<![CDATA[
نشأة نظام أوبرن
نشأ نظام أوبرن في سجن أوبرن في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في أوائل القرن التاسع عشر. كان هذا النظام بمثابة رد فعل على نظام بنسلفانيا، وهو نظام عقابي آخر ظهر في نفس الفترة، والذي كان يعتمد على العزلة التامة للسجناء. تم تصميم نظام أوبرن كبديل للنظام القاسي في بنسلفانيا، مع التركيز على العمل الجماعي والانضباط.
بدأ السجن في أوبرن في تجربة نظام جديد في عام 1816، حيث عمل السجناء معًا خلال النهار، ولكنهم ظلوا في عزلة في زنازينهم في الليل. أثبت هذا النهج أنه أكثر فعالية من العزلة التامة في نظام بنسلفانيا من حيث إدارة السجون وتقليل التكاليف.
المبادئ الأساسية لنظام أوبرن
اعتمد نظام أوبرن على عدة مبادئ أساسية:
- العمل الجماعي: كان على السجناء العمل معًا خلال النهار في ورش العمل. هذا الجانب من النظام كان يهدف إلى تعليمهم مهارات جديدة والمساهمة في الإنتاج الاقتصادي للسجن.
- الانضباط الصارم: كان الانضباط أمرًا بالغ الأهمية في نظام أوبرن. كان السجناء يخضعون لقواعد صارمة، وأي انتهاك كان يعاقب عليه بشدة.
- الصمت: كان مطلوبًا من السجناء الحفاظ على الصمت التام في جميع الأوقات، سواء أثناء العمل أو أثناء التنقل. كان الهدف من ذلك هو منع المؤامرات والإضرار بالسلطة.
- العزلة الليلية: كان السجناء يعزلون في زنازينهم الفردية خلال الليل. على الرغم من أن هذه العزلة لم تكن كاملة كما هو الحال في نظام بنسلفانيا، إلا أنها سمحت للسجناء بالتفكير في أفعالهم.
- العقاب الجسدي: كان العقاب الجسدي جزءًا أساسيًا من نظام أوبرن، وخاصة في بداياته. كان يستخدم لفرض الانضباط والمعاقبة على المخالفات.
تطور نظام أوبرن
تطور نظام أوبرن على مر السنين. في البداية، كان نظامًا قاسيًا للغاية، مع تركيز كبير على العقاب الجسدي والصمت. ومع ذلك، مع مرور الوقت، تم إدخال بعض التغييرات لتحسين ظروف السجناء.
أحد أهم التغييرات كان إدخال نظام التعليم. بدأت السجون في تقديم دروس للقراءة والكتابة للسجناء. كان الهدف من ذلك هو مساعدة السجناء على إعادة التأهيل والعودة إلى المجتمع كأفراد منتجين.
شهد نظام أوبرن أيضًا تغييرات في إدارة السجون. بدأ مسؤولو السجون في التركيز على إعادة التأهيل بدلاً من العقاب فقط. تم تطوير برامج علاجية لمساعدة السجناء على التغلب على سلوكهم الإجرامي.
تأثير نظام أوبرن
كان لنظام أوبرن تأثير كبير على نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة وحول العالم. ساعد في تشكيل الطريقة التي تعامل بها السجون مع السجناء، وأثر على تطور الإصلاحيات.
أحد أهم التأثيرات كان إدخال العمل الجماعي في السجون. سمح هذا للسجون بالاستفادة من عمل السجناء، وفي الوقت نفسه، تعليمهم مهارات جديدة. كما ساعد العمل الجماعي على الحفاظ على النظام والانضباط في السجون.
كان لنظام أوبرن أيضًا تأثير كبير على تطوير نظام السجون في أوروبا. تم تبني العديد من جوانب نظام أوبرن في السجون الأوروبية، مما ساعد على تحسين ظروف السجون في تلك البلدان.
مقارنة نظام أوبرن بأنظمة العقوبات الأخرى
يمكن مقارنة نظام أوبرن بنظامين رئيسيين آخرين للعقوبات، وهما نظام بنسلفانيا والنظام الإصلاحي.
نظام بنسلفانيا: يعتمد نظام بنسلفانيا على العزلة التامة للسجناء. كان يُعتقد أن العزلة ستساعد السجناء على التفكير في أفعالهم والتوبة. ومع ذلك، ثبت أن هذا النظام كان له آثار نفسية ضارة على السجناء. كان نظام أوبرن، على النقيض من ذلك، يسمح بالعمل الجماعي أثناء النهار، مما جعله أكثر اجتماعية.
النظام الإصلاحي: يركز النظام الإصلاحي على إعادة التأهيل بدلاً من العقاب. يهدف إلى مساعدة السجناء على تغيير سلوكهم الإجرامي والعودة إلى المجتمع كأفراد منتجين. يعتبر نظام أوبرن خطوة في هذا الاتجاه، ولكن لم يكن يركز بشكل كامل على إعادة التأهيل مثل النظام الإصلاحي الحديث.
على الرغم من أن نظام أوبرن كان له عيوبه، إلا أنه كان تقدمًا كبيرًا على نظام بنسلفانيا. كان أكثر فعالية من حيث إدارة السجون وتقليل التكاليف. كما سمح للسجون بتعليم السجناء مهارات جديدة والمساهمة في الإنتاج الاقتصادي.
عيوب نظام أوبرن
على الرغم من إيجابياته، كان لنظام أوبرن عيوب كبيرة. كان النظام قاسيًا، وكان العقاب الجسدي شائعًا. كان الصمت الدائم يمثل تحديًا نفسيًا للسجناء. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن النظام فعالًا دائمًا في إعادة تأهيل السجناء.
كانت ظروف العمل في ورش العمل بالسجن صعبة غالبًا. كان السجناء يعملون لساعات طويلة في ظروف غير صحية. هذا أدى إلى إصابات وأمراض.
على الرغم من هذه العيوب، لعب نظام أوبرن دورًا مهمًا في تطور نظام السجون. ساعد على تشكيل الطريقة التي تعامل بها السجون مع السجناء، وأثر على تطوير الإصلاحيات.
إرث نظام أوبرن
لا يزال إرث نظام أوبرن موجودًا في نظام العدالة الجنائية اليوم. أثرت مبادئه على تصميم السجون، وإدارة السجون، والبرامج الإصلاحية. إن التركيز على العمل والانضباط والتعليم في نظام أوبرن أرسى الأساس للعديد من جوانب نظام السجون الحديث.
أحد أهم جوانب إرث نظام أوبرن هو تركيزه على العمل. لا تزال العديد من السجون اليوم لديها ورش عمل حيث يعمل السجناء. هذه ورش العمل تساعد السجناء على تعلم مهارات جديدة، والمساهمة في الإنتاج الاقتصادي للسجن، والحفاظ على وقتهم مشغولاً بطريقة منتجة.
كما أن الانضباط الذي شدد عليه نظام أوبرن لا يزال مهمًا في السجون الحديثة. تساعد القواعد واللوائح الصارمة في الحفاظ على النظام والأمن في السجون. كما أنها تساعد على تعليم السجناء الانضباط الذاتي، وهو أمر ضروري للنجاح بعد الإفراج.
أخيرًا، أثر نظام أوبرن على التركيز على التعليم في السجون. تدرك العديد من السجون اليوم أهمية توفير فرص التعليم للسجناء. يساعد التعليم السجناء على تطوير مهارات جديدة، وتحسين فرص عملهم، والعودة إلى المجتمع كأفراد منتجين.
خاتمة
كان نظام أوبرن نظامًا عقابيًا مؤثرًا في القرن التاسع عشر. على الرغم من عيوبه، فقد ساعد في تشكيل نظام السجون في الولايات المتحدة وحول العالم. أرسى النظام الأساس للعديد من جوانب نظام السجون الحديث، بما في ذلك العمل الجماعي، والانضباط، والتعليم. إن دراسة نظام أوبرن توفر رؤى قيمة حول تطور نظام العدالة الجنائية وكيف تغيرت مقارباتنا للعقاب والإصلاح على مر السنين.