<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد يروحام ليفوفيتز في مدينة تلشي (Telšiai) في ليتوانيا. تلقى تعليمه في يشيفا تلشي (Telšiai Yeshiva)، التي كانت في ذلك الوقت مؤسسة مرموقة في الدراسات التلمودية. أظهر ليفوفيتز في سن مبكرة ذكاءً استثنائيًا وتفانيًا في الدراسة. أصبح طالبًا مقربًا من الحاخام موشيه مورتخاي إيبشتاين، رئيس يشيفا تلشي، والذي أثر فيه بعمق.
بعد سنوات من الدراسة في تلشي، تابع ليفوفيتز دراسته في يشيفا سلابودكا (Slabodka Yeshiva) في كوفنو (Kaunas)، ليتوانيا. هناك، تأثر بشكل كبير بالحاخام نوفاخ بيركوفتش، أحد أبرز معلمي حركة الموسار. في سلابودكا، طور ليفوفيتز فهمًا عميقًا لتعاليم الموسار، والتي أصبحت فيما بعد حجر الزاوية في فلسفته وتعاليمه.
المشجياخ في سلابودكا
بعد زواجه، عُين يروحام ليفوفيتز مشرفًا روحيًا في يشيفا سلابودكا. كان دوره هو تقديم الإرشاد الأخلاقي والروحي للطلاب، ومساعدتهم على تطوير الذات والتغلب على عيوبهم. كان ليفوفيتز يتمتع بقدرة فريدة على التواصل مع الطلاب على المستوى الشخصي، وتقديم التوجيهات والنصائح ذات الصلة. كان معروفًا بـرحمته، وحكمته، وقدرته على إلهام الآخرين.
بصفته مشرفًا، ألقى ليفوفيتز محاضرات منتظمة حول مواضيع الموسار. كانت محاضراته عميقة ومدروسة جيدًا، وغالبًا ما كانت تركز على أهمية التواضع، والصبر، والصدق، والمسؤولية الشخصية. لم يكتف ليفوفيتز بتعليم المفاهيم النظرية للموسار؛ بل شجع طلابه على تطبيق هذه المبادئ في حياتهم اليومية. لقد آمن بأن المعرفة وحدها لا تكفي؛ يجب أن تترجم إلى أفعال.
تعاليم الموسار
ركزت تعاليم ليفوفيتز على مبادئ حركة الموسار. أكد على الحاجة إلى التحسين الذاتي المستمر، وتطوير الصفات الأخلاقية والروحية. اعتقد أن كل فرد لديه القدرة على النمو والتغلب على نقاط الضعف لديه. شجع ليفوفيتز طلابه على مراجعة سلوكهم بانتظام، وتحديد المجالات التي يحتاجون فيها إلى التحسين.
من بين المفاهيم الرئيسية في تعاليم ليفوفيتز ما يلي:
- إدراك العظمة (Gedulah): التأكيد على عظمة الله وجلاله، والذي يجب أن يلهم الإنسان بالتقوى والتواضع.
- التركيز على الذات (Bein Adam LeAtzmo): الاهتمام بالعلاقة بين الفرد ونفسه، بما في ذلك المسؤولية الشخصية والتقييم الذاتي.
- الخوف من الله (Yirat Hashem): فهم الخوف من الله ليس بمعنى الخوف، بل بمعنى الاحترام والتقدير لعظمته.
- التعاون (Bein Adam LeChavero): التأكيد على أهمية العلاقات الاجتماعية والإنسانية، والمسؤولية تجاه الآخرين.
شجع ليفوفيتز طلابه على تطوير هذه الصفات من خلال الدراسة، والتأمل، والممارسة العملية. آمن بأن هذه المبادئ ضرورية للنمو الروحي والأخلاقي.
المنهج التعليمي
تميز أسلوب ليفوفيتز التعليمي بالعمق والتواضع. كان معروفًا بقدرته على تبسيط المفاهيم المعقدة وجعلها ذات صلة بحياة الطلاب. كان يشارك قصصًا وأمثلة لإيضاح نقاطه، وكان يشجع الطلاب على طرح الأسئلة والتفكير النقدي. لم يكن ليفوفيتز مجرد معلم؛ بل كان مرشدًا ومعلمًا للعديد من الطلاب.
كان ليفوفيتز يؤمن بأهمية خلق بيئة تعليمية داعمة. كان يشجع الطلاب على مساعدة بعضهم البعض والتعلم من بعضهم البعض. كان يدرك أن كل طالب فريد من نوعه ولديه نقاط قوة ونقاط ضعف مختلفة. لذلك، فقد سعى إلى تلبية احتياجات كل طالب على حدة.
أعماله المكتوبة
بالإضافة إلى عمله كـ”مشجياخ”، كان ليفوفيتز كاتبًا غزير الإنتاج. جمعت محاضراته وملاحظاته في عدة مجلدات، والتي لا تزال تُقرأ وتُدرس على نطاق واسع حتى اليوم. من بين أعماله الأكثر شهرة:
- “داث شموئيل” (Da’at Shmuel): مجموعة محاضرات عن الموسار والتلمود.
- “سيفري داث شموئيل” (Sifrei Da’at Shmuel): مجلدات إضافية تحتوي على تفسيرات وأفكار حول الموسار.
تعتبر كتابات ليفوفيتز مصدرًا قيمًا للمعرفة والإلهام للطلاب والعلماء على حد سواء. تقدم رؤى عميقة حول الفكر اليهودي الأخلاقي، وتقدم إرشادات عملية للنمو الروحي. غالبًا ما تُقتبس كتاباته وتُدرس في يشيفا وفي المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم.
إرثه
ترك يروحام ليفوفيتز إرثًا دائمًا في عالم الدراسات اليهودية. لقد أثرت تعاليمه وحكمته في حياة عدد لا يحصى من الأفراد. ساهم عمله في تعزيز حركة الموسار وساعد في نشر قيمها ومبادئها. لا يزال طلابه وتلاميذه يتذكرونه باعتزاز، ويواصلون نشر تعاليمه.
بعد وفاته، استمرت تأثيرات ليفوفيتز في النمو. استمرت كتاباته في التأثير على الأجيال القادمة من الطلاب والعلماء. يعتبره الكثيرون واحدًا من أعظم معلمي الموسار في التاريخ الحديث. لقد ألهم ليفوفيتز الكثيرين للبحث عن التحسين الذاتي، والعيش حياة أكثر أخلاقية وروحانية.
وفاته
توفي يروحام ليفوفيتز في عام 1936، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من التعاليم والقيادة. على الرغم من وفاته، استمر تأثيره في النمو، ولا يزال يُذكر كواحد من أعظم المشرفين الروحيين في تاريخ يشيفا.
خاتمة
كان يروحام ليفوفيتز شخصية بارزة في عالم يشيفا وحركة الموسار. من خلال تعليمه وكتاباته، ألهم عددًا لا يحصى من الأفراد للبحث عن النمو الروحي والأخلاقي. لا يزال إرثه يتردد صداه حتى اليوم، ويواصل إلهام الأجيال القادمة. كان ليفوفيتز مثالاً للعديدين، وترك بصمة لا تمحى على الفكر اليهودي والقيادة الروحية.