<![CDATA[
الحياة المبكرة والتعليم
ولد أندرو كوهين في 7 أكتوبر 1909. تلقى تعليمه في كلية أكسفورد، حيث درس التاريخ وحصل على درجة البكالوريوس. كان طالبًا متميزًا، وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالشؤون العامة والاستعمار. انضم كوهين إلى الخدمة المدنية في عام 1932، وبدأ حياته المهنية في وزارة المستعمرات في لندن.
خلال الحرب العالمية الثانية، عمل كوهين في وزارة التموين، حيث اكتسب خبرة قيمة في الإدارة والتخطيط. بعد الحرب، عاد إلى وزارة المستعمرات، وصعد بسرعة في الرتب. كان يتمتع بذكاء حاد، وقدرة على التحليل، ومهارات قيادية قوية. ساهمت هذه الصفات في صعوده السريع في السلم الوظيفي.
مسيرته المهنية المبكرة في وزارة المستعمرات
بدأ كوهين مسيرته المهنية في وزارة المستعمرات، حيث شغل مناصب مختلفة. عمل في قسم الشؤون الاقتصادية، وشارك في صياغة السياسات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية في المستعمرات. كما عمل في قسم الإدارة، وتعامل مع القضايا المتعلقة بالحكم والإدارة في المستعمرات المختلفة. اكتسب خلال هذه الفترة خبرة واسعة في مجال الشؤون الاستعمارية، وتعلم عن كثب تعقيدات الإدارة الاستعمارية والاحتياجات المتنوعة للمجتمعات الاستعمارية.
في هذه المرحلة، طور كوهين رؤية واضحة لمستقبل الإمبراطورية البريطانية. كان يعتقد أن الاستعمار يجب أن يهدف إلى الحكم الذاتي التدريجي والاستقلال في نهاية المطاف. اعتقد أيضًا أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية كانت ضرورية لتحقيق الاستقرار والازدهار في المستعمرات. كانت هذه الرؤية بمثابة الأساس لسياساته في أوغندا.
حاكم أوغندا
في عام 1952، تم تعيين كوهين حاكمًا لأوغندا. كانت هذه مهمة صعبة، حيث كانت أوغندا تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك التوتر العرقي، والصراع على السلطة، والمطالبات المتزايدة بالاستقلال. كانت مهمة كوهين هي الحفاظ على الاستقرار، وتعزيز التنمية الاقتصادية، والتحضير للانتقال إلى الحكم الذاتي. كان عليه أن يتخذ قرارات صعبة وتوازن بين مصالح مختلفة.
ركز كوهين على عدة مجالات رئيسية خلال فترة ولايته في أوغندا. أولاً، سعى إلى تعزيز الحكم الذاتي وزيادة مشاركة الأوغنديين في الحكومة. قام بإصلاح المجلس التشريعي، وزاد عدد الأعضاء الأوغنديين فيه. كما شجع على تشكيل الأحزاب السياسية، وأنشأ لجنة لوضع دستور جديد.
ثانيًا، عمل على تعزيز التنمية الاقتصادية. شجع على زراعة المحاصيل النقدية، مثل القطن والبن، وساهم في تطوير البنية التحتية، مثل الطرق والمدارس والمستشفيات. كما شجع على الاستثمار الأجنبي، وسعى إلى جذب الشركات البريطانية والأجنبية الأخرى إلى أوغندا.
ثالثًا، تعامل كوهين مع مسألة العلاقات العرقية في أوغندا. كانت العلاقات بين المجموعات العرقية المختلفة متوترة، وخاصة بين البوغنديين (أكبر مجموعة عرقية) والمجموعات الأخرى. حاول كوهين التوسط بين هذه المجموعات، وتعزيز التفاهم والتعاون. ومع ذلك، أثارت سياساته بعض الجدل.
إصلاحات كوهين المثيرة للجدل
أدخل كوهين العديد من الإصلاحات خلال فترة ولايته، والتي أثارت بعض الجدل. كان أبرزها محاولة تقويض سلطة نظام الملكية في بوغندا. اعتقد كوهين أن الملكية كانت عائقًا أمام التنمية السياسية والاجتماعية في أوغندا، وسعى إلى الحد من نفوذها. أدى هذا إلى صراع مع الزعيم الملكي البوغندي، الذي كان يتمتع بدعم واسع النطاق بين شعبه. أدت جهود كوهين في النهاية إلى إقالة الملك فريدريك موتيسا الثاني من منصب الملك، مما أثار غضبًا واسعًا في بوغندا.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضت سياسات كوهين في أوغندا لانتقادات بسبب أساليبها الاستبدادية. اتُهم كوهين بعدم التشاور بشكل كافٍ مع الزعماء الأوغنديين، واتخاذ قرارات دون الأخذ في الاعتبار وجهات نظرهم. كما اتُهم باستخدام القوة المفرطة لقمع المعارضة السياسية. أثارت هذه الانتقادات مخاوف بشأن التزام كوهين بالديمقراطية والحكم الرشيد.
مساهمات كوهين وإرثه
على الرغم من الجدل الدائر حول سياساته، إلا أن كوهين ترك إرثًا مهمًا في أوغندا. لقد ساهم في تعزيز الحكم الذاتي والتنمية الاقتصادية، ومهد الطريق للاستقلال في نهاية المطاف. كما ساعدت إصلاحاته في تعزيز التعليم والرعاية الصحية، وتحسين البنية التحتية. كان له تأثير كبير على مسار أوغندا.
أدرك كوهين أن الاستقلال هو الهدف النهائي للمستعمرات، وعمل على إعداده. ومع ذلك، فقد اتبع نهجًا تدريجيًا، مع التركيز على بناء مؤسسات قوية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كان يعتقد أن هذه هي الأساس للاستقلال المستدام.
يُنظر إلى كوهين على أنه شخصية معقدة، كان لديه مزيج من الصفات الإيجابية والسلبية. كان يتمتع بذكاء كبير، ورؤية واضحة لمستقبل أوغندا. كان ملتزمًا بالتنمية، ويعمل بجد لتحسين حياة الأوغنديين. ومع ذلك، كان أيضًا استبداديًا، ولم يكن دائمًا على دراية بالثقافة والتوقعات المحلية. إرثه لا يزال موضوع نقاش مستمر في أوغندا.
حياته اللاحقة
بعد مغادرته أوغندا في عام 1957، عاد كوهين إلى بريطانيا، حيث شغل منصبًا في وزارة الخارجية. عمل في قسم الشؤون الأفريقية، وقدم المشورة بشأن السياسات المتعلقة بأفريقيا. تقاعد في عام 1965، وتوفي في 17 يونيو 1968. ترك كوهين وراءه إرثًا معقدًا، يتذكره البعض كمصلح، والبعض الآخر كدكتاتور.
تقييم إرث كوهين
يمكن النظر إلى إرث كوهين من وجهات نظر مختلفة. من ناحية، يمكن اعتباره رجلاً قدم مساهمات كبيرة في أوغندا. لقد ساهم في تعزيز الحكم الذاتي والتنمية الاقتصادية، ومهد الطريق للاستقلال. كما كان له تأثير كبير على التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية. من ناحية أخرى، يمكن اعتباره شخصًا استبداديًا، لم يحترم دائمًا وجهات نظر الزعماء الأوغنديين، واتخذ قرارات دون التشاور معهم بشكل كافٍ. كما اتُهم باستخدام القوة المفرطة لقمع المعارضة السياسية. الواقع هو أنه مزيج من الاثنين.
أثرت سياسات كوهين في أوغندا بشكل كبير على مسار البلاد. ساهمت إصلاحاته في تشكيل نظام الحكم بعد الاستقلال، وعلاقات أوغندا مع بريطانيا. على الرغم من الجدل الدائر حول سياساته، إلا أنه من المؤكد أنه كان شخصية مؤثرة في تاريخ أوغندا الحديث.
خاتمة
كان السير أندرو كوهين حاكمًا مؤثرًا لأوغندا في فترة حرجة من تاريخها. على الرغم من أن إرثه لا يزال مثيرًا للجدل، إلا أنه لعب دورًا مهمًا في تعزيز الحكم الذاتي، والتنمية الاقتصادية، والتحضير للاستقلال. كانت سياساته معقدة، وأثارت انتقادات بسبب أساليبها الاستبدادية، ولكنها تركت بصمة لا تمحى على أوغندا.