مقدمة
والتر ألفريد تانر (1878 – 14 يوليو 1958) كان ثاني رئيس للرقابة على الأفلام في نيوزيلندا من عام 1927 إلى عام 1938. ولد في نورثمبرلاند، إنجلترا، وهاجر إلى نيوزيلندا في شبابه. اشتهر تانر بدوره الحاسم في تشكيل معايير الرقابة السينمائية في نيوزيلندا خلال فترة شهدت فيها صناعة السينما نموًا سريعًا وتطورًا كبيرًا.
نشأته وحياته المبكرة
ولد والتر ألفريد تانر في نورثمبرلاند، إنجلترا، عام 1878. لم تتوفر الكثير من التفاصيل حول حياته المبكرة وتعليمه، ولكن من المعروف أنه هاجر إلى نيوزيلندا في شبابه. تشير السجلات المتاحة إلى أنه كان يتمتع بخلفية تعليمية جيدة وأن لديه اهتمامًا بالشؤون العامة والفنون. استقر تانر في نيوزيلندا وبدأ مسيرته المهنية في الخدمة العامة، مما أهله لاحقًا لتولي منصب رئيس الرقابة على الأفلام.
رئيس الرقابة على الأفلام في نيوزيلندا
في عام 1927، تم تعيين والتر تانر رئيسًا للرقابة على الأفلام في نيوزيلندا، خلفًا للرئيس الأول، ويليام بلات. كان هذا التعيين بمثابة نقطة تحول في مسيرته المهنية، حيث أصبح مسؤولاً عن تحديد ما يمكن وما لا يمكن عرضه في دور السينما في جميع أنحاء البلاد. تولى تانر هذا المنصب في فترة شهدت فيها صناعة السينما تطورات كبيرة، سواء من الناحية التقنية أو الفنية، مما جعله يواجه تحديات متزايدة في تحديد المعايير المناسبة للرقابة.
التحديات التي واجهها والتر تانر:
- تطور صناعة السينما: شهدت صناعة السينما تطورًا سريعًا خلال فترة تولي تانر لمنصبه، مما أدى إلى ظهور أفلام تتناول موضوعات جديدة ومثيرة للجدل. كان على تانر أن يواكب هذه التطورات وأن يحدد المعايير المناسبة للرقابة على هذه الأفلام.
- الضغوط الاجتماعية والسياسية: تعرض تانر لضغوط من مختلف الجهات، بما في ذلك الجماعات الدينية والمحافظة، التي كانت تطالب بتشديد الرقابة على الأفلام. في الوقت نفسه، تعرض لضغوط من المدافعين عن حرية التعبير، الذين كانوا يرون أن الرقابة تقيد الإبداع الفني.
- الموارد المحدودة: كان على تانر أن يتعامل مع موارد محدودة، سواء من حيث الموظفين أو الميزانية، مما جعل مهمته أكثر صعوبة.
المعايير التي اعتمدها والتر تانر في الرقابة على الأفلام:
اعتمد والتر تانر مجموعة من المعايير في الرقابة على الأفلام، والتي كانت تهدف إلى حماية الجمهور من المحتوى الذي قد يكون ضارًا أو مسيئًا. شملت هذه المعايير:
- الأخلاق: كان تانر يرفض عرض الأفلام التي تتضمن محتوى غير أخلاقي، مثل العنف المفرط أو المواد الإباحية.
- الدين: كان تانر حريصًا على عدم عرض الأفلام التي تسيء إلى الأديان أو المعتقدات الدينية.
- السياسة: كان تانر يتجنب عرض الأفلام التي تتناول موضوعات سياسية حساسة، خاصة تلك التي قد تثير الفتنة أو الاضطرابات.
- السلامة العامة: كان تانر يرفض عرض الأفلام التي قد تشجع على السلوكيات الخطيرة أو غير القانونية.
أهم القرارات والمواقف
اتخذ والتر تانر العديد من القرارات الهامة خلال فترة توليه منصب رئيس الرقابة على الأفلام، والتي أثرت بشكل كبير على صناعة السينما في نيوزيلندا. من بين هذه القرارات:
- حظر عرض فيلم “All Quiet on the Western Front” (كل شيء هادىء على الجبهة الغربية): في عام 1930، حظر تانر عرض فيلم “All Quiet on the Western Front”، وهو فيلم مناهض للحرب يتناول تجارب الجنود الألمان في الحرب العالمية الأولى. أثار هذا القرار جدلاً واسعًا، حيث اعتبره البعض انتهاكًا لحرية التعبير، بينما دافع عنه آخرون باعتباره ضروريًا لحماية السلامة العامة.
- فرض قيود على عرض الأفلام الأمريكية: في فترة الكساد الكبير، فرض تانر قيودًا على عرض الأفلام الأمريكية في نيوزيلندا، بهدف حماية صناعة السينما المحلية. أثار هذا القرار غضب شركات الإنتاج الأمريكية، التي اتهمت تانر بالتمييز ضدها.
- التصدي للأفلام التي تروج للعنف والجريمة: كان تانر حازمًا في التصدي للأفلام التي تروج للعنف والجريمة، حيث كان يعتقد أنها قد تؤثر سلبًا على الشباب. قام بحظر العديد من الأفلام التي تتضمن مشاهد عنف مفرطة أو تصور الجريمة بشكل إيجابي.
الجدل والانتقادات
لم يكن والتر تانر بمنأى عن الجدل والانتقادات خلال فترة توليه منصب رئيس الرقابة على الأفلام. تعرض لانتقادات من المدافعين عن حرية التعبير، الذين اتهموه بتقييد الإبداع الفني وفرض رقابة مفرطة على الأفلام. كما تعرض لانتقادات من الجماعات الدينية والمحافظة، التي كانت تطالب بتشديد الرقابة على الأفلام.
من بين أبرز الانتقادات التي وجهت إلى والتر تانر:
- التحيز: اتهم تانر بالتحيز في قراراته، حيث زعم البعض أنه كان يفضل الأفلام البريطانية على الأفلام الأمريكية، وأنه كان أكثر تساهلاً مع الأفلام التي تتوافق مع قيمه ومعتقداته الشخصية.
- الغموض: انتقد تانر بسبب عدم وضوح المعايير التي يعتمدها في الرقابة على الأفلام، مما جعل من الصعب على صناع الأفلام معرفة ما إذا كان فيلمهم سيتم حظره أم لا.
- التأثير السلبي على صناعة السينما: زعم البعض أن الرقابة التي يفرضها تانر كانت تؤثر سلبًا على صناعة السينما في نيوزيلندا، حيث كانت تثبط الإبداع وتجعل من الصعب على صناع الأفلام إنتاج أفلام ناجحة.
التقاعد والإرث
تقاعد والتر تانر من منصبه كرئيس للرقابة على الأفلام في عام 1938، بعد أن قضى 11 عامًا في هذا المنصب. ترك تانر بصمة واضحة على صناعة السينما في نيوزيلندا، حيث ساهم في تشكيل معايير الرقابة السينمائية وتحديد ما يمكن وما لا يمكن عرضه في دور السينما. على الرغم من الجدل والانتقادات التي واجهها، إلا أنه يعتبر شخصية مؤثرة في تاريخ السينما النيوزيلندية.
توفي والتر تانر في 14 يوليو 1958.
تأثيره على الرقابة السينمائية في نيوزيلندا
كان لوالتر تانر تأثير كبير على الرقابة السينمائية في نيوزيلندا، حيث ساهم في تشكيل القوانين واللوائح التي تحكم عرض الأفلام في البلاد. يمكن تلخيص تأثيره في النقاط التالية:
- ترسيخ معايير الرقابة: ساهم تانر في ترسيخ معايير واضحة للرقابة السينمائية في نيوزيلندا، مما جعل من السهل على صناع الأفلام معرفة ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
- حماية الجمهور: كان تانر حريصًا على حماية الجمهور من المحتوى الذي قد يكون ضارًا أو مسيئًا، مثل العنف المفرط أو المواد الإباحية.
- دعم صناعة السينما المحلية: اتخذ تانر بعض القرارات التي تهدف إلى دعم صناعة السينما المحلية، مثل فرض قيود على عرض الأفلام الأمريكية.
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن بعض قرارات تانر أثارت جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها البعض انتهاكًا لحرية التعبير وتقييدًا للإبداع الفني.
خاتمة
كان والتر تانر شخصية بارزة في تاريخ الرقابة السينمائية في نيوزيلندا. تولى منصب رئيس الرقابة على الأفلام في فترة شهدت فيها صناعة السينما تطورات كبيرة، وواجه تحديات متزايدة في تحديد المعايير المناسبة للرقابة. على الرغم من الجدل والانتقادات التي واجهها، إلا أنه يعتبر شخصية مؤثرة ساهمت في تشكيل صناعة السينما في نيوزيلندا.