الحياة المبكرة والخدمة العسكرية
ولد فالنتين فارينيكوف في 15 ديسمبر 1923 في مدينة روستوف أوبلاست في روسيا. انضم إلى الجيش الأحمر في عام 1941، وشارك في الحرب العالمية الثانية كضابط مدفعية. قاتل في معارك مهمة مثل معركة ستالينجراد ومعركة كورسك. بعد الحرب، واصل فارينيكوف مسيرته العسكرية، وتخرج من الأكاديمية العسكرية فرونز عام 1954 والأكاديمية العسكرية لهيئة الأركان العامة عام 1967.
تدرج فارينيكوف في الرتب العسكرية، حيث شغل مناصب قيادية مختلفة في الجيش السوفيتي. في عام 1979، تم تعيينه نائبًا لرئيس الأركان العامة للقوات المسلحة السوفيتية ورئيسًا لإدارة العمليات. لعب دورًا رئيسيًا في التخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية السوفيتية خلال فترة الحرب الباردة.
دوره في حرب أفغانستان
كان فالنتين فارينيكوف من بين كبار القادة العسكريين السوفيت الذين شاركوا في التخطيط للتدخل العسكري السوفيتي في أفغانستان في عام 1979. أشرف على العمليات العسكرية في أفغانستان من عام 1979 إلى عام 1989، حيث قاد القوات السوفيتية في مواجهة المجاهدين الأفغان المدعومين من الولايات المتحدة وباكستان ودول أخرى.
أثارت حرب أفغانستان جدلاً واسعًا داخل الاتحاد السوفيتي وخارجه. تكبد الجيش السوفيتي خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأدت الحرب إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك، دافع فارينيكوف عن التدخل السوفيتي في أفغانستان، زاعمًا أنه كان ضروريًا لحماية المصالح السوفيتية ومنع أفغانستان من التحول إلى قاعدة للعدوان ضد الاتحاد السوفيتي.
محاولة انقلاب أغسطس 1991
في أغسطس 1991، شارك فالنتين فارينيكوف في محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف. كان فارينيكوف من بين كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين الذين شكلوا “لجنة الدولة لحالة الطوارئ”، التي أعلنت حالة الطوارئ في البلاد وحاولت الإطاحة بحكومة جورباتشوف.
فشلت محاولة الانقلاب بعد ثلاثة أيام فقط بسبب المقاومة الشعبية الواسعة النطاق في موسكو ومدن أخرى. تم اعتقال فارينيكوف وعدد آخر من قادة الانقلاب، ووجهت إليهم تهمة الخيانة العظمى.
خلال محاكمته، رفض فارينيكوف الاعتراف بالذنب وأصر على أنه كان يتصرف بدافع الحفاظ على الاتحاد السوفيتي ومنع انهياره. تم تبرئته من قبل المحكمة العسكرية العليا في عام 1994، في قرار أثار جدلاً واسعًا.
النشاط السياسي واللاحق
بعد تبرئته، انخرط فالنتين فارينيكوف في النشاط السياسي. انتخب نائباً في مجلس الدوما (البرلمان الروسي) في عام 1995، حيث شغل منصبًا حتى عام 2003. كان عضوًا في فصيل الحزب الشيوعي للاتحاد الروسي، ودعا إلى سياسات تهدف إلى استعادة قوة ومكانة روسيا.
كتب فارينيكوف العديد من الكتب والمقالات حول القضايا العسكرية والسياسية، بما في ذلك مذكراته عن حرب أفغانستان ومحاولة انقلاب أغسطس 1991. كان شخصية مثيرة للجدل، لكنه ظل شخصية بارزة في روسيا حتى وفاته في 6 مايو 2009.
كان فارينيكوف يحمل العديد من الأوسمة والجوائز السوفيتية والروسية، بما في ذلك وسام لينين ووسام الراية الحمراء ووسام الحرب الوطنية من الدرجة الأولى.
مواقفه وآراؤه
كان فالنتين فارينيكوف شخصية ذات آراء قوية ومواقف ثابتة. كان مدافعًا قويًا عن الجيش السوفيتي/الروسي، ودعا إلى زيادة الإنفاق العسكري وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد. كان أيضًا منتقدًا قويًا للسياسات التي نفذها ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين، والتي اعتبرها أنها أدت إلى إضعاف الاتحاد السوفيتي وروسيا.
كان فارينيكوف يعتقد أن الاتحاد السوفيتي كان قوة عظيمة لعبت دورًا إيجابيًا في العالم، وأن انهياره كان مأساة. كان يعتقد أيضًا أن روسيا يجب أن تستعيد مكانتها كقوة عالمية وأن تدافع عن مصالحها في مواجهة الغرب.
أثارت آراء فارينيكوف جدلاً واسعًا، لكنه ظل شخصية محترمة بين العديد من العسكريين والوطنيين الروس. كان يعتبر رمزًا للقوة والوطنية والولاء.
إرثه
لا يزال فالنتين فارينيكوف شخصية مثيرة للجدل في روسيا. يعتبره البعض بطلاً دافع عن الاتحاد السوفيتي وروسيا، بينما يعتبره البعض الآخر خائنًا شارك في محاولة انقلاب فاشلة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن فارينيكوف لعب دورًا مهمًا في التاريخ السوفيتي والروسي، وأن إرثه سيستمر في إثارة الجدل لسنوات عديدة قادمة.
تجسد مسيرة فالنتين فارينيكوف التحولات الدراماتيكية التي شهدها الاتحاد السوفيتي وروسيا في القرن العشرين. من ضابط مدفعية قاتل في الحرب العالمية الثانية إلى جنرال قاد القوات السوفيتية في أفغانستان، ومن ثم متهم بالخيانة العظمى إلى نائب في البرلمان الروسي، كانت حياة فارينيكوف مليئة بالأحداث والتحديات.
خاتمة
فالنتين فارينيكوف كان شخصية عسكرية وسياسية سوفيتية وروسية بارزة. لعب دورًا هامًا في حرب أفغانستان ومحاولة انقلاب أغسطس 1991. شخصية مثيرة للجدل، لكنه ظل شخصية بارزة في روسيا حتى وفاته. تظل مسيرته المهنية موضوعًا للنقاش والتحليل، حيث يراه البعض بطلاً بينما يراه آخرون شخصية مثيرة للجدل.