نشأته وبداياته
ولد نيد هيرمان في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية. حصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة سينسيناتي. عمل في بداية حياته كفنان وموسيقي، وقام بتدريس الفن. هذه الخلفية الفنية ساهمت بشكل كبير في اهتمامه بالإبداع وعمليات التفكير.
رحلته في مجال الإبداع
بدأ هيرمان اهتمامه بدراسة الإبداع في الخمسينيات من القرن العشرين، حيث عمل في شركة جنرال إلكتريك (General Electric). خلال عمله في الشركة، لاحظ هيرمان اختلافًا كبيرًا في طرق تفكير موظفي الشركة، وكيف أن البعض يتميزون في مجالات معينة بينما يعانون في مجالات أخرى. هذا القلق دفعه إلى البحث عن فهم أفضل للعقل البشري وكيفية عمله.
تطوير نموذج الدماغ الكلي
أحد أهم إسهامات هيرمان كان تطويره لنموذج الدماغ الكلي، والذي يمثل إطارًا لفهم تفضيلات التفكير والتعلم. استند هذا النموذج إلى فكرة أن الدماغ البشري يتكون من أربعة أرباع رئيسية، كل منها يمثل نوعًا مختلفًا من التفكير والتعلم. استلهم هيرمان هذا النموذج من أبحاث روجر سبيري حول انقسام الدماغ، وأضاف إليها رؤيته الخاصة وتجاربه.
أرباع الدماغ الأربعة
يقسم نموذج هيرمان الدماغ إلى أربعة أرباع، كل منها يرتبط بصفات وخصائص معينة:
- الربع الأيسر العلوي: يرتبط بالتفكير المنطقي والتحليلي والواقعي. الأشخاص الذين يفضلون هذا الربع يميلون إلى أن يكونوا منطقيين، وتحليليين، ودقيقين، وقائمين على الحقائق. يهتمون بالبيانات والأرقام والعمليات المنهجية.
- الربع الأيسر السفلي: يرتبط بالتفكير المنظم والتفصيلي والتخطيطي. الأشخاص الذين يفضلون هذا الربع يميلون إلى أن يكونوا منظمين، ومخططين، ومفصلين، وقائمين على الإجراءات. يفضلون الروتين والإجراءات المحددة والالتزام بالتعليمات.
- الربع الأيمن العلوي: يرتبط بالتفكير الإبداعي والتخيلي والحدسي. الأشخاص الذين يفضلون هذا الربع يميلون إلى أن يكونوا مبدعين، ومبتكرين، ورؤيويين، ومجردين. يستمتعون بالعمل الفني والموسيقى، ويتعلمون عن طريق الاستكشاف والحدس.
- الربع الأيمن السفلي: يرتبط بالتفكير العاطفي والتواصلي والشخصي. الأشخاص الذين يفضلون هذا الربع يميلون إلى أن يكونوا عاطفيين، ومتعاطفين، واجتماعيين، وتعاونيين. يهتمون بالعلاقات الإنسانية والتفاعل الاجتماعي.
تطبيقات نموذج هيرمان
تم تطبيق نموذج هيرمان في العديد من المجالات، بما في ذلك:
- التعليم: ساعد النموذج المعلمين على فهم أنماط التعلم المختلفة للطلاب وتصميم مناهج تدريسية تلبي احتياجاتهم المتنوعة.
- التدريب: استخدم لتدريب الموظفين وتطوير مهاراتهم، من خلال فهم تفضيلات التفكير المختلفة.
- القيادة: ساعد القادة على فهم أنماط التفكير الخاصة بهم وتلك الخاصة بمرؤوسيهم، مما أدى إلى تحسين التواصل والتعاون.
- التواصل: ساعد على تحسين التواصل وفهم الآخرين من خلال معرفة تفضيلاتهم الفكرية.
- حل المشكلات: ساعد في إيجاد حلول إبداعية للمشكلات من خلال الاستفادة من جميع أنماط التفكير.
أهمية نموذج هيرمان
يعد نموذج هيرمان ذا أهمية كبيرة لأنه:
- يوفر إطارًا شاملاً: يقدم نموذجًا شاملاً لفهم كيفية عمل الدماغ وكيف يفكر الناس.
- يعزز التنوع: يشجع على تقدير التنوع في أنماط التفكير وتقدير مساهمات كل شخص.
- يحسن التواصل: يساعد على تحسين التواصل وفهم الآخرين من خلال التعرف على تفضيلاتهم الفكرية.
- يعزز الإبداع: يساعد على تعزيز الإبداع والابتكار من خلال الاستفادة من جميع أنماط التفكير.
الاستخدامات العملية لنموذج الدماغ الكلي
يمكن استخدام نموذج الدماغ الكلي في العديد من السياقات لتحسين الأداء والتواصل، وتشمل:
- في بيئة العمل: يمكن استخدامه لتشكيل فرق عمل متوازنة، حيث يمثل كل ربع من أرباع الدماغ قوة مختلفة تساهم في تحقيق الأهداف. يساعد أيضاً في تحسين التواصل بين الزملاء وفهم وجهات نظرهم المختلفة.
- في التعليم: يساعد المعلمين على تصميم دروس تتناسب مع أنماط التعلم المختلفة للطلاب، مما يزيد من فعالية التعليم ويحسن من تفاعل الطلاب.
- في الحياة الشخصية: يمكن استخدامه لفهم الذات بشكل أفضل، وتحديد نقاط القوة والضعف، وتحسين العلاقات مع الآخرين من خلال فهم تفضيلاتهم الفكرية.
نقد نموذج هيرمان
على الرغم من شعبيته وتأثيره، تلقى نموذج هيرمان بعض الانتقادات. بعض النقاد يجادلون بأن النموذج يبسط بشكل مفرط تعقيد الدماغ، وأن تقسيم الدماغ إلى أربعة أرباع قد لا يعكس بدقة كيفية معالجة المعلومات في الدماغ. كما يرى البعض أن الأدلة العلمية التي تدعم النموذج محدودة.
تأثير نموذج هيرمان
على الرغم من الانتقادات، كان لنموذج هيرمان تأثير كبير على مجالات التعليم والتطوير المهني والقيادة. ساعد النموذج على زيادة الوعي بأهمية التفكير الإبداعي والابتكار، وشجع على تطوير أساليب تدريس وتدريب أكثر شمولية. لا يزال نموذج هيرمان يستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
أعمال نيد هيرمان
بالإضافة إلى نموذج الدماغ الكلي، كتب نيد هيرمان العديد من الكتب والمقالات حول الإبداع والتفكير، بما في ذلك:
- The Creative Brain
- The Whole Brain Business Book
خاتمة
كان نيد هيرمان باحثًا ومفكرًا مؤثرًا، ساهم بشكل كبير في فهمنا للإبداع والتفكير البشري. قدم نموذج الدماغ الكلي، الذي لا يزال له تأثير كبير في مجالات التعليم والتدريب والتطوير المهني. على الرغم من بعض الانتقادات، فإن عمل هيرمان لا يزال يحظى بتقدير كبير ويستخدم على نطاق واسع لتحسين التعلم والتواصل والإبداع.
المراجع
“`