<![CDATA[
تشكيل الجيش وأهدافه
تأسس جيش الحملة في وسط الصين في 7 نوفمبر 1937، كقيادة مركزية لجميع القوات اليابانية المتمركزة في وسط الصين. كان الهدف الرئيسي للجيش هو تعزيز السيطرة اليابانية على المناطق المحتلة، وتأمين خطوط الاتصال، وقمع أي مقاومة صينية. كان الجيش يتألف في البداية من قوات مختلفة، بما في ذلك الجيش العاشر والجيش المركزي في الصين، اللذين كانا بالفعل يشاركان في القتال في منطقة شنغهاي.
تم تنظيم الجيش تحت قيادة الجنرال ماتسوي إيواني، الذي كان لديه تفويض واسع لاتخاذ القرارات العسكرية. كان لدى الجنرال ماتسوي هدف إضافي وهو إظهار قوة الإمبراطورية اليابانية وإخضاع الصين. مع مرور الوقت، توسع الجيش ليشمل عددًا أكبر من الفرق والوحدات، بما في ذلك القوات الجوية والبحرية لدعم العمليات البرية.
الحملات والعمليات العسكرية الرئيسية
شارك جيش الحملة في وسط الصين في عدة حملات وعمليات عسكرية رئيسية خلال الحرب. من أبرز هذه العمليات:
- معركة شنغهاي (أغسطس – نوفمبر 1937): كانت هذه المعركة واحدة من أولى المعارك الكبيرة في الحرب الصينية اليابانية الثانية. شارك جيش الحملة في وسط الصين في القتال العنيف للسيطرة على مدينة شنغهاي، مما أدى إلى خسائر فادحة من كلا الجانبين.
- معركة نانجينغ (ديسمبر 1937 – يناير 1938): بعد سقوط شنغهاي، توجه الجيش نحو نانجينغ، عاصمة الصين آنذاك. استولت القوات اليابانية على المدينة بعد مقاومة ضعيفة، وأعقب ذلك مذبحة نانجينغ سيئة السمعة، والتي ارتكبت فيها القوات اليابانية فظائع واسعة النطاق ضد المدنيين والأسرى الصينيين.
- عمليات التطهير ومكافحة التمرد: بالإضافة إلى الحملات الكبرى، شارك الجيش في عمليات تطهير واسعة النطاق، تهدف إلى القضاء على المقاومة الصينية في المناطق المحتلة. تضمنت هذه العمليات استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية والإعدامات.
- معارك في وسط الصين: خاض الجيش العديد من المعارك الأخرى في المناطق الريفية والمدن الصغيرة في وسط الصين، بهدف تعزيز السيطرة اليابانية على المنطقة.
مذبحة نانجينغ
تُعد مذبحة نانجينغ واحدة من أسوأ الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية. بعد سقوط نانجينغ في ديسمبر 1937، قامت القوات اليابانية بقتل مئات الآلاف من المدنيين والأسرى الصينيين، واغتصاب آلاف النساء، ونهب وتدمير المدينة. كانت هذه الفظائع نتيجة مباشرة لأوامر القيادة العسكرية اليابانية، والتي سمحت للقوات بارتكاب أعمال وحشية ضد السكان المدنيين.
أدت مذبحة نانجينغ إلى إدانة واسعة النطاق من قبل المجتمع الدولي، على الرغم من أن اليابان حاولت في البداية إخفاء الحقيقة. لا تزال هذه المذبحة موضوع جدل كبير بين اليابان والصين، حيث تصر الصين على أن عدد الضحايا أعلى بكثير من التقديرات اليابانية الرسمية.
التنظيم والقيادة
تكون جيش الحملة في وسط الصين من العديد من الفرق والوحدات المختلفة، بما في ذلك:
- الفيلق: شكلت الفيالق الهيكل الأساسي للجيش، وتتكون من فرق متعددة من المشاة والوحدات المساندة.
- الفرق: كانت الفرق هي الوحدات التكتيكية الرئيسية للجيش، وتتألف عادة من حوالي 10,000 إلى 20,000 جندي.
- وحدات الدعم: شملت وحدات الدعم وحدات المدفعية والدبابات والهندسة والإشارة والإمداد.
- الوحدات الجوية والبحرية: قدمت القوات الجوية والبحرية الدعم اللازم للعمليات البرية، بما في ذلك القصف والاستطلاع.
تغيرت قيادة جيش الحملة في وسط الصين على مر السنين. من بين القادة البارزين:
- الجنرال ماتسوي إيواني: القائد الأول للجيش، والذي قاد القوات اليابانية خلال معركة شنغهاي وسقوط نانجينغ.
- الجنرال هيرويوشي أوشيما: تولى القيادة بعد الجنرال ماتسوي.
- الجنرال هيديكي توجو: تولى القيادة في فترة لاحقة من الحرب.
تأثير الجيش على الحرب
لعب جيش الحملة في وسط الصين دورًا حاسمًا في الحرب الصينية اليابانية الثانية. من خلال عملياته العسكرية، تمكن الجيش من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الصينية، بما في ذلك المدن الرئيسية مثل شنغهاي ونانجينغ. ومع ذلك، فإن وحشية الجيش وأعمال العنف التي ارتكبها ضد المدنيين أدت إلى زيادة المقاومة الصينية وتأجيج الحرب. كما ساهمت المذبحة في تدهور العلاقات بين اليابان والصين، والتي لا تزال تتأثر بها حتى اليوم.
على الرغم من المكاسب الأولية، لم يتمكن جيش الحملة في وسط الصين من تحقيق النصر النهائي. استمرت الحرب لسنوات عديدة، وشهدت خسائر فادحة من الجانبين. مع مرور الوقت، أصبح الجيش يواجه صعوبات متزايدة في الحفاظ على سيطرته على المناطق المحتلة، بسبب المقاومة الصينية المتزايدة والضغط الدولي المتزايد.
نهاية الجيش
مع نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان، تم حل جيش الحملة في وسط الصين. تمت محاكمة العديد من قادة الجيش بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وحكم على بعضهم بالإعدام. تركت أعمال الجيش في الصين إرثًا من المعاناة والدمار، ولا تزال تذكر إلى اليوم كواحدة من أسوأ الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب.
الأهمية التاريخية
يمثل جيش الحملة في وسط الصين رمزًا لمشاركة اليابان في الحرب العالمية الثانية والوحشية التي شهدتها الحرب الصينية اليابانية الثانية. تذكر هذه القوات بالدور الذي لعبته في الاحتلال الياباني للصين، وعمليات القمع التي مارستها، والفظائع التي ارتكبت ضد السكان المدنيين. دراسة هذه القوات تساعد على فهم تعقيدات الحرب وتأثيرها المدمر على الإنسانية.
إن تاريخ جيش الحملة في وسط الصين بمثابة تذكير بأهمية السلام وحقوق الإنسان، وضرورة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب. إن فهم هذه الحقائق التاريخية يساعد على منع تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية في المستقبل.
التطورات اللاحقة
بعد الحرب، ظلت قضايا جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات اليابانية في الصين موضوعًا مثيرًا للجدل. على الرغم من اعتذار الحكومة اليابانية عن هذه الجرائم في عدة مناسبات، لا تزال العلاقات بين اليابان والصين متوترة بسبب هذه القضايا. تواصل الصين المطالبة بمزيد من الاعتذار والتعويضات عن الضحايا.
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين اليابان والصين بعض التحسن، مع زيادة التبادلات الاقتصادية والثقافية. ومع ذلك، لا تزال قضية التاريخ، بما في ذلك دور جيش الحملة في وسط الصين، تمثل تحديًا للعلاقات الثنائية.
الميراث الثقافي
أثرت الحرب وتصرفات جيش الحملة في وسط الصين بشكل كبير على الثقافة والمجتمع في الصين. ألهمت هذه الأحداث العديد من الأعمال الأدبية والفنية والأفلام التي تصور معاناة الشعب الصيني خلال الحرب. هذه الأعمال تهدف إلى إحياء ذكرى الضحايا، وتوعية الأجيال القادمة بأهمية السلام وحقوق الإنسان.
في اليابان، لا تزال قضية جيش الحملة في وسط الصين موضوعًا حساسًا. هناك اختلافات في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع هذه القضية، بما في ذلك عدد الضحايا والمسؤولية عن الجرائم. ومع ذلك، هناك اعتراف متزايد بأهمية فهم هذه الحقائق التاريخية، من أجل تحقيق المصالحة مع الصين.
خاتمة
كان جيش الحملة في وسط الصين قوة عسكرية يابانية رئيسية خلال الحرب الصينية اليابانية الثانية، لعبت دورًا حاسمًا في احتلال الصين. ارتكب الجيش فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك مذبحة نانجينغ، والتي أدت إلى معاناة هائلة وتدهور العلاقات بين اليابان والصين. يمثل تاريخ هذا الجيش تذكيرًا بأهوال الحرب وأهمية السلام وحقوق الإنسان.