خلفية تاريخية
في عام 1940، حاولت إيطاليا الفاشية بقيادة بينيتو موسوليني غزو اليونان، لكن الجيش اليوناني تمكن من صد الهجوم الإيطالي وإلحاق هزيمة كبيرة بالإيطاليين. أدى ذلك إلى تدخل ألمانيا النازية، التي كانت حليفًا لإيطاليا، لتأمين منطقة البلقان. في أبريل 1941، غزت ألمانيا اليونان بسرعة، وسقطت البلاد تحت سيطرة دول المحور.
الغزو والاحتلال
بدأ الغزو الألماني لليونان في 6 أبريل 1941، عندما عبرت القوات الألمانية الحدود اليونانية من بلغاريا ويوغوسلافيا. في الوقت نفسه، هاجمت القوات الإيطالية اليونان من ألبانيا. على الرغم من المقاومة الشرسة من الجيش اليوناني، والذي كان مدعومًا بوحدات من الكومنولث البريطاني، سرعان ما اجتاحت القوات الألمانية البلاد. استسلم الجيش اليوناني في 23 أبريل 1941، وتم احتلال اليونان.
تم تقسيم اليونان إلى ثلاث مناطق احتلال رئيسية: احتلت ألمانيا معظم البلاد، بما في ذلك أثينا وتراقيا. احتلت إيطاليا معظم المناطق الساحلية والجزر. احتلت بلغاريا أجزاء من تراقيا ومقدونيا الشرقية. أدت هذه التقسيمات إلى صراعات وتوتر بين دول المحور، وكذلك بين السكان المحليين والقوات المحتلة.
الحياة في ظل الاحتلال
كانت الحياة في اليونان في ظل الاحتلال قاسية. عانت البلاد من المجاعة المدمرة، حيث عانى المدنيون من نقص حاد في الغذاء والوقود واللوازم الأساسية الأخرى. اتسم الاحتلال أيضًا بالقمع السياسي والاعتقالات والإعدامات. تم قمع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، وتعرض الآلاف من اليونانيين للاعتقال والتعذيب والإعدام. تم ترحيل اليهود اليونانيين إلى معسكرات الاعتقال، حيث قُتل معظمهم.
المقاومة اليونانية: ظهرت حركة مقاومة قوية في اليونان خلال فترة الاحتلال. تشكلت العديد من المنظمات والميليشيات المقاومة التي قاتلت ضد قوات المحور. قامت هذه المجموعات بعمليات تخريبية، واغتيالات، وهجمات على القوات الألمانية والإيطالية والبلغارية. كما قدموا المساعدة للاجئين واليهود، وقاموا بجمع المعلومات الاستخباراتية للحلفاء.
- الجبهة الوطنية للتحرير (EAM): كانت أكبر منظمة مقاومة، وكانت ذات ميول يسارية.
- التحالف الوطني الجمهوري اليوناني (EDES): كانت منظمة مقاومة أخرى، ذات ميول يمينية.
- الحركة الوطنية (PAO): كانت مجموعة مقاومة أصغر، ولكنها نشطة.
على الرغم من وحشية الاحتلال، أظهر الشعب اليوناني مرونة وشجاعة كبيرتين. عملت المقاومة اليونانية كعامل مهم في إضعاف قوات المحور في البلقان.
المجاعة الكبرى
كانت المجاعة الكبرى في اليونان (1941-1944) فترة من المجاعة الواسعة النطاق التي شهدتها اليونان خلال الحرب العالمية الثانية، أثناء احتلالها من قبل دول المحور. نتجت المجاعة بشكل أساسي عن مزيج من العوامل:
- نهب الموارد: قامت قوات الاحتلال الألمانية والإيطالية بنهب الموارد الغذائية والزراعية اليونانية لتلبية احتياجات قواتهم في الخارج.
- الحصار البحري: فرض الحلفاء حصارًا بحريًا على اليونان لمنع وصول الإمدادات إلى دول المحور، مما أدى إلى تعطيل التجارة وواردات الغذاء.
- التضخم وانهيار الاقتصاد: تسبب الاحتلال في انهيار الاقتصاد اليوناني، وارتفع التضخم بشكل كبير، مما جعل الطعام والسلع الأساسية باهظة الثمن بالنسبة لعامة الناس.
- الظروف الجوية: أدت الظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الشتاء القاسي في عام 1941-1942، إلى تفاقم الوضع.
تسببت المجاعة في وفاة مئات الآلاف من اليونانيين. انتشرت الأمراض، وتفشى الفقر، وعانت البلاد من أزمة إنسانية شديدة.
دور الحلفاء
قدم الحلفاء دعمًا محدودًا لليونان خلال فترة الاحتلال. قامت القوات الجوية الملكية البريطانية بشن غارات جوية على أهداف عسكرية ألمانية في اليونان. كما قامت بريطانيا والولايات المتحدة بتزويد اليونان ببعض الإمدادات الغذائية والإنسانية، لكن هذه الإمدادات كانت غير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة للسكان المدنيين. بدأ الحلفاء في زيادة دعمهم للمقاومة اليونانية في وقت لاحق من الحرب، وتزويدهم بالأسلحة والذخيرة والتدريب.
نهاية الاحتلال
مع تراجع قوات المحور في الحرب العالمية الثانية، بدأت القوات الألمانية في الانسحاب من اليونان في عام 1944. في أكتوبر 1944، انسحبت آخر القوات الألمانية من اليونان، مما أنهى الاحتلال. بعد التحرير، عانت اليونان من فترة من الاضطرابات السياسية، والصراع بين مختلف فصائل المقاومة، واندلاع الحرب الأهلية اليونانية.
الآثار
ترك الاحتلال الألماني لليونان آثارًا مدمرة على البلاد. فقد قُتل مئات الآلاف من اليونانيين، وتضررت البنية التحتية، ودمر الاقتصاد. تسببت المجاعة في معاناة إنسانية هائلة، تاركةً ندوبًا عميقة في المجتمع اليوناني. أدت وحشية الاحتلال إلى ترسيخ كراهية عميقة تجاه الألمان في اليونان. على الرغم من المعاناة، أظهر الشعب اليوناني مرونة وشجاعة في مواجهة المحنة، وساهمت المقاومة اليونانية في إضعاف قوات المحور. أثرت تجربة الاحتلال على السياسة اليونانية والثقافة والاقتصاد لعقود بعد الحرب.
تعتبر ذكرى الاحتلال الألماني لليونان بمثابة تذكير بأهوال الحرب وأهمية السلام والعدالة والوحدة.
خاتمة
بشكل عام، كان احتلال دول المحور لليونان خلال الحرب العالمية الثانية فترة مأساوية في التاريخ اليوناني. عانت البلاد من المجاعة، والقمع، والدمار، لكن الشعب اليوناني أظهر مقاومة وشجاعة كبيرتين. أدت تجربة الاحتلال إلى تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة، وتركت إرثًا دائمًا في اليونان.