<![CDATA[
خلفية تاريخية
في عام 1580، توفي الملك البرتغالي هنري دون وريث، مما أدى إلى أزمة خلافة في البرتغال. استغل الملك الإسباني فيليب الثاني هذا الوضع وادعى أحقيته في العرش البرتغالي، مستنداً إلى روابط القرابة. نجح فيليب الثاني في غزو البرتغال وتوحيد التاجين الإسباني والبرتغالي، مما أدى إلى بداية ما يُعرف بالاتحاد الإيبيري. خلال فترة الاتحاد الإيبيري، خضعت البرتغال للحكم الإسباني، وفقدت الكثير من استقلالها وسيادتها.
أدت سياسات الحكم الإسباني إلى استياء كبير في البرتغال. فرض الإسبان ضرائب باهظة، وقيدوا التجارة البرتغالية، وعينوا مسؤولين إسبان في المناصب الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، تورطت البرتغال في الحروب الإسبانية، مما أدى إلى خسائر بشرية واقتصادية كبيرة. كل هذه العوامل ساهمت في نشوب التوتر والرغبة في التحرر من الحكم الإسباني.
اندلاع الثورة البرتغالية
في الأول من ديسمبر عام 1640، اندلعت الثورة البرتغالية في لشبونة. قاد الثورة مجموعة من النبلاء البرتغاليين الذين سئموا من الحكم الإسباني. هاجم الثوار القصر الملكي واعتقلوا الحاكمة الإسبانية، الدوقة مارغريت من سافوي. ثم أعلنوا الدوق جون الرابع من براغانزا ملكاً على البرتغال.
كانت الثورة البرتغالية مفاجئة للإسبان، الذين كانوا يواجهون بالفعل صعوبات في الحفاظ على إمبراطوريتهم الواسعة، بما في ذلك الصراعات في هولندا والحروب مع فرنسا. سرعان ما أدرك الإسبان أنهم سيواجهون حرباً طويلة وصعبة في البرتغال.
مراحل الحرب
بدأت حرب استعادة البرتغال بعد الثورة مباشرة. كان على البرتغاليين أن يواجهوا القوات الإسبانية القوية، والتي كانت مدعومة بموارد كبيرة. ومع ذلك، استفادت البرتغال من عدة عوامل، بما في ذلك الدعم من دول أخرى مثل إنجلترا وفرنسا، بالإضافة إلى القيادة العسكرية الماهرة والروح الوطنية القوية.
شهدت الحرب عدة مراحل رئيسية:
- المرحلة الأولى (1640-1648): تميزت بالصراعات الأولية والانتصارات البرتغالية المبكرة. حققت القوات البرتغالية بعض الانتصارات المهمة، بما في ذلك معركة مونتجواردو عام 1641.
- المرحلة الثانية (1648-1659): شهدت هذه المرحلة اشتداد القتال وتدخل القوى الأجنبية. بدأت إنجلترا وفرنسا في دعم البرتغال، مما ساهم في إضعاف موقف إسبانيا.
- المرحلة الثالثة (1659-1668): تميزت هذه المرحلة بالوصول إلى طريق مسدود والجهود الدبلوماسية. بعد سنوات من القتال، أدركت إسبانيا أن الحرب غير قابلة للانتصار. في عام 1668، وقعت إسبانيا والبرتغال معاهدة لشبونة، والتي اعترفت باستقلال البرتغال.
أهم المعارك
شهدت حرب استعادة البرتغال العديد من المعارك الهامة، والتي كان لها تأثير كبير على مسار الحرب. بعض أبرز هذه المعارك تشمل:
- معركة مونتجواردو (1641): كانت هذه المعركة أول انتصار كبير للبرتغاليين، ورفعت الروح المعنوية البرتغالية.
- معركة لينهايس (1645): انتصار برتغالي آخر، أثبت قدرة الجيش البرتغالي على مواجهة القوات الإسبانية.
- معركة أميكسيا (1663): انتصار حاسم للبرتغاليين، أدى إلى إضعاف كبير للقوات الإسبانية.
- معركة كاستيلو نوفو (1665): معركة أخرى حاسمة، انتهت بانتصار برتغالي كبير.
دور القوى الأجنبية
لعبت القوى الأجنبية دوراً حاسماً في حرب استعادة البرتغال. قدمت إنجلترا وفرنسا الدعم العسكري والمالي للبرتغال، مما ساعدها على مواجهة القوات الإسبانية. كان الدعم الإنجليزي والفرنسي مدفوعاً بعدة عوامل، بما في ذلك الرغبة في إضعاف إسبانيا، والتي كانت القوة المهيمنة في أوروبا في ذلك الوقت.
وقعت إنجلترا معاهدة مع البرتغال عام 1642، والتي نصت على تقديم الدعم العسكري للبرتغال. قدمت إنجلترا سفناً وأسلحة وخبراء عسكريين للبرتغاليين. كما لعبت إنجلترا دوراً مهماً في التفاوض على معاهدة لشبونة عام 1668، والتي أنهت الحرب.
دعمت فرنسا البرتغال أيضاً، خاصة بعد انتهاء الحرب الأهلية الفرنسية (فروند) في منتصف القرن السابع عشر. أرسلت فرنسا قوات ومستشارين عسكريين إلى البرتغال، وساعدت في تدريب الجيش البرتغالي. كان الدعم الفرنسي مهماً بشكل خاص في المراحل المتأخرة من الحرب.
تأثير الحرب على البرتغال
كانت حرب استعادة البرتغال ذات تأثير كبير على البرتغال. استعادت البرتغال استقلالها وسيادتها، وأصبحت مرة أخرى دولة مستقلة ذات سيادة. ساهمت الحرب في تعزيز الهوية الوطنية البرتغالية، وتعزيز الشعور بالوحدة الوطنية. بعد الحرب، بدأت البرتغال في التركيز على تطوير اقتصادها وتوسيع إمبراطوريتها الاستعمارية.
على الرغم من النجاح في استعادة الاستقلال، عانت البرتغال من خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة بسبب الحرب. تطلب الأمر سنوات للتعافي من آثار الحرب، وواجهت البرتغال تحديات اقتصادية كبيرة في العقود التي تلت الحرب.
تأثير الحرب على إسبانيا
أضعفت حرب استعادة البرتغال إسبانيا بشكل كبير. فقدت إسبانيا السيطرة على البرتغال، وأُجبرت على إنفاق موارد كبيرة في حرب طويلة ومكلفة. أدت الحرب إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والسياسية في إسبانيا، وأضعفت قدرتها على الحفاظ على إمبراطوريتها الواسعة.
أجبرت حرب استعادة البرتغال إسبانيا على إعادة تقييم سياستها الخارجية. أصبحت إسبانيا أقل عدوانية في سياستها الخارجية، وركزت على الحفاظ على ما تبقى من إمبراطوريتها. كان على إسبانيا أيضاً أن تتعامل مع صعود قوى أوروبية أخرى، مثل فرنسا وإنجلترا.
نتائج الحرب
أدت حرب استعادة البرتغال إلى عدة نتائج هامة:
- استعادة الاستقلال البرتغالي: كان هذا هو الهدف الرئيسي للحرب، وتحقق في عام 1668 مع معاهدة لشبونة.
- تأسيس سلالة براغانزا: أصبحت سلالة براغانزا الحاكمة في البرتغال، وحكمت البلاد حتى عام 1910.
- إضعاف إسبانيا: أدت الحرب إلى إضعاف إسبانيا، وتأثير على هيمنتها في أوروبا.
- صعود إنجلترا وفرنسا: ساهمت الحرب في صعود إنجلترا وفرنسا كقوى أوروبية رئيسية.
خاتمة
بشكل عام، كانت حرب استعادة البرتغال صراعاً تاريخياً مهماً أدى إلى استعادة استقلال البرتغال وسيادتها. كان للحرب تأثير كبير على البرتغال وإسبانيا والقوى الأوروبية الأخرى. أدت الحرب إلى تغييرات كبيرة في ميزان القوى في أوروبا، وساهمت في تشكيل مسار التاريخ الأوروبي.