خلفية تاريخية
ولد جوزيف سميث في عام 1805 في ولاية فيرمونت الأمريكية. خلال فترة مراهقته، عانى من ارتباك ديني وسط التنافس بين الطوائف المسيحية المختلفة. ادعى سميث أنه تلقى زيارات من الملائكة، بما في ذلك الملاك موروني، الذي أبلغه عن وجود سجلات قديمة مدفونة تحتوي على “الكتاب المقدس” القديم. في عام 1823، بدأ سميث بترجمة هذه السجلات، والتي أصبحت تُعرف باسم “كتاب مورمون”.
في عام 1830، أسس سميث كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في فينينا، نيويورك. واجهت الكنيسة في بداياتها معارضة شديدة بسبب معتقداتها وممارساتها، بما في ذلك الزواج التعددي، الذي أثار جدلاً واسعًا. انتقلت الكنيسة إلى ولايات مختلفة، بما في ذلك أوهايو وميسوري وإلينوي، قبل أن تستقر في ولاية يوتا.
العقائد الأساسية
تشمل تعاليم جوزيف سميث عددًا من العقائد الأساسية التي تميزها عن غيرها من الطوائف المسيحية. من أبرز هذه العقائد:
- طبيعة الله: يؤمن القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة بأن الله هو أب سماوي له جسد من لحم وعظم، وأن البشر يمكنهم أن يصبحوا مثل الله.
- الخلاص: يعتقد القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة أن الخلاص يتحقق من خلال الإيمان بيسوع المسيح، والتوبة، والمعمودية، ونعمة الروح القدس، بالإضافة إلى الطاعة للوصايا.
- الوحي المستمر: يؤمن القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة بأن الله لا يزال يكشف إرادته للبشر من خلال الأنبياء الأحياء.
- كتاب مورمون: يعتبرون كتاب مورمون كتابًا مقدسًا بجانب الكتاب المقدس، ويشهد ليسوع المسيح.
- الحياة بعد الموت: يؤمنون بالحياة بعد الموت، وتقسيمها إلى درجات مختلفة من المجد.
الكتاب المقدس وتفسيره
ينظر جوزيف سميث إلى الكتاب المقدس على أنه كلمة الله، لكنه يعتقد أيضًا أن الترجمات قد شابها بعض الأخطاء والتعديلات. قام سميث بترجمة الكتاب المقدس، والتي تُعرف باسم “ترجمة جوزيف سميث”. هدفت هذه الترجمة إلى استعادة المعاني الأصلية للنصوص، وإزالة الأخطاء المزعومة، وإضافة رؤى جديدة. أضاف سميث أيضًا أجزاءً جديدة إلى الكتاب المقدس، بما في ذلك “كتاب موسى” و “إبراهيم”.
نظام الكهنوت
يرى القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة أن الكهنوت هو سلطة الله على الأرض، والتي يتم من خلالها إدارة شؤون الكنيسة وتنفيذ الطقوس المقدسة. يعتقدون أن الكهنوت قد استعيد في العصر الحديث من خلال جوزيف سميث. هناك نوعان رئيسيان من الكهنوت: كهنوت الملكيصادق، وهو أعلى كهنوت، وكهنوت هارون، وهو كهنوت أدنى. يُمنح الكهنوت للرجال المؤهلين، ويسمح لهم بأداء الطقوس المقدسة، مثل المعمودية والزواج في الهيكل.
الهياكل
تعتبر الهياكل أماكن مقدسة للقديسين الأوائل في الأيام الأخيرة. تُستخدم الهياكل لأداء الطقوس المقدسة، مثل الزواج الأبدي، والتعميد من أجل الموتى، والمراسيم الأخرى التي تعتبر ضرورية للخلاص. يختلف الدخول إلى الهياكل عن الكنائس العادية، حيث يشترط على الأعضاء أن يكونوا مؤهلين من الناحية الروحية، وأن يلتزموا بمعايير معينة.
الزواج الأبدي والعائلة
يؤمن القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة بأن الزواج يمكن أن يستمر إلى الأبد، إذا تم عقده في الهيكل من خلال سلطة الكهنوت. يعتبر الزواج الأبدي جزءًا أساسيًا من خطة الله للخلاص. كما أنهم يؤكدون على أهمية الأسرة، ويعتقدون أن العلاقات الأسرية يمكن أن تستمر إلى الأبد. يشجعون على بناء أسر قوية قائمة على الإيمان، والفضيلة، والمحبة.
السياسة والمجتمع
لعب جوزيف سميث دورًا في السياسة. ترشح لمنصب الرئيس في عام 1844، وطرح رؤيته للحكم القائم على مبادئ العدالة والفضيلة. يعتقد القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة أن لهم مسؤولية في المشاركة في المجتمع، والعمل على تحسينه. يشجعون أعضائهم على أن يكونوا مواطنين صالحين، وأن يشاركوا في الانتخابات، وأن يدعموا القوانين العادلة.
العلوم والتكنولوجيا
لم يكن جوزيف سميث غريبًا عن الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا. كان يؤمن بأهمية المعرفة، وشجع أعضائه على التعلم. سعى إلى فهم الكون والقوانين التي تحكمه. على الرغم من عدم وجود الكثير من التفاصيل حول آرائه العلمية، إلا أنه يعتقد أن العلم والدين يمكن أن يعملا معًا لفهم الحقيقة. يظهر هذا في دعوته إلى بناء مدينة “نافو” في إلينوي، والتي كانت مدينة حديثة في وقتها، مع بنية تحتية متطورة.
التحديات والانتقادات
واجهت تعاليم جوزيف سميث، ولا تزال تواجه، تحديات وانتقادات من مصادر مختلفة. شملت الانتقادات اتهامات بالخداع، والتلاعب بالنصوص الدينية، وممارسة الزواج التعددي، والتحيز في كتابة التاريخ. ومع ذلك، يصر القديسون الأوائل في الأيام الأخيرة على أن تعاليمهم تستند إلى الحقائق التي تم الكشف عنها من خلال الوحي الإلهي. كما أنهم يواجهون تحديات في تفسير بعض النصوص الدينية، وتوضيح مواقفهم من القضايا الاجتماعية المعاصرة.
تأثير تعاليم جوزيف سميث
لتعاليم جوزيف سميث تأثير كبير على حياة الملايين حول العالم. شكلت هذه التعاليم الأساس لنمو كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، والتي أصبحت واحدة من أسرع الكنائس نموًا في العالم. كما أثرت هذه التعاليم على الفن والأدب والثقافة، وألهمت أعضاء الكنيسة للقيام بأعمال الخير والمشاركة في خدمة المجتمع. لا تزال الكنيسة تنمو وتتكيف مع التغيرات في العالم، مع الحفاظ على التزامها بالعقائد الأساسية التي أسسها جوزيف سميث.
التراث والاعتراف
ترك جوزيف سميث إرثًا دينيًا واجتماعيًا وسياسيًا دائمًا. يُنظر إليه من قبل أتباعه على أنه نبي ومستعيد للدين المسيحي. على الرغم من الجدل، فإن تعاليمه شكلت حياة الملايين، وساهمت في تشكيل المشهد الديني في الولايات المتحدة وحول العالم. لقد ترك سميث بصمة واضحة في التاريخ، واستمرت أفكاره في التطور والانتشار.
خاتمة
تعاليم جوزيف سميث تمثل مجموعة معقدة ومتنوعة من المعتقدات والممارسات الدينية والفلسفية والاجتماعية. من خلال تركيزها على الوحي المستمر، والكتاب المقدس، والكهنوت، والحياة بعد الموت، والأسرة، والعديد من الجوانب الأخرى، شكلت هذه التعاليم أساسًا لحركة دينية كبيرة ومؤثرة. على الرغم من الجدل والمراجعات التاريخية، إلا أنها لا تزال تلهم الملايين حول العالم، وتدعوهم إلى فهم أعمق للإيمان والعيش بأسلوب حياة يتسم بالتقوى والخدمة.