<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد شلومو فولبي في برلين عام 1914 لعائلة يهودية أرثوذكسية ملتزمة. تلقى تعليمه المبكر في برلين، حيث درس في مدرسة دينية تقليدية (يشيفا). في سن المراهقة، أظهر فولبي بالفعل اهتمامًا عميقًا بالدراسات اليهودية، وأظهر قدرة فكرية استثنائية. انتقل لاحقًا إلى يشيفا في ليتوانيا، حيث درس تحت إشراف بعض من أبرز الحاخامات في ذلك الوقت. تأثر فولبي بشكل خاص بالحاخام يسرائيل سلانتر، مؤسس حركة الموسار (أو الأخلاق اليهودية)، الذي زرع فيه تقديرًا عميقًا لأهمية تطوير الصفات الأخلاقية والروحية.
الهجرة إلى فلسطين/إسرائيل
مع صعود النازية في ألمانيا، أدرك فولبي المخاطر التي تواجه اليهود في أوروبا. في عام 1933، هاجر إلى فلسطين (التي كانت تحت الانتداب البريطاني في ذلك الوقت) هربًا من الاضطهاد. استقر في القدس، حيث واصل دراسته في يشيفا، وأصبح مقربًا من العديد من القادة الروحيين البارزين في المجتمع اليهودي الناشئ. لقد ساهمت تجربته في فترة ما قبل الحرب في صقل رؤيته للعالم، مما دفعه إلى تبني نهج عملي وعاطفي للحياة الدينية.
الحياة المهنية والتدريس
بعد وصوله إلى فلسطين، انخرط شلومو فولبي في التدريس والعمل الروحي. عمل مدرسًا في يشيفا، وقدم دروسًا ومحاضرات للجمهور العام. اشتهر بأسلوبه الودود وقدرته على شرح الأفكار اليهودية المعقدة بطريقة واضحة ومناسبة. كان فولبي يتمتع بقدرة فريدة على التواصل مع مجموعة واسعة من الناس، بما في ذلك الطلاب، ورجال الدين، والعلمانيين. كان يعتقد أن الهدف الأساسي من الحياة هو تطوير علاقة شخصية مع الله، وسعى جاهدًا لإلهام الآخرين لتحقيق هذا الهدف.
مساهماته الأدبية
كان شلومو فولبي مؤلفًا غزير الإنتاج، وكتب العديد من الكتب والمقالات التي لاقت استحسانًا واسعًا. ركزت كتاباته على مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الأخلاق اليهودية، والتفكير الموساري، والتعليم، والعلاقات الإنسانية. كان كتابه الأكثر شهرة، “أور ليشا” (“نور الحياة”)، بمثابة دليل شامل للحياة اليهودية، ويغطي مجموعة واسعة من المواضيع من منظور الموسار. يعتبر هذا الكتاب مرجعًا كلاسيكيًا للدراسات اليهودية، ولا يزال يقرأ على نطاق واسع حتى اليوم.
بالإضافة إلى “أور ليشا”، كتب فولبي العديد من الكتب والمقالات الأخرى، بما في ذلك:
- “كتاب الموسار”: يقدم هذا الكتاب نظرة عامة على حركة الموسار، ويستكشف مبادئها الأساسية وأساليبها العملية.
- “شلومو فولبي على التوراة”: مجموعة من التعليقات على نصوص التوراة، التي تسلط الضوء على المعنى الأخلاقي والروحي للقصص والوصايا.
- “كلمات الحكمة”: مجموعة من الأقوال المأثورة والقصص التي تهدف إلى إلهام القراء وتعليمهم.
تميزت كتابات فولبي بالعمق الفكري، والوضوح، والتعاطف. كان يمتلك القدرة على ربط الأفكار اليهودية التقليدية بالقضايا المعاصرة، مما يجعلها ذات صلة بالقراء من جميع الخلفيات.
تأثيره وتعليمه
كان لشلومو فولبي تأثير كبير على عالم اليهودية، خاصة في مجتمعات الحريديم. كان معروفًا بكونه معلمًا ملهِمًا، وقادرًا على إحداث فرق في حياة الناس. كان يعتقد أن التربية والتعليم هما مفتاح التغيير الإيجابي، وكان ملتزمًا بنشر قيم وأخلاقيات اليهودية. كان لدروسه ومحاضراته صدى عميق لدى الجمهور، وكثيرًا ما أشار إليه الناس بـ”الحاخام المحب”.
ركز فولبي في تعليمه على أهمية:
- تطوير الصفات الأخلاقية: اعتقد أن تطوير الصفات الأخلاقية، مثل التواضع، والصبر، والرحمة، هو أمر ضروري لتحقيق الحياة الروحية الكاملة.
- تحمل المسؤولية الشخصية: شدد على أهمية تحمل المسؤولية عن أفعال المرء والتزاماته.
- خدمة الله: علم أن خدمة الله يجب أن تكون مركز الحياة اليهودية، وأن تتم من خلال الصلاة، والتعلم، والأعمال الصالحة.
- تقدير الآخرين: شجع على تقدير جميع الناس، بغض النظر عن خلفياتهم أو معتقداتهم.
إرثه
ترك شلومو فولبي إرثًا دائمًا في عالم اليهودية. ألهمت كتاباته وتعاليمه عددًا لا يحصى من الناس، ولا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم. يعتبر “أور ليشا” بمثابة دليل كلاسيكي للحياة اليهودية، ويستخدم على نطاق واسع في الدراسات اليهودية. لقد أثرت رؤيته الأخلاقية على العديد من القادة الدينيين، ولا يزال تأثيره محسوسًا في مجتمعات الحريديم في جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى إسهاماته الفكرية، اشتهر فولبي بشخصيته الدافئة ورحمته. كان معروفًا بكونه ودودًا ولطيفًا ومتواضعًا، وكان دائمًا على استعداد لمساعدة الآخرين. كان يجسد قيم اليهودية، وألهم الآخرين ليعيشوا حياة ذات مغزى وأخلاقية. يعتبر إرثه بمثابة شهادة على قوة الإيمان، والتفاني، والقدرة على التأثير الإيجابي في العالم.
وفاته
توفي الحاخام شلومو فولبي في 25 أبريل 2005، عن عمر يناهز 90 عامًا. أقيمت جنازته في القدس، وحضرها الآلاف من الأشخاص من جميع أنحاء العالم. دفن في مقبرة جبل الزيتون في القدس، حيث يقع قبره اليوم بمثابة مكان حج للعديد من زواره. على الرغم من وفاته، يستمر إرثه في العيش من خلال كتاباته، وتعاليمه، والأشخاص الذين ألهمهم.
خاتمة
كان الحاخام شلومو فولبي شخصية بارزة في عالم اليهودية، ترك إرثًا دائمًا من خلال كتاباته وتعاليمه. من خلال تركيزه على الأخلاق، والمسؤولية الشخصية، وخدمة الله، ألهم عددًا لا يحصى من الناس ليعيشوا حياة ذات مغزى وأخلاقية. لا تزال كتاباته، وخاصة “أور ليشا”، تحظى بشعبية كبيرة، ويستمر تأثيره في مجتمعات الحريديم في جميع أنحاء العالم. يعتبر الحاخام فولبي مثالًا يحتذى به على التفاني، والرحمة، والإيمان، وسيظل ذكراه محفورة في قلوب وعقول الذين عرفوه والذين تأثروا به.