<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد إدوين أ. فليشمان في مدينة نيويورك. حصل على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة سيتي كوليدج في نيويورك عام 1949. ثم حصل على درجة الماجستير في علم النفس عام 1950، والدكتوراه في علم النفس التجريبي عام 1953، وكلاهما من جامعة ييل. خلال دراسته في ييل، عمل فليشمان تحت إشراف دكتور فرانك أ. بيتش (Frank A. Beach)، وهو عالم بارز في مجال علم النفس السلوكي. وقد ساهم هذا التوجيه في تشكيل اهتمامات فليشمان المبكرة في دراسة السلوك الإنساني، ووضع الأساس لمسيرته المهنية في علم النفس التطبيقي.
مسيرته المهنية
بدأ فليشمان مسيرته المهنية في عام 1953 في قسم علم النفس في جامعة ييل، حيث بقي حتى عام 1962. خلال هذه الفترة، أجرى أبحاثًا رائدة حول القدرات الإنسانية والفروقات الفردية. في عام 1962، انتقل إلى جامعة ولاية أوهايو، حيث أسس مركز بحوث السلوك التابع للجامعة. شغل منصب مدير المركز لمدة 15 عامًا، وقام بتوجيه العديد من الباحثين الشبان وأشرف على العديد من المشاريع البحثية الهامة. كان تركيزه الرئيسي في أوهايو على تطوير وتطبيق نماذج القدرات، بالإضافة إلى دراسة تأثير العوامل التنظيمية والاجتماعية على سلوك العمل. في عام 1977، انتقل إلى جامعة جورج ميسون، حيث عمل كأستاذ لعلم النفس حتى تقاعده. استمر في نشر الأبحاث وإلهام الأجيال القادمة من علماء النفس.
مساهماته في علم النفس
كانت مساهمات فليشمان في علم النفس واسعة ومتنوعة، ولكن يمكن تلخيصها في المجالات الرئيسية التالية:
- نموذج القدرات: يعتبر فليشمان رائدًا في تطوير نماذج القدرات، والتي تهدف إلى تحديد وتقييم القدرات المختلفة التي يمتلكها الأفراد والتي تؤثر على أدائهم في المهام المختلفة. قام بتطوير تصنيف القدرات الذي يتضمن القدرات المعرفية، والحركية، والجسدية، والإدراكية. ساعد هذا النموذج في تحسين عمليات الاختيار والتوظيف، وتصميم برامج التدريب، وتحسين بيئات العمل.
- تصميم العمل: ساهم فليشمان في فهم كيفية تأثير تصميم العمل على أداء الموظفين ورضاهم الوظيفي. أظهرت أبحاثه أهمية مطابقة قدرات الفرد مع متطلبات الوظيفة. كما درس تأثير العوامل التنظيمية والاجتماعية على سلوك العمل.
- الاختيار والتقييم: قدم فليشمان مساهمات كبيرة في مجال الاختيار والتقييم. وقد أظهرت أبحاثه كيف يمكن استخدام اختبارات القدرات لتقييم المرشحين للوظائف. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في تطوير أساليب تقييم الأداء، والتي تسمح للمؤسسات بتحديد نقاط القوة والضعف لدى الموظفين.
- التدريب: ساهم فليشمان في فهم كيفية تصميم برامج التدريب الفعالة. أظهرت أبحاثه أهمية تحديد القدرات التي يحتاجها الأفراد لأداء مهامهم بشكل فعال، وتصميم برامج تدريبية تستهدف هذه القدرات.
تصنيف القدرات
كان تصنيف القدرات الذي وضعه فليشمان من أهم إسهاماته في علم النفس. لقد أدرك أن الأفراد يختلفون في قدراتهم، وأن هذه الاختلافات تؤثر على أدائهم في المهام المختلفة. صمم فليشمان نموذجًا لتصنيف القدرات يتضمن الفئات الرئيسية التالية:
- القدرات المعرفية: تشمل القدرات المتعلقة بالمعرفة والفهم، مثل الذكاء العام، والتفكير النقدي، والذاكرة، والقدرة على حل المشكلات.
- القدرات الحركية: تشمل القدرات المتعلقة بالحركات الجسدية، مثل سرعة الاستجابة، والتنسيق بين اليد والعين، والقدرة على التحكم في الحركات الدقيقة.
- القدرات الجسدية: تشمل القدرات المتعلقة بالقوة الجسدية، والتحمل، والمرونة، والتوازن.
- القدرات الحسية: تشمل القدرات المتعلقة بالحواس، مثل الرؤية، والسمع، واللمس.
لقد استخدم فليشمان هذا التصنيف لتصميم اختبارات القدرات، وتطوير برامج التدريب، وتحسين بيئات العمل. أصبح تصنيف القدرات الخاص به أداة أساسية في علم النفس الصناعي والتنظيمي.
أبحاثه وتأثيرها
نشر فليشمان العديد من المقالات والكتب التي أثرت بشكل كبير في مجال علم النفس. تركزت أبحاثه على فهم كيفية تأثير القدرات الفردية على أداء المهام في مختلف البيئات، سواء كانت بيئات عمل أو بيئات أكاديمية. وقد استخدم هذه المعرفة لتصميم برامج تدريبية، وتطوير أدوات تقييم، وتحسين عمليات الاختيار والتوظيف. أثرت أبحاثه على كل من الأوساط الأكاديمية والعملية. على سبيل المثال، ساعدت أبحاثه في تصميم برامج تدريبية فعالة للمهن التي تتطلب مهارات حركية متخصصة، مثل الطيران والقيادة.
الجوائز والتكريمات
حصل فليشمان على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته المهنية، تقديرًا لمساهماته في علم النفس. وشملت هذه الجوائز زمالته في جمعية علم النفس الأمريكية (APA)، وجمعية العلوم النفسية (APS). بالإضافة إلى ذلك، شغل مناصب قيادية في العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك جمعية علم النفس الصناعي والتنظيمي (SIOP). وقد كان تكريمه دليلًا على تأثيره الكبير في هذا المجال.
الخلافات
مثل العديد من العلماء، واجه فليشمان بعض الخلافات خلال مسيرته المهنية. كان أحد هذه الخلافات يتعلق باستخدام اختبارات القدرات في عمليات الاختيار والتوظيف. اتهمه البعض بالمساهمة في التمييز، حيث يمكن أن تؤدي الاختبارات إلى إقصاء مجموعات معينة من الأفراد. دافع فليشمان عن استخدام اختبارات القدرات، مؤكدًا على أهمية استخدامها بطرق عادلة ومنصفة، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الثقافية والاجتماعية. وقد أدت هذه النقاشات إلى تطوير أفضل الممارسات في استخدام اختبارات القدرات، والتي تهدف إلى ضمان العدالة والإنصاف.
إرثه
يُعتبر إدوين أ. فليشمان أحد الرواد في علم النفس الصناعي والتنظيمي. لقد ساهمت أبحاثه في فهمنا للقدرات الإنسانية، وكيفية تأثيرها على أداء المهام. كما ساهم في تطوير نظريات حول كيفية تصميم بيئات العمل لتعزيز الإنتاجية والرفاهية. يستمر إرثه في التأثير على مجال علم النفس، حيث يواصل الباحثون والعلماء في جميع أنحاء العالم الاستفادة من عمله.
خاتمة
ترك إدوين أ. فليشمان إرثًا دائمًا في مجال علم النفس، وخاصة في علم النفس الصناعي والتنظيمي. ساهمت أبحاثه في فهمنا للفروقات الفردية والقدرات الإنسانية، وكيفية تأثيرها على أداء المهام. كان لعمله تأثير كبير على مجالات تصميم العمل، والاختيار، والتدريب، وتقييم الأداء. يعتبر تصنيف القدرات الذي وضعه فليشمان أداة أساسية في علم النفس، ولا يزال عمله يمثل أساسًا للعديد من الدراسات والبحوث في هذا المجال.
المراجع
- Society for Industrial and Organizational Psychology (SIOP) – Edwin A. Fleishman
- Edwin A. Fleishman – Wikipedia
- Psychology Today – Remembering Edwin Fleishman: A Pioneer of I/O Psychology
- Fleishman, E. A., & Quaintance, M. K. (1984). Taxonomies of human performance: The ability requirements approach. Academic Press.