حركة التقارب (Convergence Movement)

أصول الحركة

تعود جذور حركة التقارب إلى عدد من العوامل، بما في ذلك:

الردة على العبادة الإنجيلية الحديثة: شعر العديد من المسيحيين أن العبادة الإنجيلية الحديثة كانت غالبًا ما تكون سطحية، ومفرطة في التركيز على المشاعر، وتفتقر إلى العمق اللاهوتي.
الاهتمام المتزايد بالتقاليد المسيحية التاريخية: بدأ بعض المسيحيين في إدراك قيمة التقاليد المسيحية القديمة، مثل الليتورجيا والطقوس والأسرار.
تأثير الحركات المسيحية الأخرى: تأثرت حركة التقارب بحركات مسيحية أخرى، مثل الحركة الكارزمية والحركة الإنجيلية الليبرالية.

بدأت حركة التقارب في الظهور في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، وشهدت نموًا كبيرًا في أوائل القرن الحادي والعشرين. لعبت شخصيات مثل روبرت ويب، ورالف وينتر، وآخرون دورًا رئيسيًا في تشكيل الحركة وتطوير أفكارها.

الخصائص الرئيسية لحركة التقارب

تتميز حركة التقارب بعدد من الخصائص الرئيسية، بما في ذلك:

التركيز على العبادة الليتورجية: يولي أتباع حركة التقارب أهمية كبيرة للعبادة الليتورجية، والتي تتضمن طقوسًا ثابتة وقراءات الكتاب المقدس والأسرار.
الالتزام بالتقاليد المسيحية التاريخية: يسعى أتباع حركة التقارب إلى إعادة إحياء التقاليد المسيحية القديمة، مثل استخدام الملابس الكهنوتية والأيقونات والترانيم التاريخية.
التركيز على الروحانية: يؤكد أتباع حركة التقارب على أهمية الروحانية، والتي تشمل الصلاة والتأمل والخدمة للآخرين.
التركيز على المجتمع: يؤمن أتباع حركة التقارب بأهمية بناء مجتمع مسيحي قوي، حيث يمكن للمؤمنين أن يدعموا بعضهم البعض وينموا في إيمانهم.
الاستفادة من التنوع: تشجع الحركة على التنوع في أشكال العبادة والتعبير عن الإيمان، مع احترام التقاليد التاريخية.

العناصر الليتورجية والروحانية

تعتبر الليتورجيا (الطقوس الكنسية) جوهر العبادة في حركة التقارب. تشمل العناصر الشائعة:

القداس أو العشاء الرباني: يعتبر القداس هو محور العبادة، حيث يتم تذكر موت وقيامة يسوع المسيح وتقديم الشكر لله.
القراءات الكتابية: يتم اختيار قراءات الكتاب المقدس من التقويم الليتورجي، مما يضمن قراءة أجزاء واسعة من الكتاب المقدس على مدار العام.
الصلاة المكتوبة: تستخدم صلوات مكتوبة مسبقًا لتوجيه العبادة، مثل صلاة الرب والصلوات الليتورجية الأخرى.
الترانيم القديمة: يتم غناء الترانيم التاريخية، والتي غالبًا ما تكون مكتوبة في لغات أخرى غير الإنجليزية.
الأسرار: يعترف أتباع حركة التقارب بالأسرار، مثل المعمودية والشركة المقدسة، كعلامات خارجية ونعمة داخلية.

أما فيما يتعلق بالروحانية، تركز الحركة على:

الصلاة التأملية: تشجع الحركة على الصلاة التأملية، والتي تتضمن التركيز على الله والاستماع إلى إرشاده.
القراءة التأملية للكتاب المقدس (Lectio Divina): ممارسة للقراءة والتأمل في الكتاب المقدس بهدف سماع صوت الله.
الخلوات الروحية: تنظيم الخلوات الروحية لتوفير وقت للابتعاد عن صخب الحياة اليومية والتركيز على الله.
الخدمة: التشجيع على خدمة الآخرين كطريقة للتعبير عن الإيمان ومحبة الله.

العلاقة مع الحركات المسيحية الأخرى

تختلف علاقة حركة التقارب بالحركات المسيحية الأخرى. في بعض الأحيان، تتعاون الحركة مع الكنائس الإنجيلية الأخرى في مجالات مثل التبشير والخدمة الاجتماعية. ومع ذلك، قد تكون هناك اختلافات في وجهات النظر حول قضايا مثل:

الطقوس: يرى بعض الإنجيليين أن الطقوس غير ضرورية أو حتى ضارة، بينما تعتبرها حركة التقارب جزءًا أساسيًا من العبادة.
اللاهوت: قد تختلف وجهات النظر اللاهوتية بين حركة التقارب والحركات المسيحية الأخرى، خاصة فيما يتعلق بمسائل مثل الخلاص والروح القدس.
العلاقات المسكونية: تشارك حركة التقارب في بعض الأحيان في حوار مسكوني مع كنائس أخرى، بينما قد تكون الكنائس الإنجيلية الأخرى أكثر تحفظًا في هذا الصدد.

التحديات التي تواجهها حركة التقارب

تواجه حركة التقارب عددًا من التحديات، بما في ذلك:

المحافظة على التوازن: يجب على الحركة أن تحافظ على التوازن بين التمسك بالتقاليد المسيحية التاريخية وتلبية احتياجات المسيحيين المعاصرين.
التواصل مع الأجيال الشابة: تحتاج الحركة إلى إيجاد طرق لجذب الأجيال الشابة والاحتفاظ بها.
التغلب على سوء الفهم: قد تواجه الحركة سوء فهم من قبل الكنائس الإنجيلية الأخرى، والتي قد تعتبرها ليبرالية أو غير تقليدية.
الحفاظ على الوحدة: نظرًا لتنوع الآراء داخل الحركة، قد يكون من الصعب الحفاظ على الوحدة.

أهمية حركة التقارب

تقدم حركة التقارب مساهمات مهمة للمسيحية المعاصرة، بما في ذلك:

إحياء التراث المسيحي: تساعد الحركة في إحياء التراث المسيحي القديم، بما في ذلك الليتورجيا والطقوس والروحانية.
توفير بديل للعبادة الحديثة: توفر الحركة بديلًا للعبادة الإنجيلية الحديثة، والتي قد يجدها بعض المسيحيين سطحية أو غير مرضية.
تشجيع الوحدة المسيحية: تشجع الحركة على الوحدة المسيحية من خلال التعاون مع الكنائس الأخرى.
تعزيز الروحانية: تساعد الحركة في تعزيز الروحانية من خلال التركيز على الصلاة والتأمل والخدمة.

مستقبل حركة التقارب

يبدو أن مستقبل حركة التقارب واعد. مع تزايد الاهتمام بالتقاليد المسيحية التاريخية، من المرجح أن تستمر الحركة في النمو والتأثير على المسيحية المعاصرة. يعتمد نجاح الحركة في المستقبل على قدرتها على:

الحفاظ على هويتها: يجب على الحركة أن تظل وفية لمبادئها الأساسية، بما في ذلك التركيز على الليتورجيا والتقاليد والروحانية.
التكيف مع التغيير: يجب على الحركة أن تكون قادرة على التكيف مع التغييرات في المجتمع والعالم.
التعاون مع الآخرين: يجب على الحركة أن تواصل التعاون مع الكنائس والحركات المسيحية الأخرى.

خاتمة

حركة التقارب هي حركة مسيحية بروتستانتية مهمة تسعى إلى دمج عناصر من التقاليد الليتورجية القديمة مع الإيمان الإنجيلي الحديث. تتميز الحركة بالتركيز على العبادة الليتورجية، والالتزام بالتقاليد المسيحية التاريخية، والتركيز على الروحانية، والتركيز على المجتمع. تواجه الحركة عددًا من التحديات، ولكنها تقدم مساهمات مهمة للمسيحية المعاصرة. من المرجح أن تستمر الحركة في النمو والتأثير على المسيحية المعاصرة في المستقبل.

المراجع

“`