تاريخ التأسيس والانفصال
تعود جذور جمعية نيويورك الثيوصوفية إلى الجمعية الثيوصوفية الأم التي تأسست في نيويورك عام 1875. ومع ذلك، شهدت الحركة الثيوصوفية انقسامات داخلية في نهاية القرن التاسع عشر، ويرجع ذلك أساسًا إلى الخلافات حول القيادة والأيديولوجية. في عام 1895، أعلنت المجموعة الأمريكية، بقيادة القاضي ويليام كوان، استقلالها عن القيادة الدولية في أديار، الهند. ثم في عام 1899، انفصلت مجموعة نيويورك بقيادة إرنست تمبل هارغروف عن المجموعة الأمريكية لتشكل جمعية نيويورك الثيوصوفية.
أهداف ومبادئ الجمعية
تبنت جمعية نيويورك الثيوصوفية المبادئ الأساسية للحركة الثيوصوفية، والتي تشمل:
- تشكيل نواة للأخوة العالمية للإنسانية، دون تمييز على أساس العرق أو العقيدة أو الجنس أو الطبقة أو اللون.
- تشجيع دراسة الأديان المقارنة والفلسفة والعلوم.
- التحقيق في القوانين غير المفسرة للطبيعة وقوى الإنسان الكامنة.
بالإضافة إلى هذه المبادئ العامة، ركزت جمعية نيويورك الثيوصوفية بشكل خاص على:
- تعزيز الدراسات الروحية والفلسفية الشرقية والغربية.
- توفير منتدى للنقاش الحر وتبادل الأفكار.
- نشر المعرفة الثيوصوفية من خلال المحاضرات والكتابات والمناقشات.
الشخصيات البارزة في الجمعية
قاد جمعية نيويورك الثيوصوفية عدد من الشخصيات البارزة، بمن فيهم:
- إرنست تمبل هارغروف: كان أول رئيس للجمعية وقائدًا مؤثرًا في الحركة الثيوصوفية.
- جون إيمري ماكلين: محامٍ ثري وفاعل خير، قدم دعمًا ماليًا كبيرًا للجمعية.
- جوليان أيزاكس: كاتب ومحاضر ثيوصوفي بارز.
كما جذبت الجمعية العديد من الأعضاء والزائرين المهتمين بالفلسفة الروحية والعلوم الباطنية.
أنشطة الجمعية ومساهماتها
شاركت جمعية نيويورك الثيوصوفية في مجموعة متنوعة من الأنشطة، بما في ذلك:
- تنظيم المحاضرات والندوات: استضافت الجمعية العديد من المحاضرين والباحثين البارزين في مجال الفلسفة والدين والعلوم الباطنية.
- نشر الكتب والمجلات: نشرت الجمعية العديد من الكتب والمقالات التي تروج للمعرفة الثيوصوفية.
- إنشاء مكتبة: أنشأت الجمعية مكتبة واسعة تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والمجلات المتعلقة بالثيوصوفيا والفلسفة الشرقية والدين المقارن.
- تقديم دورات تعليمية: قدمت الجمعية دورات تعليمية في مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الفلسفة الثيوصوفية، واليوغا، والتأمل.
- المشاركة في الأعمال الخيرية: دعمت الجمعية العديد من المشاريع الخيرية التي تهدف إلى تحسين حياة الناس.
ساهمت جمعية نيويورك الثيوصوفية في نشر المعرفة الثيوصوفية وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. كما لعبت دورًا مهمًا في تطوير الحركة الروحية في الولايات المتحدة.
العلاقة مع المنظمات الثيوصوفية الأخرى
على الرغم من انفصالها عن الجمعية الثيوصوفية في أمريكا، حافظت جمعية نيويورك الثيوصوفية على علاقات ودية مع المنظمات الثيوصوفية الأخرى في جميع أنحاء العالم. شاركت الجمعية في المؤتمرات والاجتماعات الدولية، وتبادلت المعلومات والموارد مع المنظمات الأخرى.
بعد وفاة إرنست تمبل هارغروف في عام 1909، واجهت الجمعية صعوبات في الحفاظ على وحدتها. في النهاية، انضمت معظم المجموعة إلى الجمعية الثيوصوفية التي ترأسها كاثرين تينغلي.
التراث والإرث
تركت جمعية نيويورك الثيوصوفية إرثًا دائمًا في تاريخ الحركة الثيوصوفية. ساهمت الجمعية في نشر المعرفة الثيوصوفية وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. كما لعبت دورًا مهمًا في تطوير الحركة الروحية في الولايات المتحدة.
على الرغم من أنها لم تعد موجودة كمنظمة مستقلة، إلا أن أفكار ومبادئ جمعية نيويورك الثيوصوفية لا تزال ذات صلة اليوم. تواصل الحركة الثيوصوفية إلهام الناس في جميع أنحاء العالم للبحث عن الحكمة والمعنى في الحياة.
التحديات والانتقادات
لم تخلُ جمعية نيويورك الثيوصوفية من التحديات والانتقادات. تعرضت الحركة الثيوصوفية بشكل عام لانتقادات بسبب غموضها وتعقيدها، فضلاً عن ادعاءات بالتضليل والاحتيال. واجهت الجمعية أيضًا صعوبات داخلية، بما في ذلك الخلافات حول القيادة والأيديولوجية.
ومع ذلك، يعتقد العديد من المؤرخين والباحثين أن جمعية نيويورك الثيوصوفية لعبت دورًا مهمًا في تطوير الفكر الروحي والفلسفي في القرن العشرين. ساهمت الجمعية في نشر المعرفة عن الأديان الشرقية والفلسفة الباطنية، وساعدت في تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة.
المعتقدات الأساسية
تشترك جمعية نيويورك الثيوصوفية، مثل باقي الحركات الثيوصوفية، في عدد من المعتقدات الأساسية، بما في ذلك:
- وحدة الوجود: الاعتقاد بأن كل شيء في الكون مترابط وأن هناك وحدة أساسية تربط جميع الكائنات.
- التناسخ: الاعتقاد بأن الروح تولد من جديد في أجساد جديدة بعد الموت.
- الكارما: الاعتقاد بأن أفعالنا لها عواقب، وأننا نحصد ما نزرع.
- التطور الروحي: الاعتقاد بأن الروح تتطور باستمرار من خلال سلسلة من التجسيدات.
- وجود معلمون روحيون: الاعتقاد بوجود معلمين روحيين متقدمين يمكنهم توجيهنا على طريق التنوير.
تأثيرها على الثقافة والفن
كان للجمعية الثيوصوفية بشكل عام تأثير كبير على الثقافة والفن في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ألهمت أفكارها العديد من الفنانين والكتاب والموسيقيين، بما في ذلك:
- فاسيلي كاندينسكي: رسام روسي رائد في الفن التجريدي، تأثر بشدة بالثيوصوفيا.
- بيت موندريان: رسام هولندي ورائد في الفن التجريدي، كان عضوًا في الجمعية الثيوصوفية.
- وليام بتلر ييتس: شاعر وكاتب مسرحي إيرلندي، كان مهتمًا بالثيوصوفيا والسحر.
- غوستاف مالر: مؤلف موسيقي نمساوي، استخدم موضوعات ثيوصوفية في موسيقاه.
ساعدت الثيوصوفيا في نشر الوعي بالفلسفات الشرقية والروحانية الباطنية، وأثرت على تطور الحداثة في الفن والأدب.
خاتمة
كانت جمعية نيويورك الثيوصوفية منظمة مهمة في تاريخ الحركة الثيوصوفية. على الرغم من عمرها القصير نسبيًا، فقد ساهمت في نشر المعرفة الثيوصوفية وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. لعبت الجمعية دورًا مهمًا في تطوير الحركة الروحية في الولايات المتحدة، ولا تزال أفكارها ومبادئها ذات صلة اليوم.