<![CDATA[
خلفية تاريخية
اندلعت حرب لبنان عام 2006 في أعقاب اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين في 12 يوليو 2006. وردت إسرائيل على هذا الهجوم بشن حملة عسكرية واسعة النطاق استهدفت حزب الله في جنوب لبنان. على الرغم من العمليات العسكرية المكثفة، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها بشكل كامل في البداية، مما أدى إلى الحاجة إلى عملية عسكرية إضافية لتعزيز موقفها التفاوضي وتحقيق بعض المكاسب الميدانية قبل وقف إطلاق النار.
أهداف العملية
حددت إسرائيل عدة أهداف لعملية تغيير الاتجاه 11. كان الهدف الرئيسي هو تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المناطق الحدودية في جنوب لبنان، بهدف إبعاد حزب الله عن الحدود وإقامة منطقة عازلة. بالإضافة إلى ذلك، سعت إسرائيل إلى تدمير البنية التحتية لحزب الله، بما في ذلك مواقع إطلاق الصواريخ والمخابئ والمستودعات. وكان هناك هدف آخر يتمثل في تحسين شروط التفاوض في المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار.
سير العمليات العسكرية
بدأت عملية تغيير الاتجاه 11 في 11 أغسطس 2006، حيث قامت القوات الإسرائيلية بتوسيع نطاق عملياتها البرية في جنوب لبنان. شملت العملية هجومًا بريًا واسع النطاق، مع مشاركة الدبابات والمشاة والوحدات الهندسية. تركزت الهجمات على عدة محاور، بهدف السيطرة على القرى والبلدات الاستراتيجية وتأمين الطرق الرئيسية. واجهت القوات الإسرائيلية مقاومة شرسة من مقاتلي حزب الله، الذين كانوا يتحصنون في مواقع دفاعية قوية.
شهدت العملية اشتباكات عنيفة بين الجانبين، مع استخدام مكثف للأسلحة الثقيلة والمدفعية. استخدم حزب الله صواريخ مضادة للدبابات وقذائف الهاون، مما أدى إلى خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية. في المقابل، استخدمت إسرائيل الغارات الجوية والقصف المدفعي لتدمير مواقع حزب الله. شهدت العملية أيضًا معارك ضارية في المناطق الحضرية، حيث قاتل الجنود الإسرائيليون من منزل إلى منزل.
رغم المقاومة الشرسة، تمكنت القوات الإسرائيلية من تحقيق بعض المكاسب الميدانية خلال الأيام الأولى من العملية. سيطرت القوات الإسرائيلية على عدة قرى وبلدات، وقطعت بعض طرق الإمداد لحزب الله. ومع ذلك، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق جميع أهدافها العسكرية بشكل كامل خلال الفترة القصيرة المخصصة للعملية.
نتائج العملية
أدت عملية تغيير الاتجاه 11 إلى تدهور كبير في الوضع الإنساني في جنوب لبنان. أدى القتال العنيف إلى نزوح آلاف المدنيين، وتدمير البنية التحتية، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات. كما أدت العملية إلى خسائر بشرية في صفوف المدنيين والمسلحين على حد سواء. أدت العملية أيضًا إلى تفاقم التوتر الإقليمي، وزيادة الضغط على الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
في 14 أغسطس 2006، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. أنهت هذه العملية الحرب، على الرغم من أن العديد من القضايا الأساسية ظلت دون حل. على الرغم من أنها لم تحقق جميع أهدافها، إلا أن العملية حسنت إلى حد ما من موقف إسرائيل التفاوضي في مفاوضات وقف إطلاق النار. ومع ذلك، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق انتصار حاسم على حزب الله خلال هذه الحرب.
تقييم العملية
تعتبر عملية تغيير الاتجاه 11 عملية عسكرية معقدة ومثيرة للجدل. يرى بعض المحللين أنها فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، بينما يرى آخرون أنها نجحت في تحقيق بعض المكاسب العسكرية والتفاوضية. من بين النقاط البارزة في التقييم:
- الإخفاق في القضاء على حزب الله: لم تتمكن القوات الإسرائيلية من تدمير قدرات حزب الله بشكل كامل، أو إضعاف نفوذه بشكل كبير.
- الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية: تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات خلال العملية، مما أثار انتقادات واسعة النطاق داخل إسرائيل.
- التأثير على المدنيين: أدت العملية إلى معاناة إنسانية كبيرة في جنوب لبنان، مع مقتل وإصابة آلاف المدنيين، وتدمير منازلهم وممتلكاتهم.
- تحسين الموقف التفاوضي: على الرغم من كل ذلك، ساعدت العملية إسرائيل على تحسين موقفها التفاوضي في مفاوضات وقف إطلاق النار.
الدروس المستفادة
تركت عملية تغيير الاتجاه 11 دروسًا مهمة للجيش الإسرائيلي. من بين هذه الدروس:
- أهمية الاستخبارات الدقيقة: أظهرت العملية الحاجة إلى تحسين الاستخبارات المتعلقة بقدرات العدو ونواياه.
- التخطيط والتنسيق: كان هناك حاجة إلى تحسين التخطيط والتنسيق بين مختلف الوحدات العسكرية.
- التعامل مع الحرب غير المتكافئة: سلطت العملية الضوء على صعوبة التعامل مع حرب غير متكافئة ضد قوة حرب عصابات.
- الحد من الخسائر المدنية: أكدت العملية على أهمية اتخاذ تدابير لحماية المدنيين وتقليل الخسائر في صفوفهم.
التأثير على المنطقة
كان لعملية تغيير الاتجاه 11 تأثير كبير على المنطقة بأسرها. ساهمت في تغيير ميزان القوى في المنطقة، وزادت من شعبية حزب الله في العالم العربي. كما أدت إلى توترات إقليمية بين إسرائيل وسوريا وإيران، اللتين تدعمان حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت العملية في إعادة تشكيل السياسة اللبنانية، مما أدى إلى صعود دور حزب الله في الحكومة اللبنانية.
مقارنة بالعمليات السابقة
يمكن مقارنة عملية تغيير الاتجاه 11 بالعمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة في لبنان. على سبيل المثال، تختلف عن عملية الليطاني عام 1978، والتي كانت تهدف إلى إبعاد منظمة التحرير الفلسطينية عن الحدود الإسرائيلية. كما تختلف عن عملية سلامة الجليل عام 1982، والتي كانت تهدف إلى إزالة تهديد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بشكل كامل. ومع ذلك، تشترك عملية تغيير الاتجاه 11 في بعض التشابهات مع العمليات السابقة، مثل الاعتماد على القوة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسية، والتعامل مع المقاومة المسلحة غير النظامية.
الموروث والتداعيات
تركت عملية تغيير الاتجاه 11 إرثًا معقدًا. من ناحية، أظهرت قدرة حزب الله على الصمود ومقاومة الجيش الإسرائيلي. من ناحية أخرى، أدت العملية إلى تدمير واسع النطاق في جنوب لبنان، وتسببت في معاناة إنسانية كبيرة. كما أدت إلى تفاقم التوتر الإقليمي، واستمرار الصراع بين إسرائيل وحزب الله. لا تزال تداعيات هذه العملية تؤثر على المنطقة حتى اليوم.
خاتمة
عملية تغيير الاتجاه 11 كانت العملية الهجومية الأخيرة في حرب لبنان عام 2006، وهدفت إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المناطق الحدودية، وتدمير البنية التحتية لحزب الله، وتحسين شروط التفاوض لوقف إطلاق النار. على الرغم من تحقيق بعض المكاسب الميدانية، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق جميع أهدافها بشكل كامل، وشهدت العملية خسائر بشرية كبيرة وتأثيرات مدمرة على المدنيين. تركت العملية دروسًا مهمة للجيش الإسرائيلي وأثرت بشكل كبير على المنطقة، مما أدى إلى تغييرات في ميزان القوى وتفاقم التوتر الإقليمي، ولا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم.