نشأته وحياته المبكرة
ولد الأمير ديفاونغسي فاروباكار في بانكوك، وهو ابن الملك مونغكوت (الراما الرابع) والأميرة بينسي. تلقى تعليمه في كلية هاربورو في إنجلترا، مما منحه رؤية عالمية واسعة وفهمًا عميقًا للثقافة الغربية. هذه التجربة كانت حاسمة في تشكيل رؤيته السياسية ودوره المستقبلي في الدبلوماسية السيامية. بعد عودته إلى سيام، انخرط في الخدمة الملكية، وبدأ مسيرته المهنية في وزارة الخارجية.
مسيرته الدبلوماسية
بدأ الأمير ديفاونغسي مسيرته الدبلوماسية في وقت عصيب لسيام. كانت القوى الاستعمارية الأوروبية تتوسع في جنوب شرق آسيا، مما شكل تهديدًا لاستقلال سيام. أدرك فاروباكار الحاجة الملحة لتحديث سيام للحفاظ على سيادتها. تولى منصب وزير الخارجية في عام 1885، واستمر في هذا المنصب لمدة 38 عامًا، وهي فترة قياسية في تاريخ الدبلوماسية التايلاندية. خلال فترة ولايته، قام بعدة إصلاحات مهمة:
- تحديث النظام الدبلوماسي: قام بتأسيس شبكة واسعة من السفارات والقنصليات في جميع أنحاء العالم، مما عزز العلاقات الدبلوماسية والتجارية لسيام. قام بتعيين دبلوماسيين مؤهلين، وتدريبهم على التعامل مع الشؤون الدولية المعقدة.
- إدارة العلاقات مع القوى الأجنبية: تفاوض ببراعة مع القوى الاستعمارية، مثل بريطانيا وفرنسا، للحفاظ على استقلال سيام وسلامة أراضيها. استخدم مزيجًا من الدبلوماسية الحذرة والمفاوضات المرنة لتجنب الاستعمار الكامل.
- المشاركة في المؤتمرات الدولية: مثل سيام في العديد من المؤتمرات الدولية، مما ساهم في تعزيز الاعتراف الدولي بسيام كدولة ذات سيادة.
- تعزيز التجارة والاستثمار: عمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سيام، وتوسيع التجارة الخارجية، مما ساهم في التنمية الاقتصادية للبلاد.
إنجازاته السياسية والدبلوماسية
كانت إنجازات الأمير ديفاونغسي فاروباكار كبيرة ومتنوعة. من أبرزها:
- الحفاظ على استقلال سيام: على الرغم من الضغوط الاستعمارية، تمكن فاروباكار من الحفاظ على استقلال سيام، وتجنب الاستعمار الكامل. هذا الإنجاز كان بمثابة شهادة على مهاراته الدبلوماسية وقدرته على المناورة.
- تحديث سيام: قام بتحديث نظام الحكم، والإدارة العامة، والجيش، مما عزز قدرة سيام على الدفاع عن نفسها والمنافسة على الساحة الدولية.
- تعزيز العلاقات الدولية: أقام علاقات دبلوماسية قوية مع العديد من الدول، مما عزز مكانة سيام في العالم.
- دعم التنمية الاقتصادية: ساهم في تنمية الاقتصاد التايلاندي من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع التجارة.
دوره في الإصلاحات الداخلية
لم يقتصر دور الأمير ديفاونغسي على الدبلوماسية الخارجية. فقد لعب أيضًا دورًا مهمًا في الإصلاحات الداخلية في سيام. كان يؤمن بأهمية التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق الاستقرار والازدهار. قام بما يلي:
- دعم التعليم: شجع على تطوير نظام التعليم الحديث، وأرسل العديد من الشباب التايلانديين للدراسة في الخارج.
- دعم البنية التحتية: ساهم في تطوير البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية، مما سهل التجارة والتنمية الاقتصادية.
- المساهمة في تطوير القوانين: ساهم في تحديث القوانين والأنظمة لتتماشى مع المعايير الدولية.
إرثه وتأثيره
ترك الأمير ديفاونغسي فاروباكار إرثًا دائمًا في تاريخ تايلاند. يعتبره الكثيرون أحد أعظم الدبلوماسيين في تاريخ البلاد. ساهمت جهوده في الحفاظ على استقلال سيام، وتحديثها، وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. لا يزال إرثه يحتفى به حتى اليوم، وتعتبر إسهاماته مصدر إلهام للأجيال القادمة. يظهر تأثيره في العديد من المجالات، بما في ذلك:
- الدبلوماسية: لا تزال أساليبه الدبلوماسية تستخدم كنموذج في تايلاند.
- السياسة الخارجية: أسس لأسس السياسة الخارجية التايلاندية الحديثة.
- التنمية الاقتصادية: ساهم في وضع الأساس للتنمية الاقتصادية المستدامة في تايلاند.
الأوسمة والجوائز
حصل الأمير ديفاونغسي فاروباكار على العديد من الأوسمة والجوائز تقديرًا لخدماته. من بينها:
- وسام الفيل الأبيض.
- وسام التاج.
- أوسمة من دول أجنبية تقديراً لجهوده الدبلوماسية.
وفاته
توفي الأمير ديفاونغسي فاروباكار في 28 يونيو 1923، وترك وراءه إرثًا عظيمًا. لقد كان رجلاً دولة عظيمًا، ودبلوماسيًا بارعًا، ومصلحًا رؤيويًا. سيظل اسمه محفورًا في سجلات التاريخ التايلاندي كأحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل مسار البلاد.
خاتمة
كان الأمير ديفاونغسي فاروباكار شخصية محورية في تاريخ تايلاند، حيث قاد البلاد بحكمة ودبلوماسية خلال فترة حرجة من تاريخها. تمكن من الحفاظ على استقلال سيام في مواجهة الضغوط الاستعمارية، وقام بتحديث البلاد وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. يعتبر إرثه مصدر إلهام للتايلانديين، ولا تزال إسهاماته تتردد أصداؤها في تايلاند الحديثة.
المراجع
- Devawongse Varoprakar – Wikipedia
- Devawongse Varoprakar – Britannica
- Devawongse Varoprakar: The Father of Thai Diplomacy
- The Chakri Dynasty
“`