<![CDATA[
بداياته المهنية
بدأ أرنولد غرينبيرغ مسيرته المهنية في شركة والده لتصنيع الجلود بعد تخرجه من الجامعة. كانت الشركة متخصصة في صناعة الجلود المستخدمة في الأحذية. عمل غرينبيرغ في مختلف أقسام الشركة، وتعلم كل جوانب العمل، من الإنتاج إلى التسويق. أظهر غرينبيرغ ذكاءً تجارياً فطرياً وقدرة على الابتكار، مما ساعده على التقدم بسرعة في الشركة.
في الستينيات، تولى غرينبيرغ منصب الرئيس التنفيذي للشركة بعد تقاعد والده. أدرك غرينبيرغ أن صناعة الجلود التقليدية كانت تواجه تحديات كبيرة، وأن الشركة بحاجة إلى التنويع لضمان بقائها ونموها. بدأ غرينبيرغ في استكشاف فرص جديدة في مجالات أخرى، وسرعان ما لفت انتباهه إلى صناعة الألعاب الناشئة.
دخول عالم الألعاب
في أوائل السبعينيات، اتخذ غرينبيرغ قرارًا جريئًا بتحويل شركة كوليكو إلى صناعة الألعاب. كانت هذه خطوة محفوفة بالمخاطر، حيث لم يكن لدى الشركة أي خبرة سابقة في هذا المجال. ومع ذلك، كان غرينبيرغ واثقًا من رؤيته وقدرته على النجاح. استثمر غرينبيرغ بكثافة في البحث والتطوير، وقام بتوظيف فريق من المهندسين والمصممين الموهوبين. سرعان ما بدأت كوليكو في إنتاج مجموعة متنوعة من الألعاب الإلكترونية المبتكرة، بما في ذلك ألعاب الفيديو المحمولة ووحدات التحكم المنزلية.
أحد أنجح منتجات كوليكو في السبعينيات كانت لعبة الفيديو المحمولة “تيلستار” (Telstar). كانت تيلستار واحدة من أوائل ألعاب الفيديو المحمولة التي حققت نجاحًا تجاريًا كبيرًا، وساعدت في ترسيخ مكانة كوليكو كلاعب رئيسي في صناعة الألعاب. تبع ذلك نجاحات أخرى، مثل وحدة التحكم المنزلية “كوليكوفيجن” (ColecoVision)، التي تنافست بقوة مع أتاري (Atari) في أوائل الثمانينيات.
“كوليكوفيجن” والمنافسة مع أتاري
في عام 1982، أطلقت كوليكو وحدة التحكم المنزلية “كوليكوفيجن”، التي سرعان ما أصبحت منافسًا قويًا لأتاري 2600، وحدة التحكم الأكثر شعبية في ذلك الوقت. تميزت كوليكوفيجن برسوماتها المتفوقة وقدراتها التقنية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الألعاب عالية الجودة. تمكنت كوليكوفيجن من جذب قاعدة كبيرة من العملاء، وساهمت في زيادة حصة كوليكو في سوق ألعاب الفيديو.
ومع ذلك، لم يدم نجاح كوليكوفيجن طويلاً. في عام 1983، شهدت صناعة ألعاب الفيديو في أمريكا الشمالية انهيارًا كبيرًا، والمعروف باسم “أزمة ألعاب الفيديو عام 1983”. تسببت الأزمة في انخفاض حاد في مبيعات ألعاب الفيديو، وأدت إلى إفلاس العديد من الشركات، بما في ذلك كوليكو. كان السبب الرئيسي للأزمة هو التشبع المفرط في السوق بألعاب رديئة الجودة، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة بين الشركات المختلفة.
التحول إلى الألعاب المحمولة و”كابيج باتش كيدز”
بعد أزمة ألعاب الفيديو عام 1983، اضطرت كوليكو إلى إعادة هيكلة أعمالها والبحث عن مصادر جديدة للإيرادات. تحولت الشركة إلى إنتاج الألعاب المحمولة، وأطلقت سلسلة من الألعاب الناجحة، مثل “أسترو كوماند” (Astro Command) و “هيد تو هيد” (Head to Head). كما حققت كوليكو نجاحًا كبيرًا في سوق الدمى، حيث أطلقت دمية “كابيج باتش كيدز” (Cabbage Patch Kids) في عام 1982. أصبحت كابيج باتش كيدز ظاهرة عالمية، وحققت مبيعات قياسية لكوليكو.
كانت دمى كابيج باتش كيدز فريدة من نوعها من حيث أنها كانت “تتبنى” من قبل الأطفال بدلاً من شرائها. كانت كل دمية تأتي مع شهادة ميلاد، وكان على الأطفال التوقيع على “أوراق التبني” ليصبحوا “والدين” للدمية. ساهم هذا المفهوم المبتكر في زيادة شعبية الدمى، وجعلها واحدة من أكثر الألعاب مبيعًا في الثمانينيات.
الصعوبات المالية والنهاية
على الرغم من نجاح كابيج باتش كيدز، واجهت كوليكو صعوبات مالية متزايدة في منتصف الثمانينيات. تسببت الأزمة في صناعة ألعاب الفيديو عام 1983 في خسائر فادحة للشركة، وأثرت سلبًا على قدرتها على المنافسة في السوق. بالإضافة إلى ذلك، واجهت كوليكو منافسة شديدة من شركات أخرى، مثل نينتندو (Nintendo) وسيجا (Sega)، اللتين سيطرتا على سوق ألعاب الفيديو في أواخر الثمانينيات.
في عام 1988، تقدمت كوليكو بطلب للإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي. تم بيع أصول الشركة إلى مجموعة من المستثمرين، وتم حل الشركة في عام 1989. كانت نهاية كوليكو بمثابة نهاية حقبة في صناعة الألعاب والإلكترونيات الاستهلاكية. على الرغم من عمرها القصير نسبيًا، تركت كوليكو بصمة واضحة في الصناعة، وألهمت العديد من الشركات الأخرى.
تأثير أرنولد غرينبيرغ على كوليكو
لا شك أن أرنولد غرينبيرغ كان له تأثير كبير على كوليكو. بفضل رؤيته وقيادته، تمكن من تحويل الشركة من شركة صغيرة لتصنيع الجلود إلى شركة عملاقة في صناعة الألعاب والإلكترونيات الاستهلاكية. كان غرينبيرغ رائدًا في صناعة الألعاب، وقدم العديد من المنتجات المبتكرة التي ساهمت في تطوير الصناعة. كما كان غرينبيرغ رجل أعمال ذكيًا، وتمكن من تحقيق أرباح كبيرة لكوليكو خلال فترة توليه منصب الرئيس التنفيذي.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن غرينبيرغ يتحمل أيضًا بعض المسؤولية عن المشاكل المالية التي واجهت كوليكو في منتصف الثمانينيات. يُنظر إلى قراره بالتوسع في صناعة ألعاب الفيديو في وقت كانت الصناعة تعاني من أزمة على أنه خطأ استراتيجي فادح. بالإضافة إلى ذلك، يُنتقد غرينبيرغ بسبب إدارته السيئة للشركة، وعدم قدرته على التكيف مع التغيرات في السوق.
إرث أرنولد غرينبيرغ
على الرغم من نهايتها المؤسفة، لا تزال كوليكو تُذكر باعتزاز من قبل عشاق الألعاب والإلكترونيات الاستهلاكية. كانت كوليكو شركة مبتكرة، وقدمت العديد من المنتجات التي أثرت في الصناعة. كما كانت كوليكو شركة جريئة، ولم تخف من المخاطرة وتجربة أشياء جديدة. لعب أرنولد غرينبيرغ دورًا حاسمًا في نجاح كوليكو، وسيظل اسمه مرتبطًا دائمًا بالشركة.
بغض النظر عن الآراء حول أداء غرينبيرغ، لا يمكن إنكار أن كوليكو كانت قوة دافعة في صناعة الألعاب خلال فترة وجودها. من خلال “كوليكوفيجن” و “كابيج باتش كيدز”، أثرت الشركة في جيل كامل، ولا تزال منتجاتها تحظى بالتقدير من قبل هواة جمع التحف وعشاق الألعاب القديمة.
خاتمة
أرنولد غرينبيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة كوليكو، شخصية بارزة في تاريخ صناعة الألعاب والإلكترونيات الاستهلاكية. قاد الشركة من بداياتها المتواضعة كشركة لتصنيع الجلود إلى ذروة نجاحها كشركة رائدة في صناعة الألعاب. على الرغم من الصعوبات المالية التي واجهتها الشركة في النهاية، إلا أن إرث غرينبيرغ وكوليكو لا يزال حيًا حتى اليوم، حيث لا تزال منتجاتهما محبوبة ومشهورة بين عشاق الألعاب القديمة وهواة جمع التحف.