مقدمة
جورج جونستون (1730 – 24 مايو 1787) كان ضابطًا في البحرية الملكية البريطانية، خدم خلال حرب الخلافة النمساوية وحرب السنوات السبع والحرب الثورية الأمريكية. عُرف جونستون بجرأته ومهاراته القيادية، لكن مسيرته المهنية شابها الجدل والمواجهات، مما جعله شخصية مثيرة للجدل في التاريخ البحري البريطاني.
نشأته وبداياته المهنية
ولد جورج جونستون عام 1730، وانضم إلى البحرية الملكية في سن مبكرة. تدرج في الرتب بسرعة بفضل كفاءته وتفانيه. شهد خدمته الأولى في حرب الخلافة النمساوية، حيث اكتسب خبرة قيمة في العمليات البحرية. بحلول نهاية الحرب، كان جونستون قد أثبت نفسه كضابط واعد.
حرب السنوات السبع
خلال حرب السنوات السبع (1756-1763)، لعب جونستون دورًا أكثر أهمية. خدم على متن عدة سفن وشارك في معارك بحرية حاسمة ضد الفرنسيين. اشتهر بشجاعته في القتال وقدرته على اتخاذ قرارات سريعة تحت الضغط. في إحدى الحالات، قاد هجومًا جريئًا على سفينة فرنسية متفوقة، مما أدى إلى الاستيلاء عليها وحصوله على إشادة واسعة.
بحلول نهاية الحرب، كان جونستون قد ترقى إلى رتبة قائد، وهو دليل على مهاراته القيادية وإسهاماته في انتصارات البحرية الملكية. ومع ذلك، بدأت تظهر عليه بعض الخصائص التي ستؤثر لاحقًا على مسيرته المهنية. كان معروفًا بعناده ورفضه التنازل، مما أدى إلى خلافات مع رؤسائه.
الخدمة في فترة السلام
بعد حرب السنوات السبع، استمر جونستون في الخدمة في البحرية الملكية خلال فترة السلام. ومع ذلك، كانت هذه الفترة مليئة بالإحباط بالنسبة له. شعر أن مهاراته لا يتم استغلالها بشكل كامل وأن ترقياته لا تأتي بالسرعة التي يستحقها. ازداد استياؤه، وبدأ في انتقاد سياسات البحرية علنًا، مما أدى إلى توتر علاقته مع المؤسسة البحرية.
الحرب الثورية الأمريكية
مع اندلاع الحرب الثورية الأمريكية في عام 1775، وجد جونستون فرصة جديدة لإثبات نفسه. تم تكليفه بقيادة سرب من السفن وإرساله إلى أمريكا الشمالية للمساعدة في قمع التمرد. أظهر جونستون كفاءة عالية في هذه المهمة، حيث شن غارات ناجحة على الموانئ الأمريكية ودمر الإمدادات والمرافق العسكرية.
ومع ذلك، لم تخل فترة خدمته في أمريكا الشمالية من الجدل. اتُهم جونستون بالوحشية المفرطة في تعامله مع المدنيين الأمريكيين، ووردت أنباء عن قيامه بمصادرة الممتلكات وتدمير المنازل. أثارت هذه الاتهامات غضبًا واسع النطاق وأدت إلى تحقيق رسمي. على الرغم من تبرئته من معظم التهم، إلا أن سمعته تضررت.
مفاوضات السلام الفاشلة
في عام 1778، تم اختيار جونستون للمشاركة في مفاوضات السلام مع المندوبين الأمريكيين في باريس. كان من المفترض أن يستخدم مهاراته الدبلوماسية لإقناع الأمريكيين بالتخلي عن سعيهم للاستقلال والعودة إلى الحكم البريطاني. ومع ذلك، باءت جهوده بالفشل. لم يكن جونستون قادرًا على إقامة علاقة جيدة مع المندوبين الأمريكيين، وأدت مواقفه المتصلبة إلى تعقيد المفاوضات.
بالإضافة إلى ذلك، اتُهم جونستون بتقديم رشاوى للمندوبين الأمريكيين في محاولة للتأثير عليهم. أثار هذا الاتهام فضيحة كبيرة وأدى إلى إنهاء مهمته الدبلوماسية. على الرغم من أنه نفى ارتكاب أي مخالفات، إلا أن هذه الحادثة أضرت بسمعته بشكل كبير.
العودة إلى الخدمة البحرية
على الرغم من الجدل الذي أحاط به، عاد جونستون إلى الخدمة البحرية في عام 1779. تم تعيينه لقيادة سرب من السفن في منطقة البحر الكاريبي، حيث شارك في عدة معارك ضد الفرنسيين والإسبان. أظهر جونستون مرة أخرى شجاعته ومهاراته القيادية، وحقق بعض النجاحات الملحوظة. ومع ذلك، استمرت الخلافات في مطاردته، وواجه انتقادات بسبب قراراته التكتيكية.
الخلاف مع جورج بارينجتون
في عام 1781، تورط جونستون في خلاف علني مع الأدميرال جورج بارينجتون، وهو ضابط بحري بارز آخر. اتهم جونستون بارينجتون بالتقصير في أداء واجبه خلال معركة بحرية، وطالب بإجراء تحقيق رسمي. أثارت هذه الاتهامات غضب بارينجتون، الذي رد باتهامات مماثلة ضد جونستون. تحول الخلاف إلى معركة علنية في الصحافة، مما أضر بسمعة كلا الضابطين.
أدى الخلاف في النهاية إلى محاكمة عسكرية لجونستون. على الرغم من أنه بُرئ من معظم التهم، إلا أن المحاكمة أضرت بمسيرته المهنية بشكل كبير. فقد جونستون ثقة رؤسائه، وتم استبعاده تدريجياً من المناصب القيادية الهامة.
السنوات الأخيرة والوفاة
قضى جونستون السنوات الأخيرة من حياته في عزلة نسبية. تقاعد من البحرية الملكية وتفرغ للكتابة والدفاع عن أفعاله. توفي في 24 مايو 1787، عن عمر يناهز 57 عامًا. على الرغم من أنه لم يحقق الشهرة التي كان يطمح إليها، إلا أن جورج جونستون ترك بصمة واضحة في التاريخ البحري البريطاني. سيظل يُذكر كضابط جريء وماهر، لكن مسيرته المهنية شابها الجدل والمواجهات.
إرثه
لا يزال إرث جورج جونستون مثار جدل حتى اليوم. يرى البعض أنه كان ضحية لمؤامرات سياسية وظلم من قبل رؤسائه. بينما يعتبره آخرون شخصية مثيرة للجدل بسبب عناده وتهوره. بغض النظر عن الرأي، لا يمكن إنكار أن جورج جونستون كان شخصية مؤثرة في عصره، وأن حياته المهنية تعكس تعقيدات السياسة البحرية البريطانية في القرن الثامن عشر.
خاتمة
كان جورج جونستون ضابطًا بحريًا بريطانيًا متميزًا شهد خدمته خلال حروب مختلفة في القرن الثامن عشر. على الرغم من إظهاره شجاعة ومهارات قيادية ملحوظة، إلا أن مسيرته المهنية شهدت أيضًا العديد من الخلافات والاتهامات، مما جعله شخصية مثيرة للجدل في التاريخ البحري. يبقى إرثه موضوع نقاش، حيث يرى البعض أنه ضحية للظلم، بينما ينتقده آخرون بسبب عناده وتهوره.