<![CDATA[
مقدمة
سجن بولي شرخي (بالبشتونية/الدارية: زندان پل چرخی)، المعروف أيضًا باسم المرفق الوطني الأفغاني للاحتجاز، هو سجن شديد الحراسة يقع في ضواحي كابول، أفغانستان. يُعد واحدًا من أكبر السجون في البلاد، وله تاريخ طويل ومثير للجدل، حيث شهد فترات مضطربة من العنف والقمع السياسي.
التاريخ المبكر وتوسع السجن
تم بناء سجن بولي شرخي في أواخر السبعينيات من القرن الماضي خلال فترة حكم الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني المدعوم من الاتحاد السوفيتي. كان السجن في الأصل مصممًا لإيواء حوالي 6,000 سجين، ولكن خلال الحرب السوفيتية الأفغانية في الثمانينيات، تضخم عدد السجناء بشكل كبير، حيث تم احتجاز الآلاف من المعارضين السياسيين والمجاهدين.
خلال هذه الفترة، اكتسب سجن بولي شرخي سمعة سيئة بسبب ظروفه القاسية وانتهاكات حقوق الإنسان. وردت أنباء عن التعذيب والإعدام بإجراءات موجزة والظروف المعيشية غير الصحية، مما جعله رمزًا للقمع السياسي في ظل النظام الشيوعي.
فترة حكم طالبان
بعد سقوط النظام الشيوعي في عام 1992، سقط سجن بولي شرخي في أيدي مختلف الفصائل المتحاربة خلال الحرب الأهلية الأفغانية. في عام 1996، استولت حركة طالبان على السجن واستخدمته لاحتجاز وتعذيب وإعدام معارضيها السياسيين، بما في ذلك النساء والأقليات العرقية. تم تحويل السجن إلى مكان للرعب، حيث ارتكبت فيه فظائع واسعة النطاق.
إعادة الإعمار وجهود الإصلاح
بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان في عام 2001، تم استعادة سجن بولي شرخي من قبل الحكومة الأفغانية الجديدة. بدعم من المجتمع الدولي، بدأت جهود لإعادة بناء السجن وتحسين ظروفه المعيشية وتدريب حراسه على حقوق الإنسان.
ومع ذلك، واجهت جهود الإصلاح العديد من التحديات، بما في ذلك الاكتظاظ والفساد ونقص الموارد. على الرغم من التحسينات، ظلت الظروف في سجن بولي شرخي صعبة، مع استمرار ورود تقارير عن سوء المعاملة والإهمال.
الوضع الحالي والتحديات
حتى يومنا هذا، يظل سجن بولي شرخي مكتظًا بالسجناء، بمن فيهم أعضاء طالبان ومجرمون مدانون ومتهمون بارتكاب جرائم مختلفة. يمثل الاكتظاظ تحديًا كبيرًا، حيث يؤدي إلى ظروف معيشية غير صحية وانتشار الأمراض.
بالإضافة إلى الاكتظاظ، يواجه سجن بولي شرخي تحديات أخرى، مثل:
- الفساد المستشري بين الحراس والموظفين.
- نقص الموارد، بما في ذلك الغذاء والمياه والرعاية الطبية.
- عدم كفاية التدريب لحراس السجون على حقوق الإنسان والقانون.
- نظام العدالة الجنائية البطيء وغير الفعال، مما يؤدي إلى فترات احتجاز مطولة قبل المحاكمة.
تسعى الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي جاهدين لمعالجة هذه التحديات وتحسين ظروف السجن، ولكن التقدم كان بطيئًا وغير متساوٍ.
انتهاكات حقوق الإنسان
على مر السنين، ارتبط سجن بولي شرخي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. تشمل بعض الانتهاكات المبلغ عنها:
- التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.
- الإعدام بإجراءات موجزة.
- الاحتجاز التعسفي.
- الظروف المعيشية غير الصحية.
- عدم كفاية الرعاية الطبية.
- الحرمان من الاتصال بالمحامين والعائلات.
أدانت منظمات حقوق الإنسان هذه الانتهاكات ودعت إلى إجراء تحقيقات مستقلة ومحاكمة المسؤولين. ومع ذلك، لا تزال المساءلة عن الانتهاكات السابقة تحديًا كبيرًا.
دور المجتمع الدولي
لعب المجتمع الدولي دورًا مهمًا في دعم جهود الإصلاح في سجن بولي شرخي. قدمت العديد من الدول والمنظمات التمويل والمساعدة التقنية لبرامج إعادة الإعمار والتدريب. كما ضغط المجتمع الدولي على الحكومة الأفغانية لتحسين ظروف السجن وحماية حقوق الإنسان.
ومع ذلك، كان لانسحاب القوات الدولية من أفغانستان في عام 2021 تأثير كبير على الوضع في سجن بولي شرخي. أدى انهيار الحكومة الأفغانية وصعود طالبان إلى السلطة إلى تفاقم الوضع الإنساني وأعاق جهود الإصلاح.
سجن بولي شرخي في ظل حكم طالبان
مع استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، عاد سجن بولي شرخي إلى دائرة الضوء. أطلقت طالبان سراح الآلاف من السجناء، بمن فيهم أعضاء طالبان المدانون، وأعادت احتجاز العديد من المعارضين السياسيين والصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
أثارت عودة طالبان إلى السلطة مخاوف جدية بشأن مصير السجناء في بولي شرخي. هناك مخاوف من أن السجن قد يعود إلى مكان للتعذيب والانتهاكات، كما كان الحال في ظل حكم طالبان السابق.
التحديات المستقبلية
يواجه سجن بولي شرخي العديد من التحديات المستقبلية، بما في ذلك:
- معالجة الاكتظاظ وتحسين الظروف المعيشية.
- مكافحة الفساد وتعزيز المساءلة.
- تدريب حراس السجون على حقوق الإنسان والقانون.
- ضمان الوصول إلى الرعاية الطبية والمساعدة القانونية للسجناء.
- منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.
- ضمان سلامة وأمن السجناء المعرضين للخطر.
يتطلب معالجة هذه التحديات التزامًا قويًا من الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي.
خاتمة
يظل سجن بولي شرخي رمزًا معقدًا ومثيرًا للجدل في تاريخ أفغانستان. لقد كان مكانًا للمعاناة والقمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان. على الرغم من جهود الإصلاح، لا تزال الظروف في السجن صعبة، وهناك حاجة إلى مزيد من العمل لضمان معاملة السجناء بكرامة واحترام.