<![CDATA[
نشأة وتطور منهج أورتون-غيلينغهام
يرجع أصل منهج أورتون-غيلينغهام إلى أوائل القرن العشرين، عندما بدأ الطبيب العصبي الأمريكي صموئيل أورتون في دراسة صعوبات القراءة. لاحظ أورتون أن بعض الأطفال يعانون من صعوبة في تعلم القراءة على الرغم من ذكائهم الطبيعي والبيئة التعليمية الجيدة. قام أورتون بالبحث في هذه الظاهرة، وأطلق عليها اسم “العمى اللفظي”، وهو مصطلح سابق لصعوبة القراءة (الدسلكسيا).
تعاون أورتون مع عالمة النفس والمربية آنا غيلينغهام لتطوير منهج تدريس يعتمد على مبادئ التعلم المتعدد الحواس. قدمت غيلينغهام مساهمات كبيرة في تطوير المنهج، حيث قامت بتصميم سلسلة من الأنشطة والتمارين التي تستخدم حواسًا متعددة لتعليم القراءة والكتابة. ركزت غيلينغهام على أهمية الربط بين الحروف والأصوات، واستخدام الأصوات المركبة (الفونيمات) في تهجئة الكلمات.
بعد وفاة أورتون، واصلت غيلينغهام تطوير المنهج. نشرت غيلينغهام وزميلها بيس فان ديك كتابًا بعنوان “منهج أورتون-غيلينغهام لتعليم القراءة والكتابة والإملاء” في عام 1939. أصبح هذا الكتاب الأساس للمنهج، ولا يزال يستخدم على نطاق واسع حتى اليوم. أُعيدت صياغة المنهج وتحديثه على مر السنين، لكنه لا يزال يعتمد على مبادئ أورتون وغيلينغهام الأصلية.
مبادئ منهج أورتون-غيلينغهام الأساسية
يعتمد منهج أورتون-غيلينغهام على عدة مبادئ أساسية، والتي تميزه عن أساليب التدريس الأخرى. تشمل هذه المبادئ:
- متعدد الحواس: يشرك المنهج حواسًا متعددة في عملية التعلم، مثل البصر والسمع واللمس والحركة. هذا يساعد المتعلمين على فهم المفاهيم بشكل أفضل وتذكرها بسهولة أكبر.
- المنهجية المنظمة: يتم تقديم المنهج بطريقة منظمة ومتسلسلة، تبدأ بمفاهيم بسيطة ثم تتقدم تدريجيًا إلى مفاهيم أكثر تعقيدًا. هذا يضمن أن المتعلمين يبنون أساسًا قويًا في القراءة والكتابة.
- التراكمية: يعتمد المنهج على تراكم المعرفة والمهارات. يتم بناء كل درس على الدروس السابقة، مما يساعد المتعلمين على ربط المفاهيم ببعضها البعض.
- التشخيصي: يولي المنهج اهتمامًا كبيرًا بتقييم تقدم المتعلمين وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم. يستخدم المعلمون هذه المعلومات لتكييف الدروس وتلبية احتياجات المتعلمين الفردية.
- الاجتماعي والعاطفي: يهدف المنهج إلى بناء الثقة بالنفس لدى المتعلمين وتشجيعهم على المشاركة بنشاط في عملية التعلم.
مكونات منهج أورتون-غيلينغهام
يتكون منهج أورتون-غيلينغهام من عدة مكونات أساسية، بما في ذلك:
- الصوتيات: يعلم المنهج العلاقة بين الحروف والأصوات. يتعلم المتعلمون كيفية تحديد الأصوات في الكلمات وتهجئة الكلمات بناءً على هذه الأصوات.
- بناء الكلمات: يركز المنهج على فهم بنية الكلمات، بما في ذلك المقاطع والبادئات واللواحق. يساعد هذا المتعلمين على تحليل الكلمات غير المألوفة وفهم معناها.
- القراءة: يطور المنهج مهارات القراءة من خلال تدريس القواعد الصوتية، والتدريب على القراءة بطلاقة وفهم المقروء.
- الكتابة والإملاء: يعلم المنهج مهارات الكتابة والإملاء من خلال التدريب على تهجئة الكلمات، وكتابة الجمل والفقرات، واستخدام علامات الترقيم.
- الخط: يركز المنهج على تحسين خط اليد، حيث يعتقد أن هذا يساعد في تحسين مهارات القراءة والكتابة.
كيفية تطبيق منهج أورتون-غيلينغهام
يتم تطبيق منهج أورتون-غيلينغهام من خلال جلسات تدريس فردية أو صغيرة المجموعة. عادةً ما تتضمن كل جلسة الأنشطة التالية:
- المراجعة: مراجعة المفاهيم والمهارات التي تعلمت في الجلسات السابقة.
- التقديم: تقديم مفهوم أو مهارة جديدة، مثل صوت حرف جديد أو قاعدة إملائية.
- التدريب: ممارسة المهارة الجديدة من خلال الأنشطة والتمارين المختلفة، مثل تجميع الكلمات، وتهجئة الكلمات، وقراءة الجمل.
- التطبيق: استخدام المهارات الجديدة في القراءة والكتابة، مثل قراءة القصص وكتابة الجمل والفقرات.
يستخدم المعلمون مواد وأنشطة متنوعة في منهج أورتون-غيلينغهام، بما في ذلك البطاقات التعليمية، والحروف المتحركة، والكلمات البصرية، والقصص القصيرة. يتم تصميم الأنشطة لتلبية احتياجات المتعلمين الفردية، مع مراعاة نقاط القوة والضعف لديهم.
فوائد منهج أورتون-غيلينغهام
يقدم منهج أورتون-غيلينغهام العديد من الفوائد، بما في ذلك:
- تحسين مهارات القراءة: يساعد المنهج على تطوير مهارات القراءة الأساسية، مثل الوعي الصوتي، وفك رموز الكلمات، والقراءة بطلاقة.
- تحسين مهارات الإملاء: يساعد المنهج على تحسين مهارات الإملاء من خلال تدريس القواعد الصوتية، وبناء الكلمات، والتهجئة.
- زيادة الثقة بالنفس: يساعد المنهج المتعلمين على بناء الثقة بالنفس من خلال توفير بيئة تعلم داعمة وتشجيعهم على النجاح.
- التكيف مع الاحتياجات الفردية: يمكن تكييف المنهج لتلبية احتياجات المتعلمين الفردية، مما يجعله مناسبًا للأطفال والبالغين على حد سواء.
- دعم ذوي صعوبات التعلم: يعتبر منهج أورتون-غيلينغهام فعالًا بشكل خاص في مساعدة الأفراد الذين يعانون من صعوبات القراءة والتهجئة، مثل الدسلكسيا.
من هو المستفيد من منهج أورتون-غيلينغهام؟
تم تصميم منهج أورتون-غيلينغهام في البداية لمساعدة الأطفال والبالغين الذين يعانون من صعوبات في القراءة والإملاء، بما في ذلك أولئك المصابين بعسر القراءة. ومع ذلك، يمكن أن يستفيد منه أي شخص يرغب في تحسين مهاراته في القراءة والكتابة. يشمل المستفيدون المحتملون:
- الأطفال الذين يعانون من صعوبات في القراءة: يوفر المنهج أسلوبًا منظمًا ومتعدد الحواس لدعم هؤلاء الأطفال في تعلم القراءة والتهجئة.
- البالغون الذين يعانون من صعوبات في القراءة: يمكن للمنهج أن يساعد البالغين على تحسين مهاراتهم في القراءة والكتابة، مما قد يؤثر إيجابًا على حياتهم المهنية والشخصية.
- المعلمون والمتخصصون في صعوبات التعلم: يوفر المنهج أداة قيمة للمعلمين والمتخصصين لتدريس القراءة والإملاء للطلاب الذين يعانون من صعوبات.
- الأشخاص الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية كلغة ثانية: يمكن للمنهج أن يساعد الأشخاص الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية على فهم العلاقة بين الحروف والأصوات، مما يسهل عليهم تعلم القراءة والكتابة.
تحديات تطبيق منهج أورتون-غيلينغهام
على الرغم من فوائده العديدة، هناك بعض التحديات التي قد تواجه تطبيق منهج أورتون-غيلينغهام:
- التدريب المكثف: يتطلب تطبيق المنهج تدريبًا مكثفًا للمعلمين. يجب أن يكون المعلمون على دراية بمبادئ المنهج وأساليب التدريس المختلفة.
- الوقت: قد يستغرق تطبيق المنهج وقتًا طويلاً، خاصةً في البداية. يجب أن يكون المعلمون مستعدين لتخصيص الوقت الكافي لتدريس كل مفهوم ومهارة.
- التكلفة: قد تكون المواد والأدوات المستخدمة في منهج أورتون-غيلينغهام مكلفة.
- المرونة: يجب على المعلمين أن يكونوا مرنين وقادرين على تكييف المنهج لتلبية احتياجات المتعلمين الفردية.
اعتبارات إضافية
بالإضافة إلى المبادئ الأساسية والفوائد والتحديات، هناك بعض الاعتبارات الإضافية التي يجب مراعاتها عند تطبيق منهج أورتون-غيلينغهام:
- التقييم: من المهم إجراء تقييم شامل لتحديد احتياجات المتعلمين قبل البدء في تطبيق المنهج.
- التعاون: يجب على المعلمين التعاون مع أولياء الأمور والمتخصصين الآخرين لضمان توفير بيئة تعلم داعمة للمتعلمين.
- المتابعة: يجب على المعلمين متابعة تقدم المتعلمين بانتظام وتعديل الدروس حسب الحاجة.
- التدريب المستمر: يجب على المعلمين المشاركة في التدريب المستمر لتعزيز معرفتهم ومهاراتهم في تطبيق المنهج.
خاتمة
منهج أورتون-غيلينغهام هو أسلوب تدريس فعال ومثبت علمياً لمساعدة الأفراد، وخاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات القراءة، على تحسين مهاراتهم اللغوية. يعتمد المنهج على مبادئ التعلم المتعدد الحواس، والمنهجية المنظمة، والتراكمية، والتشخيصية، والاجتماعية والعاطفية. على الرغم من التحديات، يمكن أن يوفر منهج أورتون-غيلينغهام فوائد كبيرة للمتعلمين، بما في ذلك تحسين مهارات القراءة والإملاء، وزيادة الثقة بالنفس، والتكيف مع الاحتياجات الفردية. إنه أداة قيمة للمعلمين والمتخصصين الذين يعملون مع الأفراد الذين يعانون من صعوبات القراءة.