<![CDATA[
مقدمة
روثليس ريكوردز (Ruthless Records) كانت شركة تسجيلات أمريكية مستقلة تأسست على يد إريك “إيزي-إي” رايت وجيري هيلر في كومبتون، كاليفورنيا. لعبت الشركة دورًا محوريًا في صعود موسيقى الهيب هوب الغربية، وخاصةً موسيقى الغانغستا راب، في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. أنتجت روثليس ريكوردز بعضًا من أكثر الفنانين تأثيرًا في تاريخ الهيب هوب، وأصبحت مرادفة لأسلوب حياة الشوارع الصريح والمثير للجدل الذي ميز تلك الحقبة.
التأسيس والسنوات الأولى
في منتصف الثمانينيات، كان إريك رايت، المعروف باسم إيزي-إي، تاجر مخدرات شاب يتطلع إلى الاستثمار في مشروع تجاري قانوني. بالتعاون مع جيري هيلر، وهو مخضرم في صناعة الموسيقى يتمتع بخبرة واسعة في إدارة الفنانين والترويج لهم، أسس الاثنان روثليس ريكوردز في عام 1987. كان الهدف الأولي هو توفير منفذ لإبداعات إيزي-إي الموسيقية، بالإضافة إلى اكتشاف وتطوير المواهب المحلية في منطقة لوس أنجلوس.
أول إصدار لشركة روثليس ريكوردز كان أغنية “Boyz-n-the-Hood” لإيزي-إي. حققت الأغنية نجاحًا فوريًا في الأسواق المحلية، وسرعان ما جذبت انتباه شركات التسجيلات الكبرى. ومع ذلك، قرر إيزي-إي وهيلر البقاء مستقلين، مدركين لإمكانات السيطرة على إنتاجهم الفني وأرباحهم.
بعد نجاح “Boyz-n-the-Hood”، بدأ إيزي-إي في تجميع مجموعة من الفنانين الموهوبين الذين سيشكلون فيما بعد النواة الأساسية لشركة روثليس ريكوردز. من بين هؤلاء الفنانين آيس كيوب، ودكتور دري، وإم سي رن، ودي جي ييلا، وآرابيان برنس (الذي عُرِف لاحقًا باسم البروفيسور). هؤلاء الفنانون، جنبًا إلى جنب مع إيزي-إي، شكلوا المجموعة الأسطورية N.W.A (Niggaz Wit Attitudes).
صعود N.W.A والشهرة العالمية
في عام 1988، أصدرت N.W.A ألبومهم الأول “Straight Outta Compton”. أحدث الألبوم ثورة في عالم الهيب هوب بكلماته الصريحة والمثيرة للجدل التي تناولت قضايا مثل عنف الشرطة والعنصرية والفقر. على الرغم من قلة الدعم الإذاعي والرقابة الإعلامية، حقق الألبوم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، وبيع منه ملايين النسخ في جميع أنحاء العالم. أصبحت N.W.A قوة ثقافية، وألهمت جيلًا من فناني الهيب هوب لتبني الصراحة والواقعية في موسيقاهم.
أغنية “Fuck tha Police” من ألبوم “Straight Outta Compton” أثارت جدلاً واسعًا، وجذبت انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). أرسل مكتب التحقيقات الفيدرالي خطابًا إلى شركة روثليس ريكوردز يعبر عن استيائه من كلمات الأغنية، ويتهم المجموعة بالتحريض على العنف ضد الشرطة. على الرغم من الجدل، ساهمت هذه الحادثة في زيادة شعبية N.W.A وزيادة الوعي بقضايا الظلم الاجتماعي.
بعد نجاح “Straight Outta Compton”، أصدرت N.W.A العديد من الألبومات والأغاني الناجحة الأخرى، بما في ذلك ألبوم “Efil4zaggin” الذي تصدر قائمة Billboard 200 في عام 1991. ومع ذلك، بدأت الخلافات الداخلية تظهر داخل المجموعة بسبب القضايا المالية والإدارية. في عام 1989، غادر آيس كيوب المجموعة بسبب خلافات حول حقوق الملكية الفكرية والأرباح. تبع ذلك رحيل دكتور دري في عام 1991، الذي أسس شركة التسجيلات الخاصة به Death Row Records.
الفنانون الآخرون في روثليس ريكوردز
بالإضافة إلى N.W.A، وقعت روثليس ريكوردز مع العديد من الفنانين الآخرين الذين حققوا نجاحًا كبيرًا. من بين هؤلاء الفنانين:
- ميشيل’لي (Michel’le): مغنية R&B حققت نجاحًا كبيرًا بأغاني مثل “No More Lies” و “Something in My Heart”.
- دي. أو. سي. (The D.O.C.): مغني راب موهوب تعرض لحادث سيارة مروع في عام 1989 أدى إلى تلف صوته بشكل دائم. ومع ذلك، استمر في العمل في صناعة الموسيقى ككاتب ومنتج.
- أتاي فور لايف (Atban Klann): عُرِفوا لاحقًا باسم The Black Eyed Peas، وهي مجموعة هيب هوب بدأت حياتها المهنية في روثليس ريكوردز قبل أن تحقق الشهرة العالمية بتشكيلة مختلفة وأسلوب موسيقي مختلف.
- بون ثوغز-إن-هارموني (Bone Thugs-n-Harmony): مجموعة هيب هوب من كليفلاند، أوهايو، اشتهرت بأسلوبها السريع والمعقد في الراب، وحققت نجاحًا كبيرًا بأغاني مثل “Tha Crossroads” و “East 1999”.
الخلافات والنزاعات
لم تخلُ مسيرة روثليس ريكوردز من الخلافات والنزاعات. بالإضافة إلى الخلافات الداخلية في N.W.A، واجهت الشركة العديد من الدعاوى القضائية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والعقود. كما تعرضت الشركة لانتقادات بسبب كلمات أغانيها الصريحة والمثيرة للجدل.
العلاقة بين إيزي-إي وجيري هيلر كانت متوترة أيضًا. اتهم العديد من الفنانين هيلر باستغلالهم ماليًا، وزعموا أنه كان يحصل على نسبة غير عادلة من الأرباح. تفاقمت هذه التوترات بعد رحيل دكتور دري وآيس كيوب، اللذين ألقيا باللوم على هيلر في تفكك N.W.A.
في عام 1995، توفي إيزي-إي بسبب مضاعفات الإيدز. تركت وفاته الشركة في حالة من الفوضى وعدم اليقين. بعد وفاته، تولت أرملته توميكا وودز-رايت إدارة الشركة.
تراجع الشركة وإرثها
بعد وفاة إيزي-إي، بدأت روثليس ريكوردز في التراجع. فقدت الشركة العديد من فنانيها الرئيسيين، وكافحت من أجل الحفاظ على مكانتها في صناعة الموسيقى المتغيرة باستمرار. على الرغم من إصدار بعض الألبومات الناجحة في أواخر التسعينيات، إلا أن الشركة لم تتمكن أبدًا من استعادة مجدها السابق.
في عام 1998، باعت توميكا وودز-رايت حصة كبيرة من روثليس ريكوردز لشركة Epic Records. ومع ذلك، استمرت في إدارة الشركة حتى عام 2016، عندما أعلنت عن إغلاقها.
على الرغم من زوالها، لا يزال إرث روثليس ريكوردز حيًا. لعبت الشركة دورًا حاسمًا في تشكيل ثقافة الهيب هوب، وألهمت جيلًا من الفنانين والموسيقيين. أصبحت روثليس ريكوردز مرادفة للصراحة والواقعية والتمرد، وستظل دائمًا جزءًا مهمًا من تاريخ موسيقى الهيب هوب.
خاتمة
كانت روثليس ريكوردز (Ruthless Records) شركة تسجيلات مستقلة مؤثرة لعبت دورًا محوريًا في صعود موسيقى الهيب هوب الغربية، وخاصةً موسيقى الغانغستا راب. تأسست الشركة على يد إريك “إيزي-إي” رايت وجيري هيلر، وأنتجت بعضًا من أكثر الفنانين تأثيرًا في تاريخ الهيب هوب، بما في ذلك N.W.A، وميشيل’لي، وبون ثوغز-إن-هارموني. على الرغم من الخلافات والنزاعات، تركت روثليس ريكوردز بصمة لا تُمحى على صناعة الموسيقى، وسيظل إرثها حيًا للأجيال القادمة.