<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد ديفيد غلاس في لندن. تلقى تعليمه في مدرسة غراهام الثانوية قبل أن يلتحق بكلية لندن للاقتصاد، حيث درس علم الاجتماع تحت إشراف أستاذه ليونارد هوبهاوس، أحد رواد علم الاجتماع البريطاني. حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد في عام 1932، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع في عام 1936. خلال دراسته، تأثر غلاس بشدة بالأعمال المبكرة لعلم الاجتماع، بما في ذلك أعمال إميل دوركايم وماكس فيبر.
مسيرته المهنية
بدأ غلاس مسيرته المهنية في البحث الأكاديمي في كلية لندن للاقتصاد، حيث عمل محاضرًا ثم أستاذًا في علم الاجتماع. كان له دور أساسي في تطوير برنامج علم الاجتماع في الكلية، وجذب العديد من الطلاب الموهوبين. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل غلاس في وزارة الداخلية، حيث شارك في تحليل البيانات السكانية والإحصائية التي كانت حيوية للتخطيط في زمن الحرب. بعد الحرب، عاد إلى الأوساط الأكاديمية وواصل أبحاثه وتعليمه.
مساهماته في علم الاجتماع
كانت مساهمات ديفيد غلاس في علم الاجتماع واسعة النطاق ومتعددة الأوجه. ركزت معظم أبحاثه على الديموغرافيا وعلم الاجتماع السكاني، حيث أجرى دراسات معمقة حول الخصوبة والزواج والتركيبة السكانية. من أهم أعماله:
- أبحاث حول الخصوبة: أجرى غلاس أبحاثًا رائدة حول أنماط الخصوبة في أوروبا، وحلل العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على معدلات المواليد. ساهمت أبحاثه في فهم التغيرات في أنماط الأسرة والسلوك الإنجابي.
- دراسات حول الزواج: قام بدراسة التغيرات في الزواج والأسرة في المجتمعات الحديثة. بحث في تأثير التعليم والطبقة الاجتماعية والاقتصاد على الزواج وتكوين الأسرة.
- التحليل الديموغرافي: استخدم غلاس الأساليب الديموغرافية لتحليل البيانات السكانية، مما ساعد في فهم الهياكل السكانية والاتجاهات. طور أدوات تحليلية جديدة ولا تزال تستخدم حتى اليوم.
- تأسيس علم الاجتماع في بريطانيا: لعب غلاس دورًا حاسمًا في تأسيس علم الاجتماع كعلم مستقل في بريطانيا. ساهم في إنشاء برامج تعليمية وبحثية في علم الاجتماع، وجذب العديد من الطلاب الموهوبين.
منهجه الفكري
اتسم منهج غلاس الفكري بالجمع بين النظرية والتجريب. كان يؤمن بأهمية استخدام البيانات الإحصائية في تحليل الظواهر الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه أدرك أهمية السياق الاجتماعي والتاريخي. تأثر غلاس بالعديد من المفكرين، بما في ذلك إميل دوركايم وماكس فيبر، ولكنه طور أسلوبه الخاص في التحليل الذي ركز على فهم التغيرات الاجتماعية المعقدة.
أعماله البارزة
كتب ديفيد غلاس العديد من الكتب والمقالات المؤثرة التي ساهمت في تطوير علم الاجتماع. من بين أبرز أعماله:
- معدلات المواليد في أوروبا (The Fertility of the European Populations): نشر هذا الكتاب في عام 1954، وقدم تحليلًا شاملاً لاتجاهات الخصوبة في أوروبا.
- علم الاجتماع (Sociology): ساهم في تحرير هذا الكتاب المدرسي الذي أصبح مرجعًا مهمًا لطلاب علم الاجتماع.
- مقالات ودراسات في علم الاجتماع السكاني: نشر العديد من المقالات والدراسات التي تناولت مواضيع مختلفة في علم الاجتماع السكاني والديموغرافيا.
إرثه
ترك ديفيد غلاس إرثًا دائمًا في علم الاجتماع. أثرت أبحاثه ومنهجه في أجيال من الباحثين والعلماء، ولا تزال أعماله تُقرأ وتُدرس حتى اليوم. ساهم غلاس في تأسيس علم الاجتماع كعلم مستقل، وقدم مساهمات مهمة في فهم التغيرات الاجتماعية والسكانية. يعتبر من بين أبرز علماء الاجتماع في القرن العشرين.
الحياة الشخصية
بالإضافة إلى مساهماته الأكاديمية، كان ديفيد غلاس شخصًا محترمًا ومحبوبًا من قبل زملائه وطلابه. كان معروفًا بحبه للمعرفة وتفانيه في البحث والتعليم. تزوج غلاس وأنجب أطفالًا، وكان له تأثير كبير على عائلته وأصدقائه.
السنوات الأخيرة والوفاة
تقاعد ديفيد غلاس من التدريس في كلية لندن للاقتصاد في السبعينيات. استمر في الكتابة والبحث حتى وفاته في عام 1978 عن عمر يناهز 67 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من الأعمال الأكاديمية التي لا تزال تؤثر في علم الاجتماع حتى يومنا هذا.
أهمية دراساته في العصر الحديث
لا تزال دراسات ديفيد غلاس ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث. في عالم اليوم الذي يشهد تغيرات ديموغرافية واجتماعية سريعة، تساعد أبحاثه في فهم العوامل التي تؤثر على الخصوبة والزواج والتركيبة السكانية. يمكن أن تساعد هذه المعرفة في تطوير سياسات اجتماعية أفضل وتخطيط مستقبلي أكثر فعالية.
تأثيره على علم الاجتماع
لم يقتصر تأثير ديفيد غلاس على مجاله البحثي فقط، بل امتد ليشمل علم الاجتماع ككل. لقد ساهم في تأسيس علم الاجتماع كعلم مستقل، وأسهم في تطوير مناهج البحث والتحليل الاجتماعي. كان لغلاس دور فعال في تدريب جيل جديد من علماء الاجتماع، وترك بصمة واضحة على تطور هذا المجال.
خاتمة
كان ديفيد غلاس عالم اجتماع بارزًا، ترك إرثًا دائمًا في علم الاجتماع. ساهمت أبحاثه في مجال الديموغرافيا وعلم الاجتماع السكاني في فهم التغيرات الاجتماعية والسكانية في أوروبا والعالم. يعتبر غلاس أحد الرواد الذين أسسوا علم الاجتماع كعلم مستقل، وأثرت أفكاره ومنهجه في أجيال من الباحثين والعلماء. لا تزال أعماله تُدرس وتُستخدم حتى اليوم، مما يدل على أهمية مساهماته في تطور علم الاجتماع.