<![CDATA[
خلفية تاريخية
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، سعت القوى البحرية الرئيسية في العالم إلى الحد من التسلح البحري لتجنب سباق تسلح جديد. أدت هذه الجهود إلى معاهدة واشنطن البحرية لعام 1922، والتي حددت حدودًا لكمية السفن الحربية التي يمكن لكل دولة بناءها. حددت المعاهدة أيضًا قيودًا على إزاحة السفن وحجم أسلحتها. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى واليابان القوى البحرية الرئيسية، وكانت هذه الدول هي التي وقعت على المعاهدة.
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، شرعت البحرية الأمريكية في برنامج بناء طموح لتحديث أسطولها. وشمل ذلك تصميم وإنشاء عدد من البوارج الحربية الجديدة، وكان من المفترض أن تكون بارجة فئة ساوث داكوتا هي الرائدة في هذا البرنامج. تم تصميم البوارج الحربية للامتثال للقيود التي فرضتها معاهدة واشنطن، مما يعني أنها يجب أن تكون قوية ومجهزة تجهيزًا جيدًا، ولكنها ضمن حدود الإزاحة المحددة.
تصميم وبناء
تم تصميم بارجة فئة ساوث داكوتا لتكون سفنًا حربية قوية ومجهزة تجهيزًا جيدًا. كان من المفترض أن يبلغ طولها حوالي 680 قدمًا (207 أمتار)، وعرضها 106 قدمًا (32 مترًا)، وكان من المتوقع أن تبلغ إزاحتها حوالي 43,000 طن. كان من المفترض أن تكون مسلحة بتسعة مدافع عيار 16 بوصة (406 ملم) في ثلاثة أبراج، وثمانية مدافع عيار 5 بوصات (127 ملم) للدفاع المضاد للطائرات. كان من المفترض أن تكون مجهزة أيضًا بأنابيب طوربيد.
كان من المفترض أن تشتمل الدرع على حزام درع رئيسي بسمك 16 بوصة (406 ملم) وجسور درع سميكة لحماية المناطق الحيوية للسفينة. كان من المفترض أن تكون مدعومة بأربعة توربينات بخارية، قادرة على إنتاج 60,000 حصان (45,000 كيلوواط) وتقود السفن إلى سرعة قصوى تبلغ 23 عقدة (43 كم/ساعة). تم وضع ستة بوارج حربية من فئة ساوث داكوتا، وهي: BB-49 و BB-50 و BB-51 و BB-52 و BB-53 و BB-54. تم وضعها بين عامي 1920 و 1922. ومع ذلك، لم يكتمل بناؤها.
إلغاء البناء
تم إلغاء بناء بارجة فئة ساوث داكوتا في عام 1922، كجزء من التخفيضات التي فرضتها معاهدة واشنطن البحرية. على الرغم من أن تصميم السفن كان تقدميًا في وقته، إلا أن قيود المعاهدة جعلت من المستحيل على الولايات المتحدة إكمالها. كان إجمالي تكلفة بناء هذه السفن مرتفعًا للغاية، وتم اختيار تدميرها بدلاً من تخصيص الموارد لإكمالها.
كان إلغاء بارجة فئة ساوث داكوتا بمثابة انتكاسة كبيرة للبحرية الأمريكية. فقد أدى إلى تعطيل خططها لتحديث أسطولها وتحديثه، وكان له أيضًا تأثير سلبي على صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة. ومع ذلك، سمحت المعاهدة للولايات المتحدة بالحفاظ على ميزانية دفاعية أكثر تواضعًا، مما ساعد على تخفيف بعض التوترات الاقتصادية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى.
تأثيرها وإرثها
على الرغم من عدم اكتمالها، إلا أن بارجة فئة ساوث داكوتا تركت تأثيرًا دائمًا على تصميم السفن الحربية. أثر تصميمها على تصميم البوارج الحربية اللاحقة التي بنتها البحرية الأمريكية، بما في ذلك البوارج الحربية من فئة نورث كارولينا وفئة ساوث داكوتا التي بنيت خلال الحرب العالمية الثانية. عززت القيود المفروضة على بناء السفن التي وضعتها معاهدة واشنطن الحاجة إلى تصميمات أكثر كفاءة، مما أدى إلى تطوير تقنيات جديدة في تصميم السفن.
لعبت بارجة فئة ساوث داكوتا دورًا مهمًا في تطوير العقيدة البحرية الأمريكية. ساعد تصميمها وبنائها على تشكيل وجهات نظر البحرية الأمريكية حول كيفية تصميم السفن الحربية القوية والمجهزة تجهيزًا جيدًا، وكيفية استخدامها في القتال. استمرت هذه الأفكار في التأثير على التفكير الاستراتيجي للبحرية الأمريكية لسنوات عديدة.
كانت بارجة فئة ساوث داكوتا بمثابة شهادة على التقدم في تكنولوجيا بناء السفن في أوائل القرن العشرين. على الرغم من أنها لم ترَ القتال أبدًا، إلا أنها تركت تأثيرًا دائمًا على تصميم السفن الحربية والتفكير العسكري. كان إلغاء بنائها بمثابة تذكير بالقوة التي يمكن أن تمارسها الدبلوماسية والقيود التي يمكن أن تفرضها الاتفاقيات الدولية على الخطط العسكرية.
مقارنة مع البوارج اللاحقة
على الرغم من أن بارجة فئة ساوث داكوتا لم تكتمل، إلا أن تصميمها قدم رؤى قيمة لبناء البوارج الحربية المستقبلية. تميز تصميمها ببعض الميزات الفريدة، مثل الترتيب ثلاثي المدافع في الأبراج الرئيسية. بالمقارنة، استخدمت البوارج الحربية اللاحقة، مثل تلك الموجودة في فئة نورث كارولينا، ترتيبًا مختلفًا للأبراج، حيث تم تركيب مدافعها الرئيسية في أبراج ثنائية. أتاح ذلك مرونة أكبر في توجيه النيران وتوسيع نطاق إطلاق النار.
تم تصميم البوارج الحربية من فئة ساوث داكوتا لتلبية قيود معاهدة واشنطن. كان هذا القيد يعني أنها كانت محدودة من حيث الحجم والإزاحة، مما أدى إلى تصميم يركز على الكفاءة والفعالية القتالية. على النقيض من ذلك، تم بناء البوارج الحربية اللاحقة، مثل تلك الموجودة في فئة أيوا، بعد أن انهارت معاهدة واشنطن. سمح هذا ببناء سفن أكبر وأكثر قوة، مع أسلحة أقوى وحماية دروع محسنة.
شملت البوارج الحربية من فئة ساوث داكوتا تقنيات تصميم متقدمة في ذلك الوقت. ومع ذلك، تقدمت التكنولوجيا بشكل كبير في السنوات التي أعقبت إلغاء بنائها. استخدمت البوارج الحربية اللاحقة، مثل تلك الموجودة في فئة ساوث داكوتا (التي تم الانتهاء منها خلال الحرب العالمية الثانية)، تقنيات جديدة، مثل محركات أكثر كفاءة، وأنظمة تحكم في الحرائق أكثر تقدمًا، ودرع محسّن. هذه التحسينات جعلت السفن اللاحقة أكثر قدرة على القتال.
أظهرت بارجة فئة ساوث داكوتا قدرة مهندسي السفن على الابتكار في ظل القيود المفروضة. على الرغم من عدم اكتمالها، إلا أنها ساهمت في تطوير تقنيات وتصميمات جديدة للسفن. لعبت هذه التطورات دورًا مهمًا في تشكيل البوارج الحربية المستقبلية التي خدمت البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها.
تأثير معاهدة واشنطن
كان لتوقيع معاهدة واشنطن البحرية في عام 1922 تأثير كبير على تطوير القوة البحرية العالمية. حددت المعاهدة قيودًا صارمة على إزاحة السفن الحربية وحجم الأسلحة. أثرت هذه القيود بشكل خاص على تصميم وبناء البوارج الحربية. كان على المصممين الآن إيجاد طرق لإنشاء سفن قوية وفعالة في القتال، ولكنها لا تزال ضمن الحدود المحددة. نتيجة لذلك، كان على الدول أن تبتكر وتطور تقنيات جديدة لتحقيق أقصى قدر من القدرات القتالية ضمن هذه القيود.
أجبرت المعاهدة البلدان على إعادة تقييم استراتيجياتها البحرية. بدلاً من التركيز على بناء عدد كبير من السفن الكبيرة، كان على الدول أن تركز على بناء عدد أقل من السفن، ولكنها أكثر قدرة على القتال. وقد أدى ذلك إلى تطوير سفن أكثر تقدمًا، مع تركيز أكبر على الحماية والسرعة والقدرة النارية. وقد حفزت المعاهدة أيضًا على تطوير أسلحة أفضل، مثل المدافع الأكثر دقة والرادار المتطور.
على الرغم من أن معاهدة واشنطن نجحت في الحد من سباق التسلح البحري، إلا أنها لم تمنع الحرب بالكامل. فشلت المعاهدة في معالجة بعض القضايا الرئيسية، مثل بناء حاملات الطائرات والغواصات. عندما بدأت العلاقات الدولية في التدهور في الثلاثينيات، بدأ العديد من البلدان في تجاهل قيود المعاهدة، مما أدى إلى جولة جديدة من التسلح البحري. على الرغم من ذلك، كانت معاهدة واشنطن بمثابة لحظة مهمة في التاريخ، حيث أظهرت إمكانية الحد من التسلح والتعاون الدولي.
دورها في الحرب العالمية الثانية (غير مكتملة)
على الرغم من أن بارجة فئة ساوث داكوتا لم تدخل الخدمة أبدًا، إلا أن تصميمها وأفكارها أثرت على السفن الحربية التي تم بناؤها خلال الحرب العالمية الثانية. لقد تعلم المهندسون البحريون الكثير من تصميم هذه السفن، وتم دمج هذه الدروس في تصميمات السفن اللاحقة. على سبيل المثال، تم دمج ترتيب الدرع وميزات الحماية الأخرى في تصميم البوارج الحربية من فئة ساوث داكوتا التي تم الانتهاء منها خلال الحرب العالمية الثانية.
شكلت الدروس المستفادة من تصميم بارجة فئة ساوث داكوتا أيضًا تطوير العقيدة البحرية الأمريكية. ساعدت هذه السفن على تشكيل وجهات نظر البحرية الأمريكية حول كيفية تصميم السفن الحربية القوية والمجهزة تجهيزًا جيدًا، وكيفية استخدامها في القتال. استمرت هذه الأفكار في التأثير على التفكير الاستراتيجي للبحرية الأمريكية لسنوات عديدة.
على الرغم من أن بارجة فئة ساوث داكوتا لم ترَ القتال أبدًا، إلا أن تأثيرها على الحرب العالمية الثانية كان لا يزال ملحوظًا. سمحت التكنولوجيا والدروس التي تم تطويرها من خلال تصميمها لبناء سفن أفضل وأكثر قدرة على القتال، والتي لعبت دورًا مهمًا في انتصار الحلفاء. لقد أظهرت بارجة فئة ساوث داكوتا أهمية الابتكار والتكيف في وقت الحرب.
خاتمة
بارجة فئة ساوث داكوتا، التي تم وضعها في عام 1920، كانت تمثل تصميمًا ثوريًا للسفن الحربية. على الرغم من أنها لم تكتمل أبدًا بسبب قيود معاهدة واشنطن، إلا أن تصميمها أثر بشكل كبير على تصميم وبناء السفن الحربية اللاحقة، بما في ذلك تلك التي خدمت في الحرب العالمية الثانية. تركت هذه السفن إرثًا دائمًا في تاريخ الهندسة البحرية والتفكير العسكري، حيث ألهمت التفكير في العقيدة البحرية وساهمت في تطوير تقنيات جديدة. على الرغم من أن هذه البوارج الحربية لم تبحر أبدًا في المياه، إلا أن تصميمها قد أثر على مسار التاريخ البحري.