<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد عون الشريف قاسم في مدينة أم درمان بالسودان، ونشأ في أسرة عريقة ذات جذور ثقافية عميقة. تلقى تعليمه الأولي في مدارس أم درمان، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم، حيث درس اللغة العربية وآدابها. تفوق في دراسته، وحصل على درجة البكالوريوس بمرتبة الشرف. واصل دراساته العليا في جامعة لندن، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي.
مسيرته المهنية
بعد عودته إلى السودان، انخرط عون الشريف قاسم في العمل الأكاديمي، حيث عمل أستاذاً للغة العربية وآدابها في جامعة الخرطوم لسنوات طويلة. شغل خلالها العديد من المناصب الإدارية والأكاديمية، وساهم في تطوير المناهج الدراسية والبحث العلمي. كما عمل مستشاراً للعديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية على المستويين المحلي والدولي.
إلى جانب عمله الأكاديمي، كان عون الشريف قاسم كاتباً وباحثاً غزير الإنتاج. نشر العديد من الكتب والمقالات في مختلف المجالات، من اللغة والأدب إلى التاريخ والتراث الشعبي. كما شارك في تحرير العديد من الموسوعات والمعاجم اللغوية. تميزت كتاباته بالدقة والعمق والشمولية، وحرصه على توثيق الحقائق وتقديمها بأسلوب علمي رصين.
أبرز مؤلفاته وإسهاماته
ترك عون الشريف قاسم رصيداً ضخماً من المؤلفات والإسهامات في مختلف المجالات، من أبرزها:
- قاموس اللهجة العامية في السودان: يُعد هذا القاموس من أهم وأشمل المعاجم اللغوية التي تناولت اللهجة العامية السودانية. قام المؤلف بجمع ودراسة آلاف الكلمات والعبارات العامية، وشرح معانيها وأصولها واستخداماتها. يُعتبر هذا القاموس مرجعاً أساسياً للباحثين والدارسين المهتمين باللغة والثقافة السودانية.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان: تُعد هذه الموسوعة من أهم وأشمل الموسوعات التي تناولت القبائل والأنساب في السودان. قام المؤلف بجمع ودراسة معلومات مفصلة عن القبائل السودانية المختلفة، وتاريخها وأنسابها وعاداتها وتقاليدها. تُعتبر هذه الموسوعة مرجعاً أساسياً للباحثين والدارسين المهتمين بالتاريخ والاجتماع السوداني.
- الأغاني الشعبية في السودان: قام المؤلف بجمع ودراسة وتحليل العديد من الأغاني الشعبية السودانية، وقدمها في هذا الكتاب بأسلوب علمي شيق. سلط الضوء على أهمية الأغاني الشعبية في التعبير عن ثقافة المجتمع السوداني وتاريخه وتراثه.
- مقالات وبحوث في اللغة والأدب والتاريخ: نشر عون الشريف قاسم العديد من المقالات والبحوث في مختلف الدوريات والمجلات العلمية، تناولت قضايا مختلفة في اللغة والأدب والتاريخ. تميزت هذه المقالات والبحوث بالدقة والعمق والشمولية، وأضافت الكثير إلى المعرفة العلمية في هذه المجالات.
دوره في خدمة المجتمع
لم يقتصر دور عون الشريف قاسم على العمل الأكاديمي والكتابة والبحث، بل امتد ليشمل خدمة المجتمع والمساهمة في تطويره. كان له دور كبير في دعم التعليم والثقافة، وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل التطوعي. كما كان له دور بارز في حل النزاعات القبلية، وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف المكونات الاجتماعية.
كان عون الشريف قاسم شخصية محبوبة ومحترمة في المجتمع السوداني. عُرف بتواضعه وأخلاقه الرفيعة، وحرصه على مساعدة الآخرين. كان له تأثير كبير على جيل كامل من الشباب السوداني، الذين استلهموا منه حب العلم والمعرفة، والعمل من أجل خدمة الوطن والمجتمع.
تكريمه وجوائزه
تقديراً لجهوده وإسهاماته، حصل عون الشريف قاسم على العديد من الجوائز والأوسمة، من بينها:
- جائزة الدولة التقديرية في الآداب.
- وسام العلوم والفنون.
- العديد من الجوائز والتكريمات من المؤسسات الثقافية والإعلامية المختلفة.
أثره وإرثه
ترك عون الشريف قاسم إرثاً ضخماً من المؤلفات والإسهامات التي ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال. يُعد قامةً شامخة في سماء الأدب والثقافة السودانية، وسيظل اسمه مرتبطاً بالإبداع والتميز والعطاء. كان له دور كبير في توثيق التراث السوداني والحفاظ عليه، وتعزيز الهوية الوطنية. ستبقى أعماله مرجعاً أساسياً للباحثين والدارسين المهتمين باللغة والثقافة والتاريخ السوداني.
صفاته الشخصية
تميز عون الشريف قاسم بالعديد من الصفات الشخصية الحميدة، والتي جعلته محبوباً ومحترماً من الجميع. كان متواضعاً وبسيطاً في تعامله مع الناس، ومخلصاً وصادقاً في أقواله وأفعاله. كان يتمتع بروح الدعابة والمرح، وكان قادراً على إضفاء جو من البهجة والسعادة على من حوله. كان كريماً ومعطاءً، ولا يتردد في مساعدة المحتاجين والفقراء. كان حريصاً على احترام الآخرين وتقديرهم، وكان يستمع إلى آرائهم باهتمام. كان يتمتع بصبر وأناة، وكان قادراً على تحمل الصعاب والمشقات. كان متفائلاً ومقبلاً على الحياة، وكان ينظر إلى المستقبل بأمل وثقة.
كلمات مأثورة عنه
قال عنه العديد من الكتاب والمثقفين كلمات تعبر عن تقديرهم لمكانته وإسهاماته، من بينها:
- “عون الشريف قاسم.. قامة سامقة في سماء الثقافة السودانية.”
- “كان موسوعة متنقلة.. وعلامة فارقة في تاريخ الأدب السوداني.”
- “لقد فقدنا برحيله.. علماً من أعلام الفكر والثقافة.”
- “سيظل اسمه محفوراً في ذاكرة الوطن.. وستبقى أعماله نبراساً يضيء لنا الدرب.”
خاتمة
رحل عون الشريف قاسم عن عالمنا في 19 يناير 2006، لكن إرثه الثقافي والمعرفي لا يزال حياً ومؤثراً. لقد كان علماً من أعلام الفكر والثقافة في السودان، ورمزاً للإبداع والتميز والعطاء. ستبقى أعماله مرجعاً أساسياً للباحثين والدارسين، ومصدر إلهام للأجيال القادمة. فقد فقد السودان برحيله قامةً شامخة، لكنه ترك لنا إرثاً نفخر به ونعتز به.