<![CDATA[
مقدمة
أو كي- جي إل آي (OK-GLI)، المعروف أيضًا باسم بوران أنالوج بي تي إس-02 (Buran Analog BTS-02)، كان مركبة اختبار ضمن برنامج بوران السوفيتي. تم تصميم هذه المركبة كنموذج هوائي للتحقق من التصميم الديناميكي الهوائي للمكوك الفضائي بوران، وتقديم بيانات حيوية لتطويره. على الرغم من أنها لم تصل أبدًا إلى الفضاء، إلا أن أو كي- جي إل آي لعبت دورًا حاسمًا في نجاح البرنامج، وأسهمت في تطوير تكنولوجيا الفضاء السوفيتية بشكل كبير.
تاريخ أو كي- جي إل آي وبنائها
بدأ بناء أو كي- جي إل آي في عام 1982، وتم الانتهاء منه في عام 1984. تم تصنيعه في مصنع توشينو لآلات الطيران في موسكو. كانت المركبة نسخة طبق الأصل من مكوك بوران، مع بعض التعديلات الطفيفة. تم تصميمها خصيصًا للتحليق في الغلاف الجوي للأرض وجمع البيانات المتعلقة بالخصائص الديناميكية الهوائية لبوران. استخدمت أو كي- جي إل آي محركات نفاثة لتوليد قوة الدفع، مما سمح لها بالتحليق على ارتفاعات منخفضة.
تم تجهيز أو كي- جي إل آي بمجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار والأدوات العلمية لقياس الضغط ودرجة الحرارة والسرعة والعديد من المعلمات الأخرى أثناء الطيران. تم استخدام هذه البيانات للتحقق من دقة النماذج الحسابية المستخدمة في تصميم بوران، ولتحسين أداء المكوك في ظروف الطيران المختلفة. تميزت المركبة بمظهرها الخارجي المشابه لبوران، بما في ذلك تصميمها المميز للأجنحة الثلاثية والزعانف العمودية.
المهام والاختبارات
أجرت أو كي- جي إل آي سلسلة واسعة من الاختبارات الجوية في الغلاف الجوي للأرض. شملت هذه الاختبارات:
- دراسة خصائص الطيران: تم استخدام أو كي- جي إل آي لدراسة سلوك الطيران لبوران في ظروف مختلفة، بما في ذلك السرعات المنخفضة والعالية، والزوايا المختلفة للهجوم، وظروف الإقلاع والهبوط.
- التحقق من الأنظمة الفرعية: تم استخدام المركبة لاختبار والتحقق من أداء الأنظمة الفرعية المختلفة لبوران، مثل نظام التحكم في الطيران، ونظام الهبوط، ونظام الملاحة.
- تدريب رواد الفضاء: تم استخدام أو كي- جي إل آي لتدريب رواد الفضاء على قيادة بوران في ظروف واقعية.
تم إجراء أكثر من 25 رحلة طيران اختبارية على أو كي- جي إل آي. خلال هذه الاختبارات، تم جمع كميات هائلة من البيانات التي ساعدت في تحسين تصميم بوران وتحسين أدائه. لعبت هذه البيانات دورًا حاسمًا في ضمان سلامة ونجاح مهمة بوران الوحيدة المأهولة.
التصميم والخصائص
كان أو كي- جي إل آي نسخة طبق الأصل كاملة الحجم من مكوك بوران، ولكنها تفتقر إلى نظام الدفع الصاروخي الرئيسي والعديد من الأنظمة الداخلية التي كانت موجودة في مركبة الفضاء الحقيقية. كان طولها 36.37 مترًا، وارتفاعها 16.35 مترًا، ووزنها عند الإقلاع حوالي 100 طن. كانت مجهزة بأربعة محركات نفاثة من طراز أليوشين آي إل-76، مما سمح لها بالإقلاع والتحليق كطائرة.
تم تجهيز أو كي- جي إل آي بقمرة قيادة مماثلة لقمرة بوران، مما سمح لرواد الفضاء بالتدرب على العمليات التشغيلية للمكوك. كما أنها احتوت على مجموعة من أجهزة الاستشعار والأدوات لقياس بيانات الطيران. كان هيكل المركبة مصنوعًا من سبائك الألومنيوم والتيتانيوم، مع درع حراري لحمايته من الحرارة المتولدة أثناء إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي (على الرغم من أنه لم يكن مصممًا للعودة إلى الفضاء).
موقعها الحالي
بعد انتهاء برنامج بوران، تم بيع أو كي- جي إل آي إلى شركة أسترالية، وتم نقلها إلى أستراليا في عام 2000. في البداية، كانت معروضة في حديقة صناعية في سيدني. في عام 2004، تم بيعها مرة أخرى، وهذه المرة إلى متحف التقنيات العالية في مانهايم، ألمانيا.
في عام 2008، تم نقل أو كي- جي إل آي إلى متحف الفضاء والعلوم في شتوتغارت، ألمانيا، حيث لا تزال معروضة حتى يومنا هذا. إنها واحدة من عدد قليل جدًا من النماذج المتاحة للعرض العام، مما يجعلها قطعة تاريخية فريدة من نوعها تتيح للزوار فرصة استكشاف تكنولوجيا الفضاء السوفيتية.
أهمية أو كي- جي إل آي
كان لأو كي- جي إل آي دور حاسم في تطوير برنامج بوران. قدمت البيانات الأساسية لتصميم المكوك، وأسهمت في تحسين أدائه وسلامته. بدون هذه المركبة، لربما كان برنامج بوران قد واجه صعوبات أكبر أو ربما فشل. تعتبر أو كي- جي إل آي بمثابة شهادة على التفكير الهندسي السوفيتي والإنجازات التكنولوجية في عصر الفضاء.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت أو كي- جي إل آي في تطوير التقنيات التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم في مجالات الطيران والفضاء. إنها تذكرنا بأهمية الاختبار والتحقق في عملية التصميم الهندسي، وأهمية التعاون والتبادل للمعرفة في تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي. يمثل وجودها في متحف الفضاء والعلوم في شتوتغارت فرصة للجمهور للتعرف على هذا الإنجاز الهندسي الرائع.
مقارنة مع المركبات المماثلة
تعتبر أو كي- جي إل آي فريدة من نوعها بين مركبات الاختبار المماثلة. على سبيل المثال، قامت وكالة ناسا ببناء عدد من المركبات التجريبية، مثل المركبة الشراعية (X-15)، لدراسة خصائص الطيران في السرعات العالية. ومع ذلك، كانت أو كي- جي إل آي نسخة طبق الأصل كاملة الحجم من مركبة فضائية مصممة لدخول المدار. كما أنها كانت أكبر وأكثر تعقيدًا من معظم مركبات الاختبار الأخرى.
بالمقارنة مع المركبات التجريبية الأخرى، فقد قدمت أو كي- جي إل آي بيانات أكثر دقة عن أداء بوران في ظروف الطيران المختلفة. وقد سمح ذلك للمهندسين السوفييت بإجراء تعديلات مهمة على تصميم المكوك، مما أدى إلى تحسين أدائه وسلامته. ونتيجة لذلك، فقد لعبت أو كي- جي إل آي دورًا حيويًا في نجاح مهمة بوران الوحيدة إلى الفضاء.
التحديات والقيود
على الرغم من أهميتها، واجهت أو كي- جي إل آي بعض التحديات والقيود. أحد هذه التحديات كان محدودية قدرتها على توليد قوة دفع. على عكس المكوك بوران، لم يكن لدى أو كي- جي إل آي محركات صاروخية رئيسية، وكانت تعتمد على المحركات النفاثة للتحليق في الغلاف الجوي للأرض. هذا يعني أنها لم تتمكن من الوصول إلى نفس الارتفاعات أو السرعات التي وصل إليها بوران.
قيود أخرى كانت تتعلق بالبيانات التي يمكن جمعها. على الرغم من أن أو كي- جي إل آي كانت مجهزة بمجموعة من أجهزة الاستشعار والأدوات، إلا أنها لم تتمكن من جمع جميع البيانات التي تم جمعها بواسطة بوران. على سبيل المثال، لم يكن لديها نفس القدرة على قياس درجة الحرارة والضغط أثناء إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي. ومع ذلك، فقد تم تعويض هذه القيود من خلال التجارب المتكررة والبيانات التي تم الحصول عليها من النماذج الأرضية.
مستقبل أو كي- جي إل آي
بعد عرضها في متحف الفضاء والعلوم في شتوتغارت، هناك اهتمام كبير بالحفاظ على أو كي- جي إل آي كقطعة أثرية تاريخية. يتم بذل الجهود لضمان سلامتها وتوفيرها للجمهور لأجيال قادمة. يتم النظر في خيارات لعرضها في مواقع أخرى في جميع أنحاء العالم، مما يسمح لجمهور أوسع بالتعرف على هذا الإنجاز الهندسي الرائع.
بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام أو كي- جي إل آي كأداة تعليمية. يدرس الطلاب والباحثون تصميمها وتقنياتها، ويتعلمون من تاريخ برنامج بوران. تساعد أو كي- جي إل آي في إلهام الأجيال القادمة من المهندسين والعلماء، وتشجعهم على استكشاف حدود الفضاء.
الخاتمة
كانت أو كي- جي إل آي (OK-GLI)، أو بوران أنالوج بي تي إس-02 (Buran Analog BTS-02)، مركبة اختبار مهمة ضمن برنامج بوران السوفيتي. لعبت دورًا حاسمًا في تطوير المكوك الفضائي بوران من خلال توفير بيانات حيوية عن خصائص الطيران وتدريب رواد الفضاء. على الرغم من أنها لم تصل إلى الفضاء، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في نجاح البرنامج وتقدم تكنولوجيا الفضاء السوفيتية. لا تزال أو كي- جي إل آي موجودة كقطعة أثرية تاريخية، وتوفر فرصة فريدة للتعرف على إنجازات عصر الفضاء. اليوم، تعتبر أو كي- جي إل آي رمزًا للإبداع الهندسي والابتكار العلمي، وتستمر في إلهام المهندسين والعلماء في جميع أنحاء العالم.