مقدمة
إس إم إس وولف (SMS Wolf)، والتي كانت في الأصل سفينة الشحن “واختفيلز” (Wachtfels) التابعة لشركة “هانزا”، كانت سفينة تجارية مساعدة مسلحة أو طراد مساعد تابع للبحرية الإمبراطورية الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى. اشتهرت وولف برحلتها الطويلة والمثيرة للإعجاب كغارة بحرية في البحار النائية، حيث قامت بزرع الألغام وتدمير السفن التجارية التابعة لقوات الحلفاء.
الخلفية والتجهيز
قبل اندلاع الحرب، كانت “واختفيلز” سفينة شحن مدنية تابعة لشركة “هانزا”. عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، قامت البحرية الإمبراطورية الألمانية بتجنيدها وتحويلها إلى طراد مساعد. تم تجهيز السفينة بمدفعية مخفية، بما في ذلك سبعة مدافع عيار 15 سم، وأربعة أنابيب طوربيد، و500 لغم بحري. تم إخفاء هذه الأسلحة بذكاء لإخفاء هويتها الحقيقية كسفينة حربية.
تم اختيار الكابتن كارل أوغوست نيرغر لقيادة “وولف”. كان نيرغر ضابطًا بحريًا يتمتع بخبرة كبيرة وسمعة طيبة في القيادة الحازمة والذكاء التكتيكي. قام بتدريب طاقمه بشكل مكثف استعدادًا للمهمة الصعبة التي تنتظرهم.
رحلة الغارة
في 30 نوفمبر 1916، غادرت “وولف” ميناء كيل الألماني متجهة إلى البحار المفتوحة. كان هدفها هو تعطيل طرق الإمداد التابعة لقوات الحلفاء عن طريق زرع الألغام وتدمير السفن التجارية.
كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر والتحديات. كان على “وولف” أن تتجنب سفن الحلفاء الحربية وأن تحافظ على السرية التامة. استخدمت السفينة مجموعة متنوعة من الحيل لإخفاء هويتها، مثل تغيير مظهرها الخارجي واستخدام أعلام محايدة.
زرع الألغام
كانت إحدى المهام الرئيسية لـ “وولف” هي زرع الألغام البحرية في مسارات الشحن الحيوية. زرعت السفينة الألغام قبالة سواحل جنوب إفريقيا والهند وأستراليا ونيوزيلندا. تسببت هذه الألغام في غرق وإلحاق أضرار بالعديد من السفن التابعة لقوات الحلفاء، مما أدى إلى تعطيل التجارة وإلحاق خسائر فادحة.
- قامت “وولف” بزرع الألغام قبالة كيب تاون في جنوب أفريقيا، مما أدى إلى غرق عدة سفن تجارية.
- زرعت السفينة أيضًا الألغام قبالة بومباي (مومباي حاليًا) في الهند، مما تسبب في خسائر كبيرة في الشحن.
- في أستراليا، زرعت “وولف” الألغام قبالة سواحل ملبورن وسيدني، مما أدى إلى تعطيل حركة الملاحة في الموانئ الرئيسية.
تدمير السفن التجارية
بالإضافة إلى زرع الألغام، قامت “وولف” بمهاجمة وتدمير السفن التجارية التابعة لقوات الحلفاء. اتبعت السفينة سياسة صارمة لعدم إطلاق النار على السفن إلا بعد التأكد من هويتها العدائية. غالبًا ما كانت “وولف” تستخدم أسلحة خفية لمفاجأة ضحاياها.
تمكنت “وولف” من الاستيلاء على العديد من السفن التجارية وتحويلها إلى سفن إمداد. ساعدت هذه السفن “وولف” على البقاء في البحر لفترة أطول وتوسيع نطاق عملياتها.
إس إم إس إيرثا (SMS Iltis)
في يونيو 1917، استولت “وولف” على سفينة الشحن اليابانية “إيرثا” ( سابقًا “هيتاشي مارو”). قام الطاقم الألماني بتجهيزها بمدفعين وبنادق آلية، ثم أرسلها لمساعدة سجناء الحرب التابعين للحلفاء المحتجزين على متن “وولف” إلى نيوزيلندا. لسوء الحظ، غرقت “إيرثا” بالقرب من نيوزيلندا بسبب سوء الأحوال الجوية. نجا جميع أفراد الطاقم الألمان، لكنهم استسلموا بعد ذلك.
العودة إلى الوطن
بعد رحلة استمرت 451 يومًا وغطت أكثر من 64000 ميل بحري، عادت “وولف” إلى كيل في 24 فبراير 1918. استقبل الطاقم استقبال الأبطال، وحصل الكابتن نيرغر على وسام “Pour le Mérite”، وهو أعلى وسام عسكري في ألمانيا.
الإرث
حققت “وولف” نجاحًا كبيرًا في مهمتها كغارة بحرية. تسببت السفينة في تعطيل كبير لطرق الإمداد التابعة لقوات الحلفاء وإلحاق خسائر فادحة بالشحن. أثبتت “وولف” أن السفن التجارية المساعدة المسلحة يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا في الحرب البحرية.
تعتبر قصة “وولف” شهادة على تصميم ومهارة طاقمها. على الرغم من التحديات والصعاب التي واجهتهم، تمكنوا من إنجاز مهمتهم بنجاح والعودة إلى الوطن كأبطال.
الحياة بعد الحرب
بعد الحرب، تم تسليم “وولف” إلى فرنسا كتعويضات حرب. تم استخدام السفينة لاحقًا كسفينة شحن تجارية تحت اسم “أوسيان” (Antinous). تم تفكيك السفينة في عام 1931.
تفاصيل إضافية
كانت “وولف” قادرة على البقاء في البحر لفترة طويلة بفضل وجود سفينة إمداد تابعة لها، وهي سفينة الفحم “إسبياجول” (Iltis). تم الاستيلاء على “إسبياجول” في عام 1917 واستخدمت لتزويد “وولف” بالفحم والإمدادات الأخرى. ساعدت هذه السفينة “وولف” على البقاء في البحر لفترة أطول وتوسيع نطاق عملياتها.
التأثير على الحرب البحرية
كان لنجاح “وولف” تأثير كبير على الحرب البحرية. أثبتت السفينة أن السفن التجارية المساعدة المسلحة يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا في تعطيل طرق الإمداد التابعة للعدو. شجعت “وولف” القوى البحرية الأخرى على تطوير واستخدام السفن التجارية المساعدة المسلحة.
معلومات تقنية
- الإزاحة: 5800 طن
- الطول: 135 متر
- العرض: 16.3 متر
- السرعة: 11 عقدة
- التسليح: 7 × 15 سم مدافع، 4 × أنابيب طوربيد، 500 لغم بحري
- الطاقم: 364
خاتمة
إس إم إس وولف كانت سفينة تجارية مساعدة مسلحة ألمانية خدمت في الحرب العالمية الأولى. قامت برحلة طويلة وناجحة كغارة بحرية، حيث زرعت الألغام ودمرت السفن التجارية التابعة لقوات الحلفاء. كانت وولف مثالًا على الإبداع والمرونة في الحرب البحرية، وقصتها لا تزال تثير الإعجاب حتى اليوم. بالرغم من أنها بدأت كسفينة شحن مدنية، إلا أنها لعبت دورًا هامًا في محاولة ألمانيا لتعطيل طرق الإمداد للحلفاء.