نشأتها وبدايات حياتها
وُلدت آن كارول مور في مدينة ليمريك، ولاية مين، بالولايات المتحدة الأمريكية. نشأت في بيئة دعمت التعليم والقراءة، مما عزز حبها المبكر للكتب. بعد تخرجها من المدرسة الثانوية، التحقت مور بكلية سيمونز في بوسطن، حيث درست علم المكتبات. خلال دراستها، أدركت أهمية توفير الوصول إلى الكتب للأطفال، وشغفت بفكرة إنشاء مساحات مخصصة لهم داخل المكتبات.
مسيرتها المهنية في المكتبات
بدأت مور مسيرتها المهنية في المكتبات في مكتبة بروكلين العامة في عام 1896، حيث شغلت منصب أمينة مكتبة الأطفال. كانت مهمتها الأساسية هي إنشاء قسم للأطفال في المكتبة وتطوير مجموعة كتب مناسبة. كانت رؤيتها فريدة في ذلك الوقت، حيث ركزت على اختيار الكتب بعناية، وتقديم برامج قراءة جذابة، وخلق بيئة ترحيبية للأطفال. تميزت مور بقدرتها على التفاعل مع الأطفال، وفهم اهتماماتهم، واختيار الكتب التي تثير خيالهم وتلهمهم.
في عام 1906، انتقلت مور إلى مكتبة نيويورك العامة، حيث شغلت منصب أول أمينة مكتبة للأطفال في نظام المكتبة. كان هذا المنصب بمثابة نقطة تحول في حياتها المهنية، حيث أتيحت لها الفرصة لتنفيذ رؤيتها على نطاق أوسع. أسست مور قسم الأطفال في مكتبة نيويورك العامة، وأنشأت فروعًا للأطفال في جميع أنحاء المدينة. ابتكرت أيضًا برامج جديدة للقراءة، مثل “ساعات القصة”، والتي أصبحت شائعة في جميع أنحاء البلاد.
مساهماتها في أدب الأطفال
لم تقتصر مساهمات مور على تطوير المكتبات للأطفال، بل امتدت لتشمل تعزيز أدب الأطفال عالي الجودة. كانت تؤمن بأهمية اختيار الكتب التي تتميز بالقيم الأدبية العالية، وتقديمها للأطفال بطرق إبداعية. كتبت مور العديد من الكتب والمقالات حول أدب الأطفال، بما في ذلك:
- “الأطفال في المكتبة” (1910): وهو دليل عملي لأمناء مكتبات الأطفال والمعلمين وأولياء الأمور، يوفر إرشادات حول اختيار الكتب، وتنظيم البرامج، وخلق بيئة قراءة محفزة.
- “طرق الأطفال” (1923): مجموعة من المقالات التي تحتفي بالكتب والمؤلفين الذين ساهموا في أدب الأطفال.
- “القصص الجديدة للأطفال” (1934): مجموعة مختارة من القصص التي جمعتها مور من جميع أنحاء العالم.
- “رحلة مع الكتب” (1953): سيرتها الذاتية، التي تروي رحلتها في عالم أدب الأطفال، وتقدم رؤى ثاقبة حول تطور المكتبات للأطفال والقراءة.
بالإضافة إلى كتاباتها، لعبت مور دورًا رئيسيًا في اكتشاف ورعاية العديد من الكتاب والرسامين الموهوبين. دعمت أعمالهم، وشجعتهم على إنشاء كتب للأطفال تتميز بالإبداع والجودة. ساهمت مور في تعريف القراء بالعديد من الكلاسيكيات الخالدة في أدب الأطفال، بما في ذلك أعمال المؤلفين مثل إيلينور فينسون وهنري جيمس.
تأثيرها على تعليم القراءة
كانت آن كارول مور من أشد المدافعين عن أهمية القراءة في تنمية الأطفال. آمنت بأن القراءة يمكن أن تثري حياة الأطفال، وتوسع آفاقهم، وتزودهم بالمهارات اللازمة للنجاح في الحياة. شجعت مور على القراءة في سن مبكرة، وركزت على اختيار الكتب التي تناسب اهتمامات الأطفال وقدراتهم. أدركت أهمية توفير بيئة قراءة مريحة ومحفزة، سواء في المنزل أو في المدرسة أو في المكتبة.
عملت مور مع المعلمين وأولياء الأمور لمساعدتهم على فهم كيفية اختيار الكتب المناسبة للأطفال، وكيفية تشجيعهم على القراءة. قدمت ورش عمل ومحاضرات، وشاركت في المؤتمرات والندوات، لنشر رسالتها حول أهمية القراءة. كان تأثيرها على تعليم القراءة كبيرًا، حيث ساعدت في تغيير الطريقة التي يتم بها تدريس القراءة، وجعل القراءة تجربة ممتعة ومجزية للأطفال.
إرثها وتكريمها
ترك إرث آن كارول مور بصمة دائمة على عالم أدب الأطفال والمكتبات. ألهمت عملها أجيالًا من أمناء المكتبات والمعلمين والكتاب، ولا تزال رؤيتها تؤثر في الطريقة التي نتعامل بها مع أدب الأطفال اليوم. ساهمت مور في إنشاء معايير جديدة للجودة في أدب الأطفال، وساعدت في تعزيز أهمية القراءة في حياة الأطفال.
خلال حياتها المهنية، حصلت مور على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- جائزة ريجينا مديال: التي مُنحت لها من قبل جمعية المكتبات الكاثوليكية الأمريكية في عام 1956، تقديرًا لمساهماتها المتميزة في أدب الأطفال.
- درجة الدكتوراه الفخرية: من كلية سيمونز، تقديرًا لعملها الرائد في مجال علم المكتبات.
تُذكر آن كارول مور كشخصية رائدة في مجال أدب الأطفال، ومدافعة لا تعرف الكلل عن القراءة. كان تفانيها في العمل، ورؤيتها، وشغفها بالكتب، وإيمانها بالأطفال، هي التي تركت بصمة دائمة على العالم. لا تزال أعمالها وكتاباتها مصدر إلهام للأفراد والمؤسسات التي تعمل على تعزيز القراءة والأدب للأطفال.
مكتبة الأطفال: رؤية مور
كانت رؤية آن كارول مور لمكتبة الأطفال تتجاوز مجرد توفير الكتب. آمنت بأن مكتبة الأطفال يجب أن تكون مكانًا آمنًا ومحفزًا للإبداع والاكتشاف. ركزت على توفير بيئة مريحة وجذابة للأطفال، مع تصميم مساحات مخصصة للقراءة واللعب. أرادت مور أن تكون المكتبة مكانًا يلتقي فيه الأطفال بالكتب، ويتعلمون، وينمون حبهم للقراءة. أدركت أهمية توفير مجموعة متنوعة من الكتب التي تناسب جميع الاهتمامات والقدرات. شجعت على استخدام القصص والصور والألعاب في البرامج التي تقدمها المكتبة، لجعل التعلم ممتعًا وتفاعليًا.
تأثيرها على اختيار الكتب
كانت معايير آن كارول مور في اختيار الكتب صارمة. كانت تؤمن بأهمية اختيار الكتب التي تتميز بالجودة الأدبية العالية، والمحتوى الغني، والرسومات الجذابة. شجعت على اختيار الكتب التي تثري عقول الأطفال وتثير خيالهم. اعتقدت أن الكتب يجب أن تكون مناسبة لعمر القارئ ومستوى فهمه. فضلت الكتب التي تقدم قيمًا إيجابية، وتعزز التفاهم والتسامح. ساعدت في وضع معايير جديدة في اختيار الكتب، والتي لا تزال تؤثر على أمناء المكتبات والمعلمين حتى اليوم.
التحديات التي واجهتها
واجهت آن كارول مور العديد من التحديات خلال مسيرتها المهنية. في ذلك الوقت، لم يكن أدب الأطفال يحظى بالاحترام الذي يستحقه، وكان يُنظر إليه على أنه مجال ثانوي. واجهت مور مقاومة من بعض الأشخاص الذين لم يروا أهمية المكتبات للأطفال. ومع ذلك، لم تدع هذه التحديات تثبط عزيمتها. واصلت عملها بشغف وتفان، وأثبتت أن أدب الأطفال والمكتبات للأطفال لهما دور حيوي في تنمية الأطفال.
النهج التربوي
أيدت آن كارول مور نهجًا تربويًا يركز على الطفل. آمنت بأن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما يتم تشجيعهم على استكشاف اهتماماتهم الخاصة، والتعلم بوتيرتهم الخاصة. شجعت على استخدام القصص واللعب في البرامج التعليمية، وجعلت التعلم ممتعًا وتفاعليًا. كانت تؤمن بأهمية توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال، حيث يشعرون بالراحة للتعبير عن أنفسهم وطرح الأسئلة. ساهم نهجها في تغيير الطريقة التي يتم بها تعليم الأطفال، وجعل التعلم تجربة أكثر إثارة وفعالية.
تأثيرها على العالم
كانت آن كارول مور شخصية مؤثرة في العالم، وتركت بصمة دائمة على مجالات أدب الأطفال والمكتبات والتعليم. ألهمت عملها أجيالًا من الأشخاص الذين يعملون على تعزيز القراءة والأدب للأطفال. ساعدت في تغيير الطريقة التي نفكر بها في الأطفال والقراءة والتعليم. ساهمت في خلق عالم أفضل للأطفال، حيث يمكنهم الوصول إلى الكتب الجيدة، والتعلم، والنمو، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
التغييرات التي أحدثتها في المكتبات
أحدثت آن كارول مور تغييرات كبيرة في طريقة عمل المكتبات. أنشأت أقسامًا للأطفال في المكتبات، وصممت مساحات مخصصة لهم للقراءة واللعب. طورت برامج قراءة جذابة للأطفال، مثل “ساعات القصة”، والتي أصبحت شائعة في جميع أنحاء العالم. اختارت الكتب بعناية، وركزت على جودتها وأهميتها. عملت مع المؤلفين والرسامين لتشجيعهم على إنشاء كتب للأطفال. ساعدت في تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى المكتبات، وجعلتها أماكن أكثر ترحيبًا وإلهامًا للأطفال.
نصائح للقراء الصغار
قدمت آن كارول مور العديد من النصائح للقراء الصغار. شجعتهم على القراءة بانتظام، واختيار الكتب التي تثير اهتمامهم. حثتهم على قراءة أنواع مختلفة من الكتب، بما في ذلك القصص والروايات والشعر والمعلومات. نصحتهم بالتحدث عن الكتب التي يقرأونها، ومشاركة أفكارهم مع الآخرين. شجعتهم على زيارة المكتبات بانتظام، واستكشاف مجموعة الكتب المتاحة. ساعدت هذه النصائح في تطوير حب القراءة لدى الأطفال، وجعلت القراءة جزءًا أساسيًا من حياتهم.
نصائح لأولياء الأمور والمعلمين
قدمت آن كارول مور أيضًا نصائح لأولياء الأمور والمعلمين. شجعتهم على القراءة للأطفال في سن مبكرة، وتوفير بيئة قراءة محفزة في المنزل. نصحتهم باختيار الكتب المناسبة لأعمار الأطفال وقدراتهم. حثتهم على زيارة المكتبات بانتظام، والمشاركة في برامج القراءة. شجعتهم على دعم اهتمامات الأطفال بالقراءة، وتوفير الوقت والموارد اللازمة للقراءة. ساعدت هذه النصائح أولياء الأمور والمعلمين على فهم أهمية القراءة في حياة الأطفال، وكيفية تشجيعهم على القراءة.
خاتمة
آن كارول مور هي شخصية رائدة في تاريخ أدب الأطفال والمكتبات. لقد غيرت حياتها مسار الأدب والقراءة للأطفال إلى الأبد. من خلال عملها كرائدة مكتبات، وكاتبة، ومدافعة، تركت مور إرثًا دائمًا ألهم أجيالًا من القراء، والكتاب، وأمناء المكتبات. كان تركيزها على جودة الكتب، وأهمية القراءة المبكرة، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، بمثابة حجر الزاوية في عملها. إن مساهماتها في تنمية المكتبات للأطفال، وتشجيع الأدب عالي الجودة، وتأثيرها على تعليم القراءة، جعلت منها شخصية محورية في تاريخ أدب الأطفال. إن عملها لا يزال يلهمنا حتى اليوم، ويذكرنا بقوة الكتب والقراءة في تشكيل حياة الأطفال والعالم من حولهم.
المراجع
- موسوعة بريتانيكا – آن كارول مور
- جمعية المكتبات الأمريكية – آن كارول مور
- صحيفة نيويورك تايمز – آن كارول مور
- مكتبة الكونغرس – آن كارول مور
“`