى التي تهدف إلى تمكين العمال.
- معارضة الستالينية: انتقدوا بشدة الستالينية وما اعتبروه انحرافات عن المبادئ اللينينية الأصلية. دافعوا عن الديمقراطية داخل الحزب، وحقوق العمال، وسيادة القانون.
بالإضافة إلى ذلك، نشرت المجموعة برنامجًا سياسيًا مفصلاً تضمن مطالب مثل تأميم الصناعات الرئيسية، وزيادة الأجور، وتحسين ظروف العمل، وحقوق المرأة، والمساواة العرقية. كما دعوا إلى سحب القوات البريطانية من أيرلندا الشمالية ووقف العنصرية والتمييز.
النشاط والأنشطة
مارست مجموعة الاستئناف نشاطًا مكثفًا لترويج أفكارها وتجنيد الأعضاء. استخدموا مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك:
- النشر: أصدرت المجموعة صحيفة بعنوان “الاستئناف” (The Appeal)، والتي نشرت مقالات حول القضايا السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى مقالات نظرية حول الماركسية اللينينية. ساعدت الصحيفة في نشر أفكار المجموعة وتوسيع نطاق تأثيرها.
- التنظيم: قامت المجموعة بتنظيم اجتماعات وندوات ومؤتمرات لمناقشة القضايا السياسية والأيديولوجية. كما شاركت في الاحتجاجات والمظاهرات والفعاليات العمالية.
- التأثير داخل الحركة العمالية: سعت المجموعة إلى التأثير داخل الحركة العمالية والنقابات. شاركت في الانتخابات النقابية، ودعمت المرشحين الذين يؤيدون أفكارها.
- التحالفات: أقامت المجموعة تحالفات مع جماعات يسارية أخرى، بما في ذلك منظمات طلابية ونسوية ومرتبطة بحقوق الإنسان.
على الرغم من صغر حجمها، كان لمجموعة الاستئناف تأثير كبير على المشهد السياسي اليساري في بريطانيا. لعبت دورًا في إعادة إحياء الاهتمام بالماركسية اللينينية، وأثرت في النقاشات حول قضايا مثل الثورة، ودور الطبقة العاملة، والديمقراطية العمالية.
الانقسامات والتطورات اللاحقة
شهدت مجموعة الاستئناف انقسامات داخلية على مر السنين. كان أحد هذه الانقسامات يتعلق بالمسائل التكتيكية والاستراتيجية، بينما كان آخر يتعلق بالقيادة. أدت هذه الانقسامات إلى ظهور مجموعات جديدة، وتغيرت تركيبة المجموعة الأصلية.
في الثمانينيات، بدأت مجموعة الاستئناف في التراجع، وذلك لأسباب مختلفة، بما في ذلك:
- التحولات السياسية: شهدت بريطانيا تحولات سياسية كبيرة في الثمانينيات، بما في ذلك صعود المحافظين بقيادة مارغريت ثاتشر. أدت هذه التحولات إلى تراجع الدعم للحركات اليسارية.
- الانقسامات الداخلية: أدت الانقسامات الداخلية إلى إضعاف المجموعة وتقليل فعاليتها.
- تغيرات في المشهد السياسي: تغير المشهد السياسي بشكل عام، حيث ظهرت قضايا جديدة، وتراجعت أهمية القضايا التي كانت المجموعة تركز عليها.
على الرغم من تراجعها، استمرت بعض المجموعات المنبثقة عن مجموعة الاستئناف في النشاط. استمروا في نشر الصحف والمقالات، والمشاركة في النقاشات السياسية، والمساهمة في الحركات اليسارية في بريطانيا. كانت هذه المجموعات بمثابة شهادة على إرث مجموعة الاستئناف.
تقييم وإرث المجموعة
كانت مجموعة الاستئناف ظاهرة فريدة في تاريخ الحركة اليسارية في بريطانيا. على الرغم من صغر حجمها، إلا أنها تركت بصمة واضحة. يمكن تلخيص إرث المجموعة في النقاط التالية:
- إعادة إحياء الماركسية اللينينية: ساعدت المجموعة في إعادة إحياء الاهتمام بالماركسية اللينينية في وقت كان فيه هذا التيار الفكري في تراجع.
- الدعوة إلى الديمقراطية العمالية: دعت المجموعة إلى الديمقراطية العمالية، وأكدت على أهمية تمكين العمال ومشاركتهم في اتخاذ القرارات.
- التحليل الطبقي: قدمت المجموعة تحليلاً طبقياً صارماً للمجتمع، وأبرزت أهمية الصراع الطبقي في تحقيق التغيير الاجتماعي.
- تأثير على الحركات اليسارية: أثرت المجموعة في الحركات اليسارية الأخرى، وقدمت مساهمات قيمة في النقاشات حول القضايا السياسية والأيديولوجية.
ومع ذلك، واجهت المجموعة أيضًا بعض الانتقادات. اتُهمت بالدوغمائية، وعدم القدرة على التكيف مع التغيرات السياسية، والانقسامات الداخلية المتكررة. على الرغم من هذه الانتقادات، فإن إرث مجموعة الاستئناف لا يزال حيًا في النقاشات حول الاشتراكية، ودور الطبقة العاملة، والديمقراطية.
خاتمة
مجموعة الاستئناف كانت جماعة صغيرة من الماركسيين اللينينيين التي انشقت عن الحزب الشيوعي البريطاني في عام 1971. على الرغم من صغر حجمها، تركت المجموعة أثرًا ملحوظًا على المشهد السياسي اليساري في بريطانيا خلال السبعينيات والثمانينيات. ساهمت المجموعة في إعادة إحياء الاهتمام بالماركسية اللينينية، ودعت إلى الديمقراطية العمالية، وقدمت تحليلاً طبقياً صارماً للمجتمع. على الرغم من التحديات والانقسامات التي واجهتها، فإن إرث مجموعة الاستئناف لا يزال حيًا في النقاشات حول الاشتراكية والديمقراطية.
المراجع
- The Appeal Group (1960s–1990s) – Marxist.com
- The Appeal Group – Wikipedia
- What is Marxism and Why Should I Care? – Marxist.com
- The Russian Revolution and Leninism – Marxist.com
“`