<![CDATA[
نشأتها وبداية حياتها
ولدت دينا فيرني في مدينة كييف، أوكرانيا، في 25 يناير 1919، لعائلة يهودية. انتقلت عائلتها إلى فرنسا عندما كانت في الثالثة من عمرها. تلقت تعليمًا في باريس، وبدأت حياتها المهنية كعارضة فنانين في سن مبكرة. برزت كواحدة من أبرز عارضات الفنانين في باريس في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وعملت مع العديد من الفنانين البارزين، بما في ذلك أريستيد مايول، وبيير بونار، وهنري ماتيس.
في سن الخامسة عشرة، بدأت فيرني في العمل كعارضة للفنان الفرنسي أريستيد مايول، الذي كان يكبرها بأكثر من ستين عامًا. أصبحت علاقتهما وثيقة، وأصبحت فيرني ملهمة مايول الرئيسية وعارضته المفضلة. ظهرت في العديد من منحوتاته، بما في ذلك تمثال “لا ريفير” (النهر) الشهير، الذي يمثل الآن في حدائق متحف مايول في باريس. أثرت فيرني بشكل كبير على عمل مايول، حيث ألهمته بجمالها وشخصيتها.
الحياة المهنية كعارضة ومغنية
بصرف النظر عن عملها كعارضة، طورت فيرني أيضًا مسيرة مهنية كمغنية. في أواخر الثلاثينيات، بدأت في الغناء في الملاهي الليلية في باريس، وسرعان ما اكتسبت شهرة بصوتها المميز وجمالها. غنت بالعديد من اللغات، بما في ذلك الفرنسية والروسية والإنجليزية، وسجلت بعض الأغاني. كانت أغانيها غالبًا ما تعكس التجارب السياسية والاجتماعية في ذلك الوقت.
خلال الحرب العالمية الثانية، شاركت فيرني في حركة المقاومة الفرنسية. استخدمت مواهبها اللغوية لترجمة الرسائل المشفرة، وعملت أيضًا كناقلة للرسائل بين أعضاء المقاومة. اعتقلتها قوات الأمن الألمانية في عام 1942، وتعرضت للتعذيب في سجن فريسن. هربت فيرني من السجن بمساعدة من أصدقائها، واستمرت في المشاركة في المقاومة حتى نهاية الحرب.
تاجرة الفن وجامعة التحف
بعد الحرب، تحولت فيرني إلى عالم تجارة الفن. افتتحت معرضًا في باريس في عام 1947، والذي أطلق عليه اسم “غاليري دينا فيرني”. ركز المعرض على الفن الحديث والمعاصر، وعرض أعمال فنانين مثل مايول، وماتيس، وبونار، بالإضافة إلى فنانين صاعدين آخرين. ساعدت فيرني في ترويج أعمال هؤلاء الفنانين، ولعبت دورًا مهمًا في تطوير المشهد الفني الفرنسي بعد الحرب.
بالإضافة إلى عملها كتاجرة فن، أصبحت فيرني أيضًا جامعة تحف بارزة. جمعت مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية، بما في ذلك المنحوتات واللوحات والرسومات. كانت مجموعتها معروفة بجودتها وتنوعها، واحتوت على أعمال فنانين من جميع أنحاء العالم. ورثت مجموعة كبيرة من أعمال أريستيد مايول بعد وفاته، وقامت بتأسيس متحف مايول في باريس في عام 1995 لعرض أعماله.
متحف مايول
كان لمتحف مايول، الذي أسسته فيرني، تأثير كبير على المشهد الثقافي في باريس. عرض المتحف مجموعة واسعة من أعمال مايول، بما في ذلك المنحوتات والرسومات واللوحات. بالإضافة إلى ذلك، أقام المتحف معارض مؤقتة لأعمال فنانين آخرين، مما ساهم في تعزيز الحوار الفني والثقافي. أصبح المتحف وجهة سياحية وثقافية رئيسية في باريس، وشهد زيارات من ملايين الأشخاص على مر السنين.
قامت فيرني بدور فعال في إدارة المتحف والترويج له. استخدمت خبرتها في عالم الفن لتنظيم المعارض واكتشاف الأعمال الفنية الجديدة. ساهمت في الحفاظ على تراث مايول وتخليد ذكراه، وتعزيز تقدير الفن الحديث والمعاصر.
إرثها
تركت دينا فيرني إرثًا دائمًا في عالم الفن والثقافة. بصفتها عارضة فنانين، ألهمت العديد من الفنانين بأعمالها. بصفتها مغنية، أسرت الجماهير بصوتها وشخصيتها. بصفتها تاجرة فن وجامعة تحف، ساعدت في تشكيل المشهد الفني الفرنسي بعد الحرب. وبصفتها مؤسسة لمتحف مايول، ساهمت في الحفاظ على تراث فنان عظيم وتعزيز تقدير الفن.
كانت فيرني شخصية متعددة الجوانب، تركت بصمة كبيرة في مجالات مختلفة. كانت امرأة قوية ومستقلة، كرست حياتها للفن والثقافة. لا يزال إرثها حيًا حتى اليوم، ويذكرنا بمساهماتها القيمة في عالم الفن.
حياتها الشخصية
بالإضافة إلى مساهماتها في الفن، كانت فيرني أيضًا شخصية جذابة. تزوجت مرتين، أولاً من السياسي الفرنسي بيير ديزون في عام 1948، ثم من المهندس المعماري جان-كلود كابيون في عام 1960. كان لديها ابن، وأنجبت طفلًا، مما أثر على مسيرتها المهنية.
كانت فيرني صديقة لعدد كبير من الفنانين والكتاب والمفكرين في عصرها. أقامت علاقات وثيقة مع شخصيات مثل بابلو بيكاسو، وأندريه بريتون، وجان كوكتو. كانت شخصية مركزية في الحياة الثقافية الباريسية، وتعتبر من رموز الثقافة الفرنسية.
تأثيرها على الفن
كان لـ فيرني تأثير كبير على تطور الفن الحديث والمعاصر. ألهمت الفنانين بأعمالها، وساعدت في ترويج أعمالهم، وجمعت مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية. من خلال معرضها ومتحفها، ساهمت في نشر الوعي بالفن الحديث وتعزيز تقديره.
كانت فيرني نموذجًا للمرأة المثقفة والمستقلة في عصرها. تحدت التقاليد، وسعت إلى تحقيق أحلامها، وتركت بصمة لا تمحى في عالم الفن. لا يزال إرثها يلهم الفنانين والجامعين وعشاق الفن في جميع أنحاء العالم.
وفاتها
توفيت دينا فيرني في 20 يناير 2009، قبل خمسة أيام من عيد ميلادها التسعين. تركت وراءها إرثًا غنيًا ومتنوعًا، يذكرنا بمساهماتها في الفن والثقافة. تم تكريمها في العديد من المناسبات، وأقيمت معارض لتخليد ذكراها.
خاتمة
كانت دينا فيرني شخصية استثنائية تركت بصمة كبيرة في عالم الفن والثقافة. من عارضة فنانين إلى مغنية، ومن تاجرة فن إلى جامعة تحف، أدت فيرني أدوارًا متعددة ساهمت في إثراء المشهد الفني. من خلال عملها مع الفنانين، ومعرضها، ومتحفها، تركت فيرني إرثًا دائمًا يلهم الأجيال القادمة.