مقدمة
فيكتور أبراموفيتش زالغالر (بالروسية: Виктор Абрамович Залгаллер؛ 25 ديسمبر 1920 – 2 أكتوبر 2020) كان عالم رياضيات روسيًا إسرائيليًا بارزًا، اشتهر بإسهاماته الهامة في مجالات الهندسة المحدبة، والبرمجة الخطية، والتحسين الأمثل، والهندسة التفاضلية. امتدت مسيرته المهنية لأكثر من سبعة عقود، وترك بصمة واضحة في المجتمع الرياضي من خلال أبحاثه المبتكرة، وتدريسه المتميز، وإسهاماته في تطوير الرياضيات في روسيا وإسرائيل.
نشأته وتعليمه
ولد فيكتور زالغالر في مدينة بارافيانكا في أوكرانيا عام 1920. أظهر شغفًا بالرياضيات منذ صغره، وسرعان ما برع في هذا المجال. التحق بجامعة لينينغراد الحكومية (جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية حاليًا)، حيث درس الرياضيات والفيزياء. تأثر بشكل خاص بأساتذته المرموقين، الذين كان لهم دور كبير في توجيهه نحو البحث العلمي.
خلال الحرب العالمية الثانية، انضم زالغالر إلى الجيش السوفيتي وخدم في الجبهة. على الرغم من الظروف الصعبة للحرب، استمر في دراسة الرياضيات في أوقات فراغه. بعد الحرب، عاد إلى جامعة لينينغراد وأكمل دراسته، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم الفيزيائية والرياضيات عام 1951.
إسهاماته في الهندسة المحدبة
يعتبر زالغالر من الرواد في مجال الهندسة المحدبة. قدم إسهامات كبيرة في دراسة المجموعات المحدبة، والأجسام المحدبة، والدوال المحدبة. من بين أبرز إنجازاته في هذا المجال:
- إثبات مبرهنة زالغالر: وهي مبرهنة أساسية في الهندسة المحدبة تربط بين حجم الجسم المحدب ومساحة سطحه.
- تطوير نظرية الأجسام شبه المحدبة: قام بتوسيع نظرية الأجسام المحدبة لتشمل فئة أوسع من الأجسام تسمى الأجسام شبه المحدبة، مما أتاح تطبيقها في مجالات أوسع.
- دراسة خصائص الأجسام ذات العرض الثابت: قدم تحليلات متعمقة لخصائص هذه الأجسام، والتي لها تطبيقات في مجالات مثل تصميم الآلات.
أدت أبحاثه في الهندسة المحدبة إلى تطوير العديد من التقنيات والأدوات الرياضية التي تستخدم على نطاق واسع في مجالات مثل التحسين الأمثل، والبرمجة الرياضية، وهندسة الكمبيوتر.
إسهاماته في البرمجة الخطية والتحسين الأمثل
بالإضافة إلى الهندسة المحدبة، قدم زالغالر إسهامات هامة في مجالات البرمجة الخطية والتحسين الأمثل. طور العديد من الخوارزميات والتقنيات الفعالة لحل مسائل التحسين، والتي لها تطبيقات في مجالات مثل الاقتصاد، والهندسة، والعلوم.
من بين أبرز إنجازاته في هذا المجال:
- تطوير طرق جديدة لحل مسائل البرمجة الخطية: قدم طرقًا مبتكرة لتحسين كفاءة حل مسائل البرمجة الخطية، مما أتاح معالجة مسائل أكبر وأكثر تعقيدًا.
- دراسة مسائل التحسين اللاخطي: قام بتحليل مسائل التحسين اللاخطي وتطوير طرق لحلها، والتي لها تطبيقات في مجالات مثل تصميم الدوائر الكهربائية.
- تطوير نظرية الثنائية في التحسين: ساهم في تطوير نظرية الثنائية، وهي أداة قوية لتحليل مسائل التحسين وإيجاد الحلول المثلى.
استخدمت أبحاثه في البرمجة الخطية والتحسين الأمثل في العديد من التطبيقات العملية، مثل تخطيط الإنتاج، وإدارة المخزون، وتصميم الشبكات.
إسهاماته في الهندسة التفاضلية
لم تقتصر إسهامات زالغالر على الهندسة المحدبة والبرمجة الخطية، بل امتدت أيضًا إلى الهندسة التفاضلية. قدم مساهمات قيمة في دراسة المنحنيات والأسطح، وتطبيقاتها في مجالات مثل الفيزياء والهندسة الميكانيكية.
من بين أبرز إنجازاته في هذا المجال:
- دراسة خصائص المنحنيات والأسطح في الفضاء الإقليدي: قام بتحليل خصائص المنحنيات والأسطح، مثل الانحناء والالتواء، وتطبيقاتها في وصف الأشكال الهندسية.
- تطوير نظرية الأسطح ذات الانحناء المتوسط الثابت: قدم تحليلات متعمقة لخصائص هذه الأسطح، والتي لها تطبيقات في مجالات مثل تصميم الأغشية الرقيقة.
- دراسة تطبيقات الهندسة التفاضلية في الفيزياء: قام بتحليل كيفية استخدام الهندسة التفاضلية في وصف الظواهر الفيزيائية، مثل حركة الجسيمات في المجالات الكهرومغناطيسية.
أدت أبحاثه في الهندسة التفاضلية إلى تطوير العديد من التقنيات والأدوات الرياضية التي تستخدم على نطاق واسع في مجالات مثل الفيزياء، والهندسة، وعلوم الكمبيوتر.
حياته المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل زالغالر في جامعة لينينغراد الحكومية كأستاذ للرياضيات. شغل مناصب أكاديمية مختلفة، بما في ذلك رئيس قسم الهندسة. قام بتدريس العديد من الدورات في الرياضيات، وأشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا.
في عام 1990، هاجر زالغالر إلى إسرائيل وانضم إلى جامعة تخنيون (معهد إسرائيل للتكنولوجيا) في حيفا. استمر في البحث والتدريس في جامعة تخنيون حتى تقاعده.
خلال حياته المهنية الطويلة، نشر زالغالر العديد من الكتب والمقالات العلمية. حصل على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإسهاماته في الرياضيات.
الجوائز والتكريمات
حصل فيكتور زالغالر على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- جائزة الدولة السوفيتية في العلوم والتكنولوجيا
- وسام الاستحقاق للعلوم والفنون
- عضوية الأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية
وفاته
توفي فيكتور زالغالر في 2 أكتوبر 2020، عن عمر يناهز 99 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا غنيًا، وتأثيرًا دائمًا على المجتمع الرياضي.
خاتمة
كان فيكتور زالغالر عالم رياضيات متميزًا، قدم إسهامات كبيرة في مجالات الهندسة المحدبة، والبرمجة الخطية، والتحسين الأمثل، والهندسة التفاضلية. امتدت مسيرته المهنية لأكثر من سبعة عقود، وترك بصمة واضحة في المجتمع الرياضي من خلال أبحاثه المبتكرة، وتدريسه المتميز، وإسهاماته في تطوير الرياضيات في روسيا وإسرائيل. سيظل اسمه محفورًا في تاريخ الرياضيات كأحد الرواد في مجالاته.