<![CDATA[
نشأة الشركة وتطورها
تأسست الشركة الوطنية لخدمات الحاسوب في عام 1967، وكانت رؤيتها تهدف إلى توفير الوصول إلى الحوسبة المركزية من خلال شبكة اتصالات. في ذلك الوقت، كان نموذج الحوسبة السائد يعتمد على أجهزة كمبيوتر مركزية ضخمة، وكانت الشركات الصغيرة والمتوسطة تفتقر إلى الموارد اللازمة لامتلاك وتشغيل مثل هذه الأنظمة. قدمت NCSS حلاً بديلاً من خلال توفير خدمات تقاسم الوقت، حيث يمكن للعملاء الاتصال بأنظمة NCSS عبر خطوط الهاتف واستخدام برامجهم وبياناتهم.
بدأت الشركة بتوفير خدماتها من خلال جهاز كمبيوتر واحد في ولاية كونيتيكت، وسرعان ما توسعت لتشمل عدة مراكز بيانات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. قدمت NCSS مجموعة متنوعة من الخدمات، بما في ذلك معالجة البيانات، وإدارة قواعد البيانات، وتطبيقات البرمجيات، والتدريب على استخدام الحاسوب. ساهمت هذه الخدمات في تمكين الشركات من أداء المهام الحاسوبية المعقدة دون الحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية المكلفة.
خدمات تقاسم الوقت
كانت خدمات تقاسم الوقت التي قدمتها NCSS بمثابة ثورة في عالم الحوسبة. سمحت هذه الخدمات لعدة مستخدمين بمشاركة جهاز كمبيوتر واحد في نفس الوقت، مما قلل بشكل كبير من تكاليف الحوسبة وجعلها في متناول شريحة أوسع من الشركات. كان المستخدمون يتصلون بنظام NCSS عبر محطات طرفية (Terminals)، وهي أجهزة شبيهة بالآلات الكاتبة تحتوي على لوحة مفاتيح وشاشة عرض. يتم إدخال الأوامر والبيانات من خلال المحطات الطرفية، ويتم إرسال النتائج مرة أخرى إلى المستخدمين.
تميزت خدمات تقاسم الوقت بالعديد من المزايا. أولاً، وفرت للشركات القدرة على الوصول إلى قدرات الحوسبة المتطورة دون الحاجة إلى شراء وصيانة أجهزة الكمبيوتر باهظة الثمن. ثانيًا، سهلت التعاون بين المستخدمين، حيث يمكنهم مشاركة البيانات والبرامج. ثالثًا، قدمت NCSS الدعم الفني والتدريب، مما ساعد الشركات على الاستفادة القصوى من خدماتها.
التكنولوجيا المستخدمة
اعتمدت NCSS على أحدث التقنيات المتاحة في ذلك الوقت. استخدمت الشركة أجهزة كمبيوتر مركزية قوية من شركات مثل جنرال إلكتريك (General Electric) و آي بي إم (IBM). كما طورت NCSS نظام تشغيل خاص بها يدعم خدمات تقاسم الوقت. تضمن النظام جدولة المهام، وإدارة الذاكرة، وإدارة الملفات، والتحكم في الوصول إلى الموارد.
شملت التكنولوجيا المستخدمة أيضًا شبكات الاتصالات، التي مكنت المستخدمين من الاتصال بأنظمة NCSS من مواقع بعيدة. استخدمت الشركة خطوط الهاتف و شبكات البيانات لنقل البيانات بين المحطات الطرفية ومراكز البيانات. تطورت تقنيات الاتصالات بشكل كبير خلال فترة عمل NCSS، مما أدى إلى تحسين سرعة وموثوقية خدماتها.
التطبيقات والخدمات
قدمت NCSS مجموعة واسعة من التطبيقات والخدمات لتلبية احتياجات عملائها المتنوعة. شملت هذه الخدمات:
- معالجة البيانات: ساعدت NCSS الشركات على أتمتة العمليات اليدوية، مثل إعداد الرواتب والفواتير.
- إدارة قواعد البيانات: وفرت الشركة أدوات لإدارة البيانات الضخمة، مما مكن الشركات من تخزين واسترجاع وتحليل المعلومات.
- تطبيقات البرمجيات: طورت NCSS تطبيقات برمجيات متخصصة لمختلف الصناعات، مثل الخدمات المالية والتصنيع.
- التدريب: قدمت الشركة دورات تدريبية لمساعدة المستخدمين على تعلم كيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر والبرامج.
ساهمت هذه الخدمات في تحسين كفاءة الشركات وزيادة إنتاجيتها. استخدمت الشركات خدمات NCSS لإدارة المخزون، وتحليل البيانات المالية، وتصميم المنتجات، والتواصل مع العملاء.
الاستحواذ والاندثار
في عام 1979، استحوذت شركة دون و برادستريت (Dun & Bradstreet) على الشركة الوطنية لخدمات الحاسوب. كان هذا الاستحواذ بمثابة نقطة تحول في تاريخ الشركة. دمجت دون و برادستريت خدمات NCSS مع خدماتها الأخرى، مما أدى إلى تغيير في استراتيجية الشركة. على الرغم من أن NCSS استمرت في تقديم خدمات تقاسم الوقت لفترة من الوقت، إلا أن ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصية والشبكات المحلية (LANs) في الثمانينيات أدى إلى تراجع الطلب على خدمات تقاسم الوقت.
شهدت صناعة الحوسبة تغييرات جذرية في الثمانينيات. أصبحت أجهزة الكمبيوتر الشخصية أكثر قوة وبأسعار معقولة، مما منح الشركات القدرة على امتلاك وتشغيل أنظمة الحوسبة الخاصة بها. كما أدت شبكات الاتصال إلى تمكين الشركات من مشاركة الموارد والبيانات. في النهاية، أدت هذه التطورات إلى تقليل الحاجة إلى خدمات تقاسم الوقت التي قدمتها NCSS.
بحلول أواخر الثمانينيات، أصبحت NCSS جزءًا من التاريخ. ومع ذلك، فإن إسهاماتها في مجال الحوسبة لا تزال جديرة بالذكر. كانت NCSS رائدة في توفير الوصول إلى قدرات الحوسبة للشركات في وقت كانت فيه هذه القدرات بعيدة المنال. ساهمت الشركة في نشر الحوسبة وتوسيع نطاق استخدامها، مما مهد الطريق للثورة الرقمية التي نشهدها اليوم.
إرث NCSS
على الرغم من أن الشركة الوطنية لخدمات الحاسوب لم تعد موجودة ككيان مستقل، إلا أن إرثها لا يزال ملموسًا. أولًا، ساهمت NCSS في تطوير صناعة خدمات الحوسبة. ثانيًا، ساعدت الشركة في تدريب آلاف المهنيين في مجال الحوسبة، والذين ذهبوا ليصبحوا قادة في الصناعة. ثالثًا، أثرت NCSS على الطريقة التي تفكر بها الشركات في استخدام التكنولوجيا لتحسين عملياتها.
يمكن اعتبار NCSS مثالًا على شركة رائدة في مجالها، فقد قامت بتقديم خدمات مبتكرة في وقتها. إنها مثال على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تغير طريقة عمل الشركات وكيف يمكن للشركات أن تتكيف مع التغيرات التكنولوجية.
خاتمة
كانت الشركة الوطنية لخدمات الحاسوب (NCSS) شركة رائدة في مجال خدمات تقاسم الوقت في الفترة من الستينيات إلى الثمانينيات. قدمت NCSS خدمات الحوسبة للشركات التي لم يكن لديها القدرة على امتلاك وتشغيل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها. من خلال توفير خدمات مثل معالجة البيانات وإدارة قواعد البيانات والتدريب، ساعدت NCSS في نشر الحوسبة وتوسيع نطاق استخدامها في مختلف المجالات. على الرغم من أن الشركة استحوذت عليها دون و برادستريت في عام 1979 وتراجعت مع ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصية، إلا أن إرثها لا يزال حيًا كشركة رائدة في مجالها. ساهمت NCSS في تطوير صناعة الحوسبة وتدريب المهنيين وأثرت على الطريقة التي تفكر بها الشركات في استخدام التكنولوجيا. تعتبر الشركة الوطنية لخدمات الحاسوب مثالًا على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تغير طريقة عمل الشركات وكيف يمكن للشركات أن تتكيف مع التغيرات التكنولوجية.