حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت ألبرت بوخر في باريس عام 1920. أظهرت منذ صغرها شغفًا بالعلوم، والتحقت بجامعة السوربون لدراسة الفيزياء والكيمياء. خلال سنوات دراستها، تأثرت بأعمال إرفين شرودنجر وفيرنر هايزنبرج، وهما من رواد ميكانيكا الكم. بعد حصولها على درجة البكالوريوس، بدأت العمل على الدكتوراه تحت إشراف جورج شافرس، وهو عالم كيمياء فيزيائية معروف.
ركزت أطروحة الدكتوراه الخاصة بها على تطبيق ميكانيكا الكم على دراسة الجزيئات العضوية الصغيرة. في ذلك الوقت، كان هذا المجال جديدًا نسبيًا، وكانت هناك تحديات كبيرة في تطوير طرق حسابية دقيقة. ومع ذلك، تمكنت بولمان من تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، ونشرت عدة أوراق بحثية مهمة خلال فترة دراستها.
مسيرتها المهنية
بعد حصولها على درجة الدكتوراه، انضمت بولمان إلى المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS) كباحثة. عملت في مختبر الكيمياء النظرية، حيث تعاونت مع زوجها المستقبلي، برنارد بولمان، وهو أيضًا عالم كيمياء نظرية. شكل الزوجان شراكة علمية مثمرة استمرت لعقود، وأسهما بشكل كبير في تطوير الكيمياء الحيوية الكمومية.
في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ركزت بولمان وأشخاص آخرون على دراسة التركيب الإلكتروني للأحماض النووية، وهي المكونات الأساسية للحياة. استخدموا طرقًا حسابية جديدة لحساب توزيعات الشحنات الإلكترونية في جزيئات الحمض النووي، ووجدوا أن هذه التوزيعات تلعب دورًا حاسمًا في تحديد خصائصها البيولوجية. على سبيل المثال، وجدوا أن مناطق معينة من الحمض النووي غنية بالإلكترونات، بينما مناطق أخرى فقيرة بها. هذه الاختلافات في كثافة الإلكترون يمكن أن تؤثر على كيفية تفاعل الحمض النووي مع الجزيئات الأخرى، مثل البروتينات والإنزيمات.
كما درست بولمان أيضًا خصائص البروتونات في الأحماض النووية. اكتشفوا أن بعض البروتونات في الأحماض النووية أكثر حمضية من غيرها، وأن هذه الحموضة تلعب دورًا مهمًا في استقرار بنية الحمض النووي. أدت هذه النتائج إلى فهم أفضل لكيفية عمل الأحماض النووية وكيف يمكن استهدافها بالأدوية.
مساهماتها في الكيمياء الحيوية الكمومية
كانت ألبرت بولمان رائدة في تطوير الكيمياء الحيوية الكمومية، وهو مجال يطبق مبادئ ميكانيكا الكم على دراسة الأنظمة البيولوجية. ساهمت بشكل كبير في فهمنا لتركيب ووظيفة الجزيئات الحيوية، مثل الأحماض النووية والبروتينات. طورت طرقًا حسابية جديدة لحساب التفاعلات بين الجزيئات الحيوية، مما سمح للعلماء بتصميم أدوية وعلاجات جديدة.
تشمل بعض مساهماتها الرئيسية:
- تطوير طرق حسابية جديدة: طورت بولمان طرقًا حسابية جديدة لحساب التركيب الإلكتروني للجزيئات الحيوية. كانت هذه الطرق أكثر دقة وكفاءة من الطرق الموجودة، وسمحت للعلماء بدراسة جزيئات أكبر وأكثر تعقيدًا.
- دراسة الأحماض النووية: أجرت بولمان دراسات رائدة حول التركيب الإلكتروني للأحماض النووية. اكتشفت أن توزيعات الشحنات الإلكترونية في جزيئات الحمض النووي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد خصائصها البيولوجية.
- دراسة البروتينات: درست بولمان أيضًا خصائص البروتينات. اكتشفت أن التفاعلات بين الأحماض الأمينية في البروتينات تلعب دورًا مهمًا في تحديد شكلها ووظيفتها.
- تصميم الأدوية: استخدمت بولمان معرفتها بالكيمياء الحيوية الكمومية لتصميم أدوية وعلاجات جديدة. ساعدت في تطوير أدوية تستهدف الحمض النووي والبروتينات، والتي تستخدم الآن لعلاج مجموعة واسعة من الأمراض.
الجوائز والتكريمات
حصلت ألبرت بولمان على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماتها في العلوم. تشمل هذه الجوائز:
- جائزة أكاديمية العلوم الفرنسية (1965)
- ميدالية المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الذهبية (1982)
- عضوية الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون
إرثها
تركت ألبرت بولمان إرثًا دائمًا في مجال الكيمياء الحيوية الكمومية. كانت رائدة في تطبيق ميكانيكا الكم على دراسة الأنظمة البيولوجية، وساهمت بشكل كبير في فهمنا لتركيب ووظيفة الجزيئات الحيوية. ألهمت أجيالًا من العلماء، ولا تزال أبحاثها تؤثر على مجال تصميم الأدوية والعلاجات اليوم.
تعتبر ألبرت بولمان مثالًا للمرأة العالمة الناجحة التي تغلبت على التحديات والصعاب لتحقيق إنجازات علمية عظيمة. ستظل مساهماتها في العلم مصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء.
الحياة الشخصية
تزوجت ألبرت بوخر من برنارد بولمان، وهو أيضًا عالم كيمياء نظرية، وأنجبا طفلين. كانت بولمان متحمسة لعملها، لكنها كانت أيضًا أمًا وزوجة مخلصة. كانت تحب قضاء الوقت مع عائلتها، والاستمتاع بالطبيعة.
كانت بولمان شخصية محبوبة ومحترمة في مجتمع العلوم. كانت معروفة بذكائها وتفانيها وعملها الجاد. كانت أيضًا معلمة ممتازة، وألهمت العديد من الطلاب لمتابعة وظائف في العلوم.
منشورات مختارة
نشرت ألبرت بولمان أكثر من 300 ورقة بحثية ومقال علمي خلال مسيرتها المهنية. تشمل بعض منشوراتها الأكثر شهرة:
- “Les théories électroniques de la chimie organique” (بالاشتراك مع برنارد بولمان، 1952)
- “Quantum Biochemistry” (بالاشتراك مع برنارد بولمان، 1963)
- “Molecular Electronic Structure of the Purine and Pyrimidine Bases” (بالاشتراك مع برنارد بولمان، 1969)
- “New world of quantum chemistry” (بالاشتراك مع برنارد بولمان، 1976)
خاتمة
ألبرت بولمان كانت عالمة كيمياء نظرية رائدة ساهمت بشكل كبير في فهمنا للجزيئات البيولوجية من خلال تطبيق مبادئ ميكانيكا الكم. طورت طرقًا حسابية جديدة، ودرست الأحماض النووية والبروتينات، وساعدت في تصميم الأدوية. تركت إرثًا دائمًا في الكيمياء الحيوية الكمومية وألهمت العديد من العلماء. كانت شخصية محبوبة ومحترمة، وستظل مساهماتها في العلم مصدر إلهام للأجيال القادمة.