نشأتها وبداية حياتها
ولدت يوليانا في ليما، بيرو، لأبوين ألمانيين، وهما ماريا كيبكي، عالمة الطيور، وهانز-ويلم كيبكي، عالم الحيوان. نشأت يوليانا في بيرو، في محمية طبيعية تقع في غابات الأمازون المطيرة. قضت طفولتها في مراقبة الطيور والحيوانات الأخرى، وتعلمت الكثير عن البقاء على قيد الحياة في الغابة. علمها والداها الكثير عن الطبيعة وكيفية التكيف مع الظروف الصعبة، وهو ما ثبت أنه حيوي لبقائها على قيد الحياة لاحقًا.
انتقلت يوليانا مع والدتها، ماريا، إلى مدينة ليما، حيث التحقت بالمدرسة الثانوية. في عام 1971، كانت يوليانا تستعد للعودة إلى منزلها في الغابة لقضاء عيد الميلاد مع والدها. وقد خططت للسفر مع والدتها على متن رحلة لخطوط بيرو الجوية.
حادثة الطائرة
في 24 ديسمبر 1971، كانت يوليانا ووالدتها على متن طائرة الرحلة 508 التابعة لخطوط بيرو الجوية، والتي كانت متجهة من ليما إلى بوكالبا. بعد حوالي 30 دقيقة من الإقلاع، دخلت الطائرة في عاصفة رعدية شديدة. تعرضت الطائرة لصعقات برق، وبعد ذلك بوقت قصير، انكسرت في الهواء. انفصلت يوليانا عن حزام مقعدها وسقطت في الغابة من ارتفاع يزيد عن 3 كيلومترات (حوالي 2 ميل). كانت جالسة في الصف الأخير من المقاعد، والذي يبدو أنه هو الذي ساعدها على النجاة من السقوط.
بعد تحطم الطائرة، نجت يوليانا بأعجوبة من الموت، لكنها أصيبت بجروح خطيرة. عانت من كسور في الترقوة والساق والذراع، بالإضافة إلى جروح وخدوش في جميع أنحاء جسدها. فقدت أيضًا والدتها، التي كانت تجلس بجانبها في الطائرة. بعد التحطم، ظلت يوليانا مرتبكة ومرعوبة، لكنها أدركت أنها بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة. تذكرت النصائح التي تلقتها من والديها حول البقاء على قيد الحياة في الغابة.
البقاء على قيد الحياة في الغابة
تمسكت يوليانا بعقلها وذاكرتها للدروس التي تعلمتها من والديها، مستخدمة معرفتها بالحيوانات والنباتات في الغابة. بدأت يوليانا في السير في الغابة، في محاولة للعثور على مياه ونقطة تجمع. كان لديها بعض الحلوى التي كانت تحملها معها، ولكنها سرعان ما نفدت. وجدت جدولًا مائيًا وبدأت في تتبعه، على أمل أن يؤدي بها إلى الحضارة. تعلمت أيضًا كيفية شرب المياه من الجداول، حيث لم يكن لديها أي أدوات أخرى.
عانت يوليانا من الجوع والعطش والإرهاق، وتعرّضت للعض من الحشرات، لكنها لم تستسلم. استمرت في السير، واستخدمت معرفتها بالنباتات لتحديد النباتات الصالحة للأكل. كان عليها أن تعالج جروحها بنفسها، ووضعت الوقود على ذراعيها المصابة لتطهيرها ومنع العدوى. لقد اتبعت طريقًا غريزيًا، معتمدة على حدسها ودروس والديها. بعد حوالي 10 أيام من السير في الغابة، عثرت على كوخ صغير. في الكوخ، وجدت بعض الوقود، والذي استخدمته لعلاج جروحها، وبعض السكر، والذي استخدمته لاستعادة طاقتها. بعد ذلك بوقت قصير، عثر عليها صيادون محليون، وقاموا برعايتها وأبلغوا السلطات.
كانت يوليانا في الغابة لمدة 11 يومًا، وهي فترة مذهلة بالنسبة لشخص في مثل حالتها. تم إنقاذها من قبل صيادين بعد أيام من العثور عليها. أخذوها إلى أقرب بلدة، حيث تلقت العلاج الطبي اللازم. بعد تعافيها، عادت إلى ألمانيا لمواصلة دراستها.
بعد الحادث
بعد إنقاذها، عادت يوليانا إلى ألمانيا لتتعافى وتستعيد حياتها. درست علم الأحياء في جامعة كيل، وحصلت على درجة الدكتوراه في علم الثدييات. تزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال. عملت يوليانا كأخصائية أرشيف في مكتبة الدولة البافارية في ميونيخ. بقيت تجربتها في الغابة جزءًا كبيرًا من حياتها. كتبت كتابًا عن تجربتها، بعنوان “عندما سقطت من السماء” (بالألمانية: Als ich vom Himmel fiel)، والذي نُشر في عام 2011. تم تحويل القصة إلى فيلم وثائقي.
شاركت يوليانا في العديد من المقابلات، وتحدثت عن تجربتها في البقاء على قيد الحياة. غالبًا ما وصفت التجربة بأنها مزيج من الرعب والإصرار والامتنان. أصبحت قصتها مصدر إلهام للعديد من الأشخاص حول العالم، وأظهرت قوة الروح البشرية.
تُذكر يوليانا كيبكي كرمز للشجاعة والصمود. تعتبر قصتها بمثابة تذكير بقوة الطبيعة البشرية وقدرة الإنسان على التكيف في مواجهة الشدائد. تجسد يوليانا الإرادة القوية والقدرة على البقاء على قيد الحياة في أصعب الظروف.
دروس مستفادة
قصة يوليانا كيبكي تقدم العديد من الدروس القيمة:
- أهمية المعرفة: ساعدتها معرفتها بأساليب البقاء على قيد الحياة في الغابة، والتي تعلمتها من والديها، على النجاة.
- أهمية المرونة: على الرغم من إصاباتها الشديدة، لم تستسلم يوليانا أبدًا، واستمرت في السير والبحث عن المساعدة.
- أهمية الأمل: ساعدها الأمل في البقاء على قيد الحياة على الاستمرار في مواجهة التحديات.
- أهمية العائلة: لعبت الدروس التي تعلمتها من والديها دورًا حاسمًا في بقائها على قيد الحياة، كما أنها ألهمتها.
حقائق إضافية
- كانت يوليانا هي الناجية الوحيدة من بين 92 راكبًا وطاقمًا على متن الطائرة.
- عُثر على والدة يوليانا ميتة في حطام الطائرة بعد أيام من الحادث.
- بمجرد إنقاذها، عانت يوليانا من كوابيس لسنوات عديدة.
- أصبحت قصتها مادة للدراسة في مجالات مثل علم النفس، حيث يحلل الخبراء كيفية تمكنها من البقاء على قيد الحياة.
تأثير القصة
أثرت قصة يوليانا كيبكي على العديد من الأشخاص حول العالم. لقد ألهمت الآخرين على مواجهة التحديات والصعاب، وأظهرت قدرة الإنسان على الصمود. أصبحت قصة يوليانا رمزًا للأمل والتشجيع، وتذكيرًا بقيمة الحياة.
خاتمة
يوليانا كيبكي هي قصة إنسانية استثنائية، تجسد الشجاعة والمثابرة والإرادة القوية. إن قدرتها على النجاة من كارثة جوية في غابات الأمازون المطيرة، والاعتماد على معرفتها وبراعتها للنجاة، هي شهادة على قوة الروح البشرية. تبقى قصتها مصدر إلهام للعالم بأسره، وتذكرنا بأهمية الأمل والإصرار في مواجهة الشدائد.
المراجع
- Juliane Koepcke – Wikipedia
- Juliane Koepcke: the girl who fell from the sky | World news | The Guardian
- When I Fell from the Sky: The True Story of One Woman’s Miraculous Survival – by Juliane Koepcke
- Juliane Koepcke – The girl who fell from the sky
“`